مجموعة المكتبيين العرب-أليس هذا انتحاراً للأمة؟

الصفحة الرئيسية دليل المواقع Call to Islam اتصل بنا
الموضوعات التقنية الموضوعات الدينية الحياة الزوجية وتربية الأطفال المكتبات والمعلومات
التعليم في بلادنا أخبار محلية أخبار عالمية سجل الزائرين

أليس هذا انتحاراً للأمة؟

يحكى أن حكيماً قديماً شغل نفسه بالتفكير في تكون الأمم ومصائرها. وقد حدث
يوماً، أن جاءه طلبته، فأحاطوا به في حلقة ذات جلال وهيبة، وتقدم أحدهم
بكل هدوء واحترام، فسأل الحكيم: سيدي. إننا ما جئناك إلا بعد أن أخذ
الإعياء منا مأخذاً شديداً. كنا نتناقش أنا ورفاقي واشتد بنا الجدال حول
شروط تكون الدولة ومقوماتها التي تجعلها ذات مكانة في التاريخ. وقد
اختلفت آراؤنا، وتباينت نظراتنا، فرغبنا أن نلجأ إليك وأنت الحكيم الذي
قضى عمره في التفكير في هذه المشكلة الأخلاقية السياسية، راجين أن تتكرم
علينا بغيض من فيض حكمتك.‏

قال الحكيم: يا طلاب الحكمة. إن الحديث في هذا الأمر يطول، ولكني أختصره
اختصاراً لأني أراكم تعبين من الجدال والمناقشة.. تخبرنا حكمة التاريخ أن
الأركان الرئيسة للدولة لا تتجاوز ثلاثة أركان: القيم، والقوت، والجيش.‏

فسأله طالب آخر: سيدي. إذا اقتضى الأمر أن نضحي بواحد من هذه الأركان
الثلاثة، فبأيها نضحي؟ فأجاب الحكيم: نضحي بالجيش، ونبقي على القوت
والقيم.‏

وهنا، وجه طالب ثالث سؤالاً إلى الحكيم: سيدي. إذا اقتضت الضرورة أن نضحي
بأحد هذين الركنين الباقيين، فبأيهما نضحي.. بالقيم أم بالقوت؟ فقال
الحكيم: يا بني. إننا، بالضرورة، نضحي بالقوت، ونبقي على القيم.‏

إلا أن طالباً رابعاً أخذه العجب، فسأل الحكيم سؤالاً كان آخر الأسئلة: لماذا
نضحي بالقوت.. أليس هذا انتحاراً للأمة؟ فقال الحكيم: لا تأسف يا بني إذا
ذهب القوت وبقيت القيم، فبالقيم يعيش أفراد الأمة. وبين الأمة وأفرادها
ندبر القوت ونوفره، ونعيد بناء الجيش وندافع به. أما إذا ضاعت القيم،
فقد ضاع القوت، وضاع الجيش، ولا سبيل إليهما بعد ذلك كله إلا بإعادة القيم(
1).‏


المصدر: د. عبد الوهاب محمود المصري - موقع أفكار