الصفحة الرئيسية | دليل المواقع | Call to Islam | |
الموضوعات التقنية | الموضوعات الدينية | المكتبات والمعلومات | |
التعليم في بلادنا | أخبار محلية | أخبار عالمية | سجل الزائرين |
العنوان: ألمانيا قريبا في حضن أمريكا - اليمين يعتزم مراقبة أنفاس المسلمين والعرب
التاريخ : Oct 9, 2005
المصدر: وليد الشيخ -برلين / جريدة الأسبوع
نص الموضوع :
هل
تقف ألمانيا علي أبواب مرحلة تراجع بعد نوع من التحول الاستراتيجي في
سياستها الخارجية الذي طرأ عليها منذ وصول شرودر للسلطة عام 1998؟ ربما
يكون هذا هو السؤال الجوهري الذي يهم محللي السياسة الدولية في ظل
الصراع الذي يستمر لأسابيع بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة شرودر
والاتحاد المسيحي بزعامة انجيلا ميركل وقبل ساعات من إعلان تشكيل الحكومة
الألمانية الجديدة بعد فشل كل من الحزبين الكبيرين في تشكيل ائتلاف بمفرده.
وذلك بعد أن كان وصول شرودر للسلطة قد أحدث تحولا نوعيا ليس فقط في
السياسة الخارجية الألمانية.. بل في العقل والإدراك والوعي الألماني بأسره،
خاصة أنه أكد ومنذ وصوله للسلطة عام 1998 أن ألمانيا يجب عليها أن تتخلي
عن تواضعها الناتج عن الماضي النازي البشع، كما أن عليها أن تسعي وراء
مصالحها كأمة طبيعية.
والمشكلة أن معظم العرب وللأسف لا يولون هذه الانتخابات ونتائجها الاهتمام
الذي تستحقه رغم أن أثرها علي السياسة الدولية ومستقبل الاتحاد الأوربي
وبالذات علي قضايا العالم العربي الإسلامي سيكون ذا أهمية بالغة، وهو ما
بدا واضحا في دخول الموضوعات الشائكة في قلب الحملة الانتخابية الألمانية!
ولعلنا نشير في عجالة سريعة إلي أن المشاكل الاقتصادية التي واجهت الائتلاف
الألماني الحاكم في العامين الأخيرين هي التي أدت لتراجع شعبيته بصورة
كبيرة بسبب اصرار المستشار شرودر علي إدخال اصلاحات جوهرية علي هيكل
الاقتصاد الألماني ليتمكن من الاستمرار في قيادة الاتحاد الأوربي في
المستقبل، الأمر الذي أدي إلي ارتفاع معدل البطالة وزيادة الأعباء المالية
علي المواطنين وبالذات فيما يتعلق بزيادة الضرائب وخفض التأمينات
الاجتماعية.
لكن ما يهمنا هو المساحة التي يحتلها العالم العربي والإسلامي في ملف
السياسة الخارجية الألمانية ومدي تغيرها في حالة سيطرة الاتحاد المسيحي
علي مقاليد السلطة في البلاد، خاصة أن شرودر كان قد اتخذ مواقف لمصلحة
العرب وهو ما تجلي في اصراره علي اختيار العالم العربي كضيف شرف لمعرض
فرانكفورت الدولي للكتاب وبالذات في عام 2004 وقبل شهر واحد من
الانتخابات الأمريكية ليوصل رسالة واضحة هي الاصرار علي التحاور مع العالم
العربي الإسلامي ورفض أي حديث عن الصراع.
هذا إلي جانب الدور المؤثر لشرودر في مسألة بدء المفاوضات مع تركيا
واصراره علي ضمها للاتحاد الأوربي رافضا أن يكون مجرد ناد مسيحي.
أما فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني ورغم أن ألمانيا هي عضو في
الترويكا الأوربية التي تقود المفاوضات مع إيران لاقناعها بالتخلي عن
تفعيل برنامجها النووي، إلا أنها سربت وبأكثر من طريقة أنها ولأسباب تتعلق
بمصالحها الوطنية وارتباطاتها الاقتصادية الضخمة مع إيران.. لا توافق علي
فرض أي عقوبات اقتصادية علي إيران.
أما فيما يتعلق بالسلام في الشرق الأوسط فإن الحكومة الألمانية حاولت أن
تلتزم بنوع من التوازن في علاقاتها بطرفي الصراع رغم الإرث التاريخي الخاص
لها تجاه اليهود بعدما حدث في الحرب العالمية الثانية والذي تعتبره جميع
الأحزاب الألمانية خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، إلا أن وزير الخارجية فيشر قام
بجهود مكثفة لتهدئة الأوضاع بين الجانبين بل إن خطة خارطة الطريق هي من
الأساس مبادرة كان هو الذي قدم أفكارها الأساسية.
وفيما يتعلق بمعاملة الجالية المسلمة في ألمانيا فقد تعرضت لبعض
الصعوبات بعد الحادي عشر من سبتمبر إلا أننا نعترف بأن العدالة هي التي
كانت تسود في النهاية مع كل من يلقي القبض عليه من المنظمات المحظورة أو
المشتبه بعلاقتها بجماعات متطرفة.
بالمقابل فقد كانت المعارضة اليمينية بزعامة انجيلا ميركل قد أيدت إلي حد
كبير الغزو الأمريكي للعراق رغم معارضتها للمشاركة المباشرة فيها بل
ووجهت انتقادات حادة لموقف شرودر القاطع الذي قالت إنه أضر بالعلاقات
الألمانيةالأمريكية، كما أنها ترفض انضمام تركيا للاتحاد الأوربي بصورة
قاطعة وتعرض بدلا من ذلك ما تسميه 'الشراكة المتميزة' معها باعتبار أن
الاتحاد الأوربي كان ويجب أن يظل ناديا مسيحيا يعتمد ويقوم علي القيم
المسيحية، أما موقفها من إيران فهو يكاد يتقارب مع موقف الحكومة إلا أنها
تتشدد إزاء ضرورة عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي مهما كانت
الظروف، أما فيما يتعلق بملف الشرق الأوسط فقد عبرت عنه ميركل مؤخرا في
مقابلة لصحيفة ها آرتس الاسرائيلية محاولة من ناحيتها مغازلة أصوات
اليهود في ألمانيا ورجال المال والأعمال في ألمانيا بتأكيدها أهمية علاقة
ألمانيا بإسرائيل وبأنها كالكنز الذي لا يمكن التفريط فيه.
أما فيما يتعلق بالجاليات الإسلامية في ألمانيا فتسعي المعارضة اليمينية
لاستمرار تشديد القوانين إلي الحد الذي طالب فيه جونتر بكشتاين وزير
داخلية ولاية بايرن والذي يحتمل أن يحصل علي منصب وزير داخلية ألمانيا في
حالة فوز المعارضة بتشديد المراقبة التليفزيونية حتي داخل المساجد،
وبقيام أئمة المساجد وقادة الجمعيات الإسلامية بالابلاغ عن أي متطرف في
صفوفهم دون البحث عن حل حقيقي لحالة الاغتراب التي يشعر بها الطرفان تجاه
بعضهما البعض.
والمشكلة تظل بعد فشل كلا الحزبين في تشكيل ائتلاف بمفرده أنه لم يعد هناك
بديل أمامهما للخروج من حالة الحصار المتبادل الراهنة التي أحدثت حالة
من الجمود باتت تسيطر علي الساحة السياسية الألمانية سوي الدخول في ائتلاف
كبير يضمهما معا لكن أكثر أزمة واجهت مثل هذا الائتلاف هي هوية المستشار
فيه حيث ظل كل من شرودر وميركل يؤكدان أحقيتهما في هذا المنصب..
إلا أن كثيرا من المحللين لا يرون العقبة الأساسية هنا تتعلق بالخلاف بين
الحزبين حول من هو الأحق بمنصب المستشار بل بمدي الاختلافات الكبيرة في
برامجهما وسياساتهما، وأن كليهما لا يعرف بالضبط ما الذي يريد أن يفعله
مع الآخر.