المس في القرآن
أصل المس : اللصوق، مسسته بيدي ، ثم قيل على وجه التمثيل مسه الضر، وقيل: مسته النار، ومس الرجل المرأة إذا جامعها، والمس الجنون، ورجل ممسوس مجنون .
والفرق بين المس واللمس، أن اللمس يكون باليد لتعرف الخشونة أو اللين أو غير ذلك، ويكون المس باليد والحجر وغيره ، وقيل المس كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشيء وإن لم يوجد، والمس يقال فيما يكون معه إدراك بحاسة اللمس.
والمس في القرآن على أربعة أوجه:
الأول: الجماع، ومنه قوله تعالى في الأحزاب: "ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا" وقوله في آل عمران : "قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ" وفي مريم " قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا " وإنَّمَا سمي الجماع مسًّا؛ لأنه مع المس يكون.
الثاني: الإصابة، ومنه قوله تعالى في آل عمران : " إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا " ، وقال في الأعراف: "وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ" أي: أصابتهم الشدة والرخاء ، وقال في ص: "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ" وفي الأنبياء " وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" وفي الحجر "لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ".
الثالث: الجنون، ومنه قوله تعالى في البقرة: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ".
الرابع: المس بالجارحة، ومنه قوله تعالى في طه " قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ " وقال سبحانه في الواقعة: "إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" أراد بالمطهرين الملائكة ، وقيل: لفظه لفظ خبر، ومعناه النهي، أي: لا يمسه إلا طاهر.