الظهور في القرآن
الظهور : أصله من العلو، يقال: ظهر فوق البيت إذا علاه ، والظهور ضد الخفاء ، والظهر : الغلبة ،وظاهر الرجل الرجل إذا عاونه فعلا أمره، وهو ظهيره؛ أي: معينه.
وذكر بعض المفسرين أن الظهور في القرآن على ثمانية أوجه :
أحدها : الإبداء . ظهر اي بدا ومنه قوله تعالى في النور : “ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ “ ، وفي المؤمن “ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ “ ، وفي الروم “ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ “ .
والثاني : الاطلاع . ومنه قوله تعالى “ في الكهف : “ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ “ ، وفي التحريم : “ فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ “اي اطلعه الله عليه اي السر الذي افشته حفصة ، وفي سورة الجن : “ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا “ .
والثالث : الارتقاء . ومنه قوله تعالى في الكهف: “ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا “ ، وفي الزخرف : “ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ “ .
والرابع : العلو والقهر . ومنه قوله تعلى في براءة : “ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ “ ، وفي المؤمن : “ يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ “ أي: عالين قاهرين، وفي الصف: “ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ “ .
والخامس : الباطل . ومنه قوله تعالى في الرعد : “ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ “ ، قالوا ومنه قوله تعالى:" يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ" أي: يقولون باطلا ، وأصل هذه الكلمة من قولهم: أنت عليَّ كظهر أمي.
والسادس : بمعنى الإعراض عن الشيء ، " الصدود وترك التعظيم "، ومنه قله تعالى في آل عمران : “ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا “ ، وفي هود : “ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا “ .
والسابع : وقت الظهر . ومنه قوله تعالى في النور :" مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ “ ، وفي الروم : “ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ “ .
الثامن : التظاهر التعاون . ومن قوله سبحانه في سورة التحريم " وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ " يعني تتعاونا عليه كقوله تعالى في سورة الاسراء " وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" يعني عونا وقال تعالى في سورة الفرقان " وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا" أي وكان الكافر معيناً للشيطان وحزبه من الكفرة على عداوة الله ورسله ،وفي سورة الاحزاب" وَأَنزَلَ الذين ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الكتاب مِن صَيَاصِيهِمْ " أي عاونوا الأحزاب من قريش وغطفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين وهم بنو قريظة.