يقدر
حجم الأرض بحوالي مليون كيلو متر مكعب ، ويقدر متوسط
كثافتها بحوالي5,52 جرام للسنتيمتر المكعب، وعلي ذلك
فإن كتلتها تقدر بحوالي
الستة آلاف مليون مليون مليون طن,، ومن الواضح أن هذه
الأبعاد محددة بدقة وحكمة بالغتين ، فلو كانت الأرض أصغر
قليلا لما كان في مقدورها الاحتفاظ بأغلفتها الغازية,،
والمائية، وبالتالي لاستحالت الحياة الأرضية, ولبلغت
درجة الحرارة علي سطحها مبلغا يحول دون وجود أي شكل من
أشكال الحياة الأرضية، وذلك لأن الغلاف الغازي للأرض به
من نطق الحماية ما لا يمكن للحياة أن توجد في غيبتها،
فهو يرد عنا جزءا كبيرا من حرارة الشمس وأشعتها المهلكة،
كما يرد عنا قدرا هائلا من الأشعة الكونية القاتلة،
وتحترق فيه بالاحتكاك بمادته أجرام الشهب وأغلب مادة
النيازك، وهي تهطل علي الأرض كحبات المطر في كل يوم.
ولو كانت أبعاد الأرض أكبر قليلا من أبعادها الحالية لزادت
قدرتها علي جذب الأشياء زيادة ملحوظة مما يعوق الحركة،
ويحول دون النمو الكامل لأي كائن حي علي سطحها إن وجد،
وذلك لأن الزيادة في جاذبية الأرض تمكنها من جذب المزيد من
صور المادة والطاقة في غلافها الغازي فيزداد ضغطه علي سطح
الأرض، كما تزداد كثافته فتعوق وصول القدر الكافي من
أشعة الشمس إلي الأرض، كما قد تؤدي إلي احتفاظ الأرض
بتلك الطاقة كما تحتفظ بها الصوب النباتية علي مر الزمن
فتزداد باستمرار وترتفع حرارتها ارتفاعا يحول دون وجود أي
صورة من صور الحياة الأرضية علي سطحها.
ويتعلق طول كل من
نهار و
ليل الأرض وطول سنتها، بكل من بعد الأرض عن
الشمس، وبأبعادها ككوكب يدور حول محوره,، ويجري في مدار
ثابت حولها.
فلو كانت سرعة
دوران الأرض حول محورها
أمام الشمس أعلي من سرعتها الحالية لقصر طول اليوم
الأرضي( بنهاره وليله) قصرا مخلا، ولو كانت أبطأ من
سرعتها الحالية لطال يوم الأرض طولا مخلا، وفي كلتا
الحالتين يختل نظام الحياة الأرضية اختلالا قد يؤدي إلي
إفناء الحياة علي سطح الأرض بالكامل، إن لم يكن قد أدي
إلي إفناء الأرض ككوكب إفناء تاما، وذلك لأن قصر اليوم
الأرضي أو استطالته( بنهاره وليله) يخل إخلالا كبيرا
بتوزيع طاقة الشمس علي المساحة المحددة من الأرض،
وبالتالي يخل بجميع العمليات الحياتية من مثل النوم
واليقظة، والتنفس والنتح، وغيرها، كما يخل بجميع
الأنشطة المناخية من مثل الدفء والبرودة، والجفاف
والرطوبة، وحركة الرياح والأعاصير والأمواج، وعمليات
التعرية المختلفة، ودورة المياه حول الأرض وغيرها من
أنشطة، كذلك فلو لم تكن الأرض مائلة بمحورها علي مستوي
مدار الشمس ما تبادلت الفصول، وإذا لم تتبادل الفصول
اختل نظام الحياة علي الأرض.
وبالإضافة إلي ذلك فإن تحديد
مدارالأرض حول الشمس بشكله البيضاني
( الاهليليجي), وتحديد وضع الأرض فيه قربا وبعدا
علي مسافات منضبطة من الشمس يلعب دورا مهما في ضبط كمية
الطاقة الشمسية الواصلة إلي كل جزء من أجزاء الأرض وهو من
أهم العوامل لجعلها صالحة لنمط الحياة المزدهرة علي
سطحها، وهذا كله ناتج عن الاتزان الدقيق بين كل من
القوة الطاردة ( النابذة )
المركزية التي دفعت بالأرض إلي خارج نطاق الشمس,
وشدة جاذبية الشمس لها، ولو اختل هذا الاتزان بأقل قدر
ممكن فإنه يعرض الأرض إما للابتلاع بواسطة الشمس حيث درجة
حرارة قلبها تزيد عن خمسة عشر مليونا من الدرجات
المطلقة، أو تعرضها للانفلات من عقال جاذبية الشمس فتضيع
في فسحة الكون المترامية فتتجمد بمن عليها وما عليها، أو
تحرق بواسطة الأشعة الكونية، أو تصطدم بجرم آخر، أو
تبتلع بواسطة نجم من النجوم، والكون من حولنا مليء
بالمخاطر التي لا يعلم مداها إلا الله( تعالي), والتي
لا يحفظنا منها إلا رحمته( سبحانه وتعالي) ويتمثل جانب
من جوانب رحمة الله بنا في عدد من السنين المحددة التي
تحكم الأرض كما تحكم جميع أجرام السماء في حركة دقيقة
دائبة لا تتوقف ولا تتخلف.