الظلم في القرآن
الظلم : هو وضع الشيء في غير موضعه.
وذكر أهل التفسير أن الظلم في القرآن على ستة أوجه :
أحدها : الظلم بعينه . ومن قوله تعالى في آل عمران : " وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " ، وفي سورة النساء : " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا " . وفيها : " وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا "، في الأنبياء :" فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " ، وفي حم السجدة : " وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " ، وفي الشورى : " إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ " .
والثاني : الشرك . ومنه قوله تعالى في الأنعام : " الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ " ، وفي الأعراف : " أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ " وفي لقمان " يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ".
والثالث : النقص . ومنه قوله تعالى في سورة النساء : " وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا " ، وفي الكهف : " كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا " وفي الأنبياء : " وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ " .
والرابع : يجحدون . ومنه قوله تعالى في الأعراف : " فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ " أي: يجحدون ، وفيها : " ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ " أي: جحدوا بها ، وفي بني إسرائيل : " وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا " يقال: جحد بالشيء؛ إذا أنكر صحته، وجحده؛ إذا أنكر وجوده، كما يقال: جحد حقه.
والخامس : السرقة . ومنه قوله تعالى في المائدة : " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " ، أي : بعد سرقته . وفي يوسف : " قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " ، يعني السارقين .
والسادس : ظلم العبد نفسه ، الاضرار بالنفس ؛ ومنه قوله تعالى في البقرة : " وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ " أي فتصيرا "مِنَ الظَّالِمِينَ" أي الضارين بأنفسكما بالمعصية ، وفيها : " كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " ، وفي الأعراف : " وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " ، وفي هود : " وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ " ، وقوله تعالى في البقرة : " وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ " ونظيرها في فاطر قوله تعالى : "فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ" ويجوز أن يكون المعنى أنه ينقصها الحظ من الثواب والذكر الجميل.