الطهارة في القرآن
الطهارة : في الأصل الوضاءة والنظافة . يقال من ذلك تطهر يتطهر فهو متطهر ومطهر فيدغم التاء في الطاء لقرب مخرجيهما .
والطهور اسم ما يتطهر به، والطهور :الماء ، قال ثعلب : الطهور : الطاهر في نفسه المطهر لغيره .
والتَّطَهُّرُ التنزُّه والكَفُّ عن الإِثم وما لا يَجْمُل ، ورجل طاهرُ الثياب أَي مُنَزَّه.
وذكر أهل التفسير أن الطهارة في القرآن على ثلاثة عشر وجها :
أحدها : طهارة المرأة من دم الحيض. ومنه قوله تعالى في البقرة : "فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ " . وفي لسان العرب الطُّهْرُ نقيض الحَيْض ، وطَهُرت المرأَة وهي طاهرٌ انقطع عنها الدمُ.
والثاني : الاغتسال . ومنه قوله تعالى في البقرة: " فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ " ، وفي المائدة : " وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا " .
والثالث : الاستنجاء بالماء . ومنه قوله تعالى في براءة : " فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ " ، ونزلت في أهل قباء وكانوا يستعملون الماء في الاستنجاء .
والرابع : الطهارة من جميع الأحداث والأقذار . ومنه قوله تعالى في الأنفال : "وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ " .
والخامس: السلامة من سائر المستقذرات . أي طهارة نساء أهل الجنة من الحيض والقذر؛ ومنه قوله تعالى في البقرة : " وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ " ، وفي آل عمران : " وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ" .
والسادس : التنزه عن إتيان الرجال . ومنه قوله تعالى في النمل :" أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ " .
والسابع : الطهارة من الذنوب . ومنه قوله تعالى في براءة: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا " ، وفي المجادلة : " فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ " .
والثامن : إبعاد الأوثان والأصنام. ومنه قوله تعالى في البقرة : " أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ " أي طهراه من الأوثان والأصنام ، ومثلها في الحج .
والتاسع : الطهارة من الشرك . ومنه قوله تعالى في عبس :" فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ* مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ " ، وفي لم يكن : " رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً " ويجوز أن يكون؛ (مُطَهَّرَةً) أي: منزهة أن يكون فيها كذب وباطل.
والعاشر : الحلال . ومنه قوله تعالى في هود : " قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ " ، أي : أحل .
والحادي عشر: طهارة القلب من الريبة . ومنه قوله تعالى في البقرة : " ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ "، يريد أطهر لقلب الرجل والمرأة من الريبة . " وفي الأحزاب : "فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ " ، أي من الريبة والدنس " .
والثاني عشر : التقصير . ومنه قوله تعالى " في المدثر " : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " ، أي : وثيابك فقصر لأن تقصير الثياب طهرة لها.
والثالث عشر : تطهير الله العبد من الذنوب. ومنه قوله تعالى في آل عمران: " يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ " أي وطهرك من الذنوب بأن وفقك لمجانبتها. وقوله تعالى في الأحزاب " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" فيه ثلاثة أوجه: الإثم، السوء ، الذنوب . قاله الكلبي , ومعانيها متقاربة.