مجموعة المكتبيين العرب-كيف اعتدت الشرطة المصرية على الصحفية عبير

الصفحة الرئيسية دليل المواقع Call to Islam اتصل بنا
الموضوعات التقنية الموضوعات الدينية الحياة الزوجية وتربية الأطفال المكتبات والمعلومات
التعليم في بلادنا أخبار محلية أخبار عالمية سجل الزائرين

كيف اعتدت الشرطة المصرية على الصحفية عبير

"كنت أظن ما حدث لي في 25 مايو من العام الماضي حادثا عابرا على الرغم
من بشاعته، إلا أن ما حدث لي يوم الخميس الماضي فاق ما تعرضت له المرة
الماضية".

بهذه الكلمات التي خرجت مرتعشة من فمها، حاولت "عبير العسكري" الصحفية
بجريدة "الدستور" المصرية (خاصة) وصف ما تعرضت له من اعتداء على يد رجال
الشرطة بعد اختطافها، معاقبة لها على محاولتها تأدية عملها الصحفي،
وتغطية محاكمة قاضيين إصلاحيين يوم 11 مايو 2006، وكأن شهر مايو أصبح
موسما للاعتداء على الصحفيات والناشطات في مصر.

المشهد الافتتاحي

نزلت عبير من سيارة الأجرة التي كانت تستقلها في شارع عبد الخالق ثروت
بوسط القاهرة الساعة الثامنة صباحا، ولكنها لم تستطع أن تخطو خطوة واحدة
بعد باب السيارة.

لم يكن مشهد قوات الأمن الذين أغلقوا الشارع وأفرغوه من البشر هو ما
ألجمها عن الحركة، ولكنها المفاجأة عندما وجدت رجالا يهجمون عليها
ويأخذونها بالقوة لسيارة الشرطة.

وتروي عبير لـ"إسلام أون لاين.نت" اليوم الثلاثاء 16-5-2006 فتقول: "ضربوني
ضربا مبرحا، ثم زجوا بي في سيارة زرقاء وتأكدت أنهم كانوا ينتظرونني
عندما سمعت أحد الضباط يتكلم في هاتفه النقال ويقول: "خلاص يا باشا..
البنت معانا دلوقتي.. رايحين بيها على القسم".

وتتساءل عبير مندهشة: "لم يكن في ذهني أو في حقيبتي أو حتى حبر قلمي خطة
جاهزة لقلب نظام الحكم.. فلماذا اختطفوني؟".

وما إن انتهى الضابط من مكالمته الهاتفية، حتى كثفت العناصر الأمنية من
وصلات الاعتداء عليها بالضرب والركل إلى أن وصلت السيارة إلى قسم شرطة
السيدة زينب بالعاصمة، فحاولت الصحفية المنهكة من الضرب الاستغاثة
بالمارة في الشارع وقالت بأعلى صوتها: "أنا صحفية"، لكنها أغيثت بوابل
من الضرب والشتائم البذيئة من المخبرين، وقال الضابط بصوت عال ليثني
المارة عن مجرد التفكير في نجدتها: "دى ممسوكة في قضية آداب ولسه
جايبنها من شقة مفروشة!" (مشبوهة)، ثم جذبوها من شعرها بعد أن خلعوا
حجابها.

المشهد الثاني


تنتقل عبير إلى المشهد الثاني من مسلسل التنكيل بها.. حجرة مظلمة ذات
رائحة كريهة في القسم أدخلت إليها عنوة بينما المؤثرات المرئية والصوتية
المصاحبة لكل مشاهد القصة -الضرب والسباب- لا تزال تتواصل كما تروي عبير.

وتسرد قائلة: "داخل الحجرة انهالوا عليَّ بالضرب مجددا تحت إشراف ضابط
وبخهم لعدم قيامهم بعملهم كما يجب، فقاموا على إثر تلك الملاحظة بتمزيق
ملابسي غير أنه لم يقنع (الضابط) بذلك فقام بنفسه بركلي وصفعني على وجهي
عدة مرات حتى كدت أفقد الوعي، وخاطبني بلهجة تهديد ووعيد قائلا: "في نفس
الأوضة (الغرفة) لقيت نفس الجرعة رشا عزب وندا القصاص وأسماء علي".

وكان الضابط يشير إلى ناشطات بحركة "كفاية" وصحفيات تم حبسهن 15 يوما
على ذمة التحقيق في تهم تتعلق بإهانة الرئيس والتجمهر وتعطيل المرور،
والاعتداء على ممثلي السلطة التنفيذية (الشرطة والأمن المركزي) خلال
مظاهرات تضامنية سابقة مع القضاة جرت الأحد 7-5-2006.

ووسط تدفق اللكمات والسب والركل، فوجئ رجال الأمن بهاتف عبير وهو يرن
فانتزعوه منها وأغلقوه، فقالت لهم: "كده زملائي بالصحيفة عرفوا أني اتقبض
عليّ"، وهنا طلب الضابط من أتباعه المخبرين إلقاءها في الشارع، مهددا
إياها بألا تظهر وسط البلد مرة أخرى "وإلا ...".

وطلب من المخبرين اصطحابها حتى كورنيش النيل حتى تعود إلى منزلها
بملابسها الممزقة في ضاحية المعادي جنوب القاهرة.

سجادة صلاة

وخلال المسافة من قسم الشرطة وحتى كورنيش النيل، واصل المخبرون وليمة
الضرب والسب على مرأى ومسمع من المارة، مدعين أنها "مسجلة جرائم آداب"،
وتركوها بالقرب من كورنيش النيل فلجأت إلى متجر حيث ألقى عليها صاحبه
سجادة صلاة لستر جسدها، وهاتفت زملاءها في مقر الصحيفة، غير أن المخبرين
عادوا ليهددوا صاحب المحل الذي اضطر لأن يطلب من عبير المغادرة لتجنب
المشاكل.

وتحكي عبير: "خرجت من المحل أبحث عن مكان أستتر به، فوقفت أمام مقر معهد
الأورام في نفس المنطقة في انتظار زملائي بالجريدة الذين جاءوا ليأخذوني
إلى مقر الجريدة بالقاهرة".

وكانت عبير المصابة بخلع في الكتف وكدمات في أنحاء متفرقة من جسدها جراء
الاعتداء عليها قد قدمت بلاغا للنائب العام ضد وزير الداخلية والضباط
المتورطين في الواقعة، وتنتظر عرضها على لجنة طبية وتقول: "أنا متأكدة
بأنهم سيحفظون القضية، وسيضيع حقي مثلما حدث في الواقعة الأولى".

وقرر النائب العام حفظ التحقيق في بلاغات مماثلة من ناشطات وصحفيات
ومحاميات --كانت من بينهن الصحفية عبير العسكري -- تعرضن لانتهاكات
وتجاوزات من عناصر أمنية و"بلطجية" خلال مظاهرات جرت يوم 25 مايو 2005
احتجاجا على الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور الذي يسمح بأكثر
من مرشح لانتخابات الرئاسة، إلا أنه يضع قيودا كثيرة على الترشح تحجم
المنافسة لصالح مرشح الحزب الحاكم، بحسب المعارضة.

"لن أسكت"


وتقول عبير، وعلامات التحدي على وجهها تخفى وراءها جرحا مؤلما: "لن أسكت
تلك المرة، وسأصعد الأمر، وسأستمر في فضح ممارسات النظام حتى لو اضطررت
للسفر لعرض قضيتي في الخارج".

وأضافت: "بل أنا مستعدة لتكبد أكثر مما رأيته في سبيل تأدية عملي، وفضح
الانتهاكات التي ارتكبت بحقي وحق آخرين".

بدوره، يقول خالد البلشي، مساعد رئيس التحرير بصحيفة "الدستور": "لدينا
محامون يتابعون القضايا التي رفعتها الجريدة ضد النظام المصري، ونحاول
الآن دراسة اللجوء للمحاكم الدولية الخاصة بحقوق الإنسان".

وأكد أن الصحيفة مستمرة في حملتها على الحكومة التي "تنتهك حقوق الإنسان
وتعتدي على القضاة والصحفيين".


المصدر: أحمد عطا- إسلام أون لاين.نت