التأويل في القرآن
التأويل في اللغة : المرجع والمصير
وأصل التأويل من الأول، وهو: الرجوع، يقال: آل الشيء؛ إذا رجع، وأوَّل الكلام تأويلا، إذا رده إلى الوجه الذي يعرف منه معناه، وسمي تفسير الشيء تأويلا، لأنه مآل لبيان معناه .
وذكر أهل التفسير أن التأويل في القرآن على خمسة أوجه :
أحدها : العاقبة ، أي عاقبة الأمر وما يؤول إليه ومنه قوله تعالى في الأعراف: " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ " ، يعني عاقبة ما وعد الله تعالى في القرآن على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام انه كائن يوم القيامة يعني الخير والشر ، نظيرها في يونس: " بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ " وقال تعالى في سورة النساء " ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " أي وأحسن عاقبة . وقال تعالى في سورة الكهف " ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا " يعني عاقبة.
والثاني : اللون ، ومنه قوله تعالى في يوسف: " قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ " ، والمراد بتسميته بألوانه وصفاته؛ كأنه يفسره لهما، فلهذا سماه تأويلا.
والثالث : الملك ، ومنه قوله تعالى في آل عمران:" فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ " ، يعني ابتغاء علم منتهى ملك محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، وذلك أن اليهود أرادوا أن يعلموا ذلك من قبل حساب الجمل متى ينقضي ملكه ويعود إليهم .
والرابع : تعبير الرؤيا ، ومنه قوله تعالى في يوسف: " وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ "، وفيها:" نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ" وفيها " وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ " وفيها " رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ " .
يعني: بجميع ذلك تعبير الرؤيا، وسميت الرؤيا أحاديث؛ لأن منها ما يصح، ومنها ما لا يصح، مثل الأحاديث التي يتحدث بها صدقا وكذبا. فأما رؤيا الأنبياء عليهم السلام خاصة فيقين.
والخامس : التحقيق ، ومنه قوله تعالى في يوسف : " وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ، أراد: تحقيق رؤياي ، وهو حسن، ويجوز أن يكون معناه: تفسير رؤياي .