من أساليب الشيطان في إضلال الإنسان
**تزيين الباطل:-
هذا هو السبيل الذي كان الشيطان ،ولايزال،يسلكه لإضلال العباد،فهو يظهر الباطل في صورة الحق،والحق في صورة الباطل،ولا يزال بالإنسان يحسن له الباطل،ويكرهه بالحق،حتىيندفع إلى فعل المنكرات ،ويعرض عن الحق ،كما قال اللعين لرب العزة :{قال ربّ بما أغوتنى لأزينن لهم في اللأرض ولأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين }
يقول ابن القيم في هذا الصدد :(( ومن مكايده أنه يسحر العقل دائماً حتى يكيده،ولايسلم من سحره إلا من شاء الله ،فيزين له الفعل الذي يضره،حتىيخيل إليه أنّه أنفع الأشياء ،وينفره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له،حتى يخيل له أنه يضره ،فلا إله إلا الله،كم فتن بهذا السحر من إنسان ! وكم حال به بين القلب وبين الأسلام والأيمان والأحسان ! وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة ،وشنع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة ! وكم بهرج من الزيوف على الناقد ين ،وكم روج من الزغل على العارفين !)).
وانظر إلى أولياء الشيطان اليوم كيف يستخدمون هذا السبيل في إضلال العباد.
ومن أمثلة ذلك تلك الأفكار المسمومة التي تدعو إلى إيداع المال في البنوك بالربا ؛لتحقيق الأرباح باسم التنمية والربح الوفير.
وتلك الدعوات التي تزعم أن التمسك بالإسلام رجعية وجمود وتأخر .
وتلك الدعوات التي تدعو إلى خروج المرأة كاسية عارية باسم الحرية،وتدعو إلى التمثيل السخيف الذي تداس فيه الأعراض والأخلاق ،وتنتهك فيه الحرمات باسم الفن.
**الأفراط والتفريط:-
يقول ابن القيم في هذا المسألة:((وماأمرالله-عز وجل- بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان:إما تقصير وتفريط ،وإما إفراط وغلو ،فإنه يأتي إلى قلب العبد فيشامه ، فإن وجد فيه فتوراً وتوانياً وترخيصاًأخذه من هذه الخطة ،فثبطه وأقعده ،وضربه بالكسل والتولني والفتور ،وفتح لهباب التأويلات والرجاء وغير ذلك ،حتى ربما ترك العبد المأمور جملة .
وإن وجد عنده حذراً وجداً ،وتميراً ونهضة ، وأيس أن يأخذه من هذا الباب ،أمره بالاجتهاد الزائد ،وسول له أن هذا لايكفيك،وهمتك فوق هذا ،وينبغى لك أن تزيد على العاملين ،وأن لا ترقد إذا رقدوا،وأن لا تفطر إذا أفطروا ،وأن لا تفتر إذا فتروا،وإذا غسل أحدهم يده ووجهه ثلاث مرات ،فاغسل ظظانت سبعاً،وإذا توضأ احدهم للصلاة،فاغتسلأنت لها ،ونحو ذلك من الإفراط والتعدي،فيحمله على الغلو والمجاوزة،وتعدي الصراط المستقيم،كما يحمِلُ الأول على التقصير دونه وألايقربه.
ومقصوده من الرجلين إخراجهما عن الصراط المستقيم :هذا بألا يقربه ولايدتو منه ،وهذابأنيجاوزه ويتعداه، وقد فتن بهذا أكثر الخلق ،ولا ينجي منذلك إلا علم راسخ ،وأيمان وقوة على محاربته،ولوزوم الوسط.والله المستعان)) .
** الوعد والتمنية:-
وهو يعد الناس بالمواعيد الكاذبة ،ويعللهم بالأماني المعسولة ؛كي يوقعهم في وهدة الضلال:{يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشيطن إلا غرورا}.
يعد الكفرة في قتلهم للمؤمنين بالنصر والتمكين والعزة والغلبة ،ثم يتخلى عنهم ،ويولي هارباً:{وإذا زين لهم الشيطن أعملهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما ترآءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برئ~ منكم} .
ويعد الأغنياء الكفرة بالثروة والمال في الآخرة بعد الدنيا ،فيقول قائلهم:{ولئن رددت إلى ربىلأجدن خيراً منها منقلباً}،فيدمر الله جنته في الدنيا، فيعلم أنه كان مغروراً مخدوعا.
ويشغل الإنسان بالأماني المعسولة،التي لا وجود لها في واقع الحياة ،فيصده عن العمل الجاد المثمر ،ويرضى بالتخيل والتمني ،وهو لا يفعل شيئاً.
** تخويف المؤمنين أولياءه:-
ومن وسائله أن يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه ،فلا يجاهدونهم، ولايأمرونهم بالمعروف ،ولا ينهونهم عن المنكر،وهذا من أعظم كيده بأهل الأيمان ،وقد أخبرنا سبحانه عن هذا فقال :{إنما ذلكم الشيطن يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين }.
والمعنلى :يخوفكم بأوليائه ،قال قتادة :((يعظمهم في صدوركم ،ولهذا قال:{فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}.،فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه خوف أولياء الشيطان ،وكلما ضعف إيمانه قوي خوفه منهم)).
** النساء وحب الدنيا :-
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما ترك بعده فتنة أشد على الرجال من النساء ،ولذلك أمرت المرأة بستر جسدها كله إلا الوجه والكفين ،وأمر الرجال بغض أبصارهم،ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخلوة بالمرأة ،وأخبر أنه ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهمازوفي سنن الترمذي بإسناد صحيح :[ المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ].
ونحن اليوم نشاهد عظم فتنة خروج النساء كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم كاسيات عاريات ،قامت مؤسسات في الشرق والغرب تستخدم جيوشاً من النساء والرجال لترويج الفاحشة بالصورة المرئية ،والقصة الخليعة ،والأفلام التي تحكي الفاحشة وتدعو لها !
أما حب الدنيا فهو رأس كل خطيئة ،وما سفكت الدماء ،وهتكت الأعراض ،وغصبت الأموال ،وقطعت الأرحام ،.... إلا لأجل حيازة الدنيا ،وصراع على حطامها الفاني ،وحرصاً على متعها الزائلة.
** تهاون المسلمين في تحقيق ما أمروا به :-
إذا ألتزم المسلم بإسلامه فإن الشيطان لايجد سبيلاً لأضلاله والعبث به ،فإذا تهاون وتكاسل في بعض الأمور ،فإن الشيطان يجد فرصة ، قال تعالى :{يأ يها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين }.
فالدخول في الإسلام في كل الأمور هو الذي يخلص من الشيطان ،فمثلاً إذا كانت صفوف المصلين مرصوصة ،فإن الشياطين لا تستطيع أن تتخلل المصلين ،فإذا تركت فُرج بين الصفوف ،فإن الشياطين تتراقص بين صفوف المصلين ؛ففي الحديث :[أقيموا صفوفكم،لا تتخللكم الشياطين كأنها أولاد الحذف] . قيل يا رسول الله :وما أولاد الحذف ؟ قال: [جُرد بأرض اليمن ]. رواه أحمد والحاكم بإسناد صحيح .