الوجه في القرآن
الوَجْهُ : معروف ، وسمي وجها لأن المواجهة تقع به في غالب الحال ، ومُسْتَقْبَلُ كلِّ شيءٍ وجهه ، والوُجْه الجانِبُ والناحِيَةُ ، ثم يستعار ذلك في كل ما يراد تقديمه على ما سواه ، فيقال : هذا وجه القوم ، وهذا وجه الرأي ، والوجه من الكَلامِ : المَقْصُودُ ، ووجه النهار أوله . وأنشد الزجاج في ذلك :
من كان مسرورا بمقتل مالك *** فليأت نسوتنا بوجه نهار
يجد النساء حواسرا يندبنه *** قد قمن قبل تبلج الأسحار
وذكر أهل التفسير أن الوجه في القرآن على خمسة أوجه :
أحدها : الوجه بعينه ، الوجه المعروف. ومنه قوله تعالى في البقرة : " فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " ، وفي آل عمران : " يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ " ، وفي سورة النساء : " مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا " ، وفي المائدة: " فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ".
والثاني : الدين . ومنه قوله تعالى في النساء : " وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ " ، " أي : أخلص دينه ، وفي لقمان " : " وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ " .
والثالث : الله عز وجل ورضاه، ومنه قوله تعالى في الأنعام : " وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ " ، وفي الكهف: " وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ " ، وفي الروم : " ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ " ، وفي هل أتى: " إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ".
والرابع : الأول . ومنه قوله تعالى في آل عمران : " آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ " .
والخامس : الحقيقة . ومنه قوله تعالى في المائدة : " ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ " ، أي على حقيقتها .