الولي في القرآن

الولي في القرآن

الولي : أصل هذه الكلمة القرب، ومنه ولي الشيء يليه إذا قرب منه، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة ، الولي خلاف العدو.

 

وذكر بعض المفسرين أن الولي في القرآن على أحد عشر وجها:

الوجه الأول: الولي، يعني: الولد. فذلك قوله في مريم: " وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ". يعني: الولد.

الوجه الثاني: الولي، يعني: الصاحب من غير قرابة. فذلك قوله في بني إسرائيل: " وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ". يقول: ولم يكن له صاحب ينتصر به من ذل أصابه. نظيرها فيها، حيث يقول: " وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ " يعني: أصحابا "من دونه" يرشدونه، كقوله في الكهف: " مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا "، يعني: صاحبا، "مرشدا".

الوجه الثالث: الولي، يعني: القريب. فذلك قوله في الدخان: " يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ". يقول: لا ينفع قريب قريبا من الكفار شيئا من المنفعة، وكقوله في الشورى: " وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ "، يعني: أقرباء يمنعونهم "من دون الله" يعني: الكفار، وقال في العنكبوت: " وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ". يعني: قريبا ينفعكم، يعني: الكفار.

الوجه الرابع: الولي، يعني: العصبة. كقوله في النساء " وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ "، وكقوله في مريم: " وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي ". يعني: العصبة.

الوجه الخامس: الولي، يعني: الولي في العون. المعين الناصر فذلك قوله في سورة محمد: " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ "، يعني: وليهم في العون لهم، وكقوله في التحريم: " فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ "،  يعني أعوانا.

الوجه السادس: الولي، يعني: الآلهة. الوثن فذلك قوله في العنكبوت: " مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ". يعني: آلهة. وكقوله في الجاثية: " مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ". وكقوله في الزمر: " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ". يعني الآلهة. وكقوله في الشورى: " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ "، يعني: آلهة.

الوجه السابع: الولي، يعني: ربا. فذلك قوله في الأنعام: " قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ "، يعني: ربا. وكقوله في الأعراف: " وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ". يعني: أربابا. نظيرها في الشورى: " أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "، ، "فالله هو الولي". يعني: هو الرب عز وجل. وقال في الأعراف: " إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ". يعني: أربابا. فأطاعوهم. وقال في الأنعام: " ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ". يعني: ربهم الحق. نظيرها في يونس.

الوجه الثامن: الولاية في الدين وفي بيان الكفر. فذلك قوله في المجادلة: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ". يعني: المنافقين تولوا اليهود في الدين. وقال في المائدة: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ".

الوجه التاسع: الولاية في دين الإسلام. فذلك قوله في المائدة: " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ". وقال في سورة البقرة : " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ "، يعني: في الدين.

الوجه العاشر: أولياء، يعني: المناصحة. فذلك قوله في الممتحنة: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ". يعني: المناصحة: وكقوله في النساء: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ". يعني: في النصيحة. وقال في آل عمران: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء".

الوجه الحادي عشر: الولي، يعني: المولى الذي تعتقه. فذلك قوله في الأحزاب: " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ".