صورة رائعة لملكة جمال - مجموعة المكتبيين العرب

الصفحة الرئيسية دليل المواقع Call to Islam اتصل بنا
الموضوعات التقنية الموضوعات الدينية الحياة الزوجية وتربية الأطفال المكتبات والمعلومات
التعليم في بلادنا أخبار محلية أخبار عالمية سجل الزائرين

العنوان: صورة رائعة لملكة جمال

التاريخ : Aug 5, 2005

المصدر:  وسام كمال من فريق الاستشارات الإيمانية - إسلام أون لاين.نت

نص الموضوع :

الجمال ليس مرادا يسعى إليه النساء والرجال معا. لا يا أختي لن أقول لك
هذا، ولن ألوم علي أي إنسان أن يحب أن يري الجمال من حوله في كل مكان،
فالنفس تنفر من كل قبيح وتأمل أن يكون كوكب الأرض بقعة سحرية من الجمال
تزين هذا الكون المظلم بمجراته اللانهائية.

سلي أي عابر: ماذا تحب أن تري؟

سلي الأعين: لماذا ضعفت قوة أبصارنا وفسدت بصائرنا؟

سلي الكون: لماذا تلوثت وانقلبت موازينك ؟

سلي الأنفس: لماذا ضاق بك العيش في الدنيا؟

ستجدين الجواب حتما يتطلع إلي الجمال حيث كان.....

ولكن أي جمال ينبغي أن نتحدث عنه؟ هل اختصرت معناه في ملامح الوجه وقوام
الجسد؟ لو كان الأمر في إسعاد الآخرين وكسب حبهم يقتصر علي جمال الشكل
والهيئة ما شقت الأنفس؟

انظري بعين حالك إلي الجميلات شكلا: هل هن الأسعد؟ هل لا تخلو حياتهن من
مشاكل؟ هل شفع لهن حسنهن في إبعاد الحزن والآلام عن قلوبهن؟

أعذرك علي هذا التصور عن الجمال: فكثيرون من حولنا لا يهتمون إلا بمظهر
الإنسان لا جوهره، فعندما يتقدم رجل لفتاة؛ أول ما يسأل عنه: ماذا لديك؟
ويكون السؤال المتأخر: ماذا عنك؟. الأغاني والدراما التليفزيونية تحتفي
بالجمال، وتظهر المرأة الجميلة التي تتبرج وتظهر جسدها للأغراب هي الأوفر
حظا، وأن المرأة السعيدة هي التي يطاردها الرجال.

والأغاني لا تتوقف عن وصف جسد المرأة، تمنيت كثيرا أن أسمع مطربا يتغني
بقدرة المرأة علي الكفاح معه وتحمل أعباءه وأعباء أولاده، وأنها خير
الصديق ورفيق الطريق. بدلا من أن يكتفوا بمغازلة الرموش والوجوه
و.....!!!!

نلوم علي الإعلام ؛ ونلوم علي النظرة الاجتماعية التي شاعت بين الناس في
تقييم الآخرين؛ هذه محظوظة النصيب في الزواج لأنها جميلة وورثت من أهلها
كذا وكذا، والله أعلم ما وراء الأبواب!

ولا أخفي عليك أن تغيير هذه التصورات تحتاج لنقلة اجتماعية كبيرة؛ ولعدم
الأخذ بالانطباع الأول في تقييم الناس والحكم علي أخلاقهم وجوهرهم من
سلوكياتهم لا من ملابسهم ومظاهرهم. وهذا يتطلب نقلة إيمانية سابقة لها؛ لأن
الإيمان يغرس في النفوس بصيرة قادرة علي تحليل الأشياء بشكل متعمق وليس
سطحيا. فإيمان العصا السحرية التي تعيد للناس قدرتهم علي التواصل مع
الحياة ببعد نظر؛ وهو الذي يجعلنا نستوعب الآخرين، وننتظر منهم الأحسن في
أخلاقهم وأفعالهم، ولا نركن علي مظاهرهم في تلبية احتياجاتنا.

وعندما تقولين إن الله يحب الجمال فأنت لم تدركي ما الجمال الذي يحبه الله،
الله يحب عباده كلهم، لأنه خلقهم ونفخ في أبيهم (آدم عليه السلام) من روحه؛
فكيف لا يحبهم؟

ولكنه الجمال الذي يحبه الله في البشر؛ هو جمال الروح الطاهرة التي لم
تلوث فطرتها بفعل الشهوات واختبارات الحياة، "إن الله تعالى لا ينظر إلى
صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (صحيح مسلم وابن
ماجة عن أبي هريرة). ويقول الرسول في حديث أبي سعيد: "إن الله تعالى جميل
يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويبغض البؤس والتباؤس".

وقد تحدث العلماء في معنى " إن الله جميل " فقالوا : يعني أنه المجمل ،
وقيل معناه : جميل الأفعال بكم , باللطف والنظر إليكم , يكلفكم اليسير من
العمل, ويعين عليه, ويثيب عليه الجزيل, ويشكر عليه.

تتمنين يا سيدي أن تكوني جميلة ( فائقة الجمال) ولكن هل تظنين أن أحدا
يحتكر الجمال؛ فلا توجد سيدة تملك ما أوتيت النساء من جمال علي وجه الأرض،
لأن الجمال نسبي، وكل امرأة لها نصيب من الجمال مختلف عن أي امرأة أخري،
واحمدي الله أنك لست قبيحة، بل (تظنين أنك لست جميلة ) فليس ما تشكين منه
إلا هاجس يسيطر عليك وليس بصواب، ألم تتزوجي ويرضي بك زوجا رفيقة الليل
والصباح، المشكلة أنك لو كنت في الهيئة التي تأملين أن تكوني عليها لن
تكوني أيضا سعيدة، لأن السعادة في الرضا والقبول بالواقع وقضاء الله بنفس
راضية؛ وقلب مطمئن إلي متاع غير متناه في جنات الله التي أخرها لنا في
الآخرة، فكما قلت لك أختي أنك لو كنت أجمل مما أنت عليه لن تكوني سعيدة
لأن منطق الغيرة يسيطر علي وجدانك؛ وليس شرطا أن يكون الحاقد علي الآخرين
والدائم الغيرة منهم أقل منهم.

وإنما الجمال الذي يحبه الله؛ هو جمال نوره في نفوس عباده المخلصين؛ الذين
يحبون الله ويتمنون لقاءه ويرضون بقضائه ولا يتنكرون لمعروفه؛ يقول الله
تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ
فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى
الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ
اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن
يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
(المائدة:54).

أختي مني .. أذكر نفسي وإياك أن الجمال الجسدي وإن كان يفتن لوقت؛ إلا
أنه يزول ويشيخ البدن قبل أن يموت ليعطي لممجدي الجسد عظة بأن ما خلق
الجسد ليمجد؛ والدليل علي زيف الأجساد والمظاهر هو ما آل إليه بعض
الفنانين بعدما كبروا ووجدوا من كانوا ينصبونهم علية القوم؛ ينتقدونهم
ويشدوا عنهم الرحال....

وإذا كنت لست جميلة أو أولادك كذلك فهذا قدرك؛ ولابد أن تصبري لتري الله من
نفسك خيرا ورضاء بما قسمه لك؛ فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال: "‏مثل‏ المؤمن مثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه
البلاء، ومثل المنافق كشجرة ‏‏الأرزة‏ ‏لا تهتز حتى تستحصد".

وقد سمعت جدي يصبر أحدا علي قضائه؛ ويقول له: "إن صبرتم شكرتم؛ وقضاء الله
نافذ. وإن ما صبرتم كفرتم وأيضا قضاء الله نافذ". وعن الصبر علي القضاء
قال الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه أنس عن رسول الله صلي الله عليه
وسلم: "إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو في ولده أو في ماله
فاستقبله بصبر جميل، استحييت يوم القيامة أن أنصب له ميزانا، أو أنشر له
ديوانا".

فكفا أن ذلك سيكون في ميزان حسناتك؛ لأن المؤمن يجازيه الله علي كل دقيقة
صبر؛ فيقول الرسول صلي الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ حتى
الشوكة يشاكها، إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة".

ولا ينبغي أن تكون عينيك علي ما أعطاه ربك لغيرك؛ حتى لا يتطور بك الأمر
وتحقدي علي الناس؛ وقد قال الدكتور محمد البهي الأستاذ بجامعة الأزهر(رحمه
الله ) في خطورة حسد الآخرين :

إن الغِلَّ والحقد والحسد وما شابَهها من الصفات السوداء للنفس البشرية هي
مصادر الشَّرِّ في المجتمع الإنساني. وهى في الوقت ذاته عوامل هدم وقضاء على
الفرد والمجتمع معًا. فالفرد الحَقُود لا يعرف البناء بل طابَعه السلبيَّة
ومحاولة تحطيم مَن هو أحسن منه وضعًا أو حالاً بعد أن يحطِّم نفسَه هو.
والمجتمع الذي يَشيع فيه خُلق الحِقد لا يعرف الوحدة ولا يصل يومًا ما إلى
التماسُك. وكل ما له من عمل هو تبادُل التمزُّق حتى الفناء كمجتمع أو كأمّة.
وقد رأى بعض المذاهب الفلسفيّة المادِّيّة علاجَ الحقد في المجتمع البشريّ بين
أفراده بإبراز رُوح الصِّراع وتعميق معالمه وآثاره في النفوس وشحنها
بالبغضاء والكراهية ضد بعضها بعضًا. وهو علاج أشبه بعلاج إطفاء النار
بزيادة فاعليتها في الحريق وتوسيع رُقعتها في الهدم والإبادة.
والحقد في النفس البشريّة وإن كان يُتْرجم أزمة فيها بسبب أو بآخر كالتطلُّع
إلى ما في يد الغير مع العجز البدني أو الإراديّ أو الذهني عن اللَّحاق بهذا
الآخر. فالإيمان بأنَّ في طَيّات العُسر وفي وقت المِحْنَة يوجد اليُسْر والفرَج
وأنَّ
اليُسْر والفرَج يتفجَّر من العسر كما يتفجَّر النهار من الليل. هذا الإيمان
كَفيل ألاَّ يجعل ضيق النفس بالأمر يتحوَّل إلى حِقد على الغير وتَمَنِّي زوال
نعمته. وبذلك يصون طاقاتِه من التبديد ثم يوجِّهها إلى ما فيه بناء نفسه
وخير غيره.

وذلك ما يعنيه قوله تعالى في هذه السورة: { فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا إِنَّ
مَعَ
العُسْرِ يُسْرًا}.
وعلى أيّة حال يجب على الإنسان - لكي لا يجعل للحقد مكانًا فيها يسود منه
على تصرُّفاته- أن يشغل الفراغ لديه بالعمل المُجدي، ما يكاد ينتهي من حلقة
فيه إلا ويستأنف الجِدَّ لحلقة أخرى. ويكون في جميع ما يعمل متَّجِهًا إلى الله
وحده يستلْهِم منه استمرار الإيمان، والقوة على العمل أو العون على صفاء
النفس وهذا معنى قوله جل شأنه:{ فإذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ. وإِلَى رَبِّكَ
فَارْغَبْ}
(الشرح: 7ـ 8). فبالإيمان الذي يحمل على العمل والاتجاه إلى الله وحده تصفو
النفس وتبعُد عنها ظلمة الحقد وسلبيته.

وختاما؛

أقول لك يا حبيبتي في الله؛ حاولي أن تكوني امرأة مختلفة؛ فليس الجمال هو
الذي يقدر النساء، وليست من تفوز بتاج ملكة جمال (الكون) هي أجملهم
وأحسنهم وأفضلهم عند الله عز وجل؛ لأن الجمال هبة من الله. فكيف نقيم الناس
علي منح الله لهم؛ لا علي ما جنته أنفسهم من إصلاح للنفس وحسن الأخلاق
والتعامل مع الناس.

قولي لي بربك: هل المرأة الطبيبة التي تعالج الناس وهي قليلة الجمال أحب
للناس وإلي الله؛ أم تلك الفاتنة التي لا تعرف المعروف مع الناس ولا تهتم
سوي بزينتها وجذب الآخرين لها والمباهاة بما ليس من صنيعها؟ أمن تداوي
الناس الأغلى والأطهر والأقوى نفسا، أم من لا تبالي سوي بزينتها . ومن تجمع
بين الاثنين فهي في مزيد من فضل الله ونعمته لأنها لم تكتف بهبة الرب وإنما
سعت إلي فضله بحسن الخلق.

سيدتي التواقة إلي الجمال؛ لقد قرأت ذات مرة وصف د.مصطفي محمود – الكاتب
والطبيب المصري الشهير عن الجمال والقبح؛ فقال :إن كلاهما ما إن يتعود
عليه الإنسان يزول، بمعنى أنك عندما ترين إنسانا جميل الشكل يثير في نفسك
الإعجاب إلي فترة من الزمن؛ لا يكون بعدها الجمال هو سيد الموقف في تقييمك
له، لأن سحر الجمال مع التعود يزول. والقبح الذي ينفر منه الناس يزول بعد
التعود؛ فتصبح الأخلاق والسلوكيات هي المحك الحقيقي للإنسان.

فإن أردت أن تكوني جميلة؛ فأحسني في خلقك وارض بقضاء ربك؛ لأن هذا الجمال
الحقيقي؛ لذلك كان الرسول الله صلي الله عليه وسلم إذا نظر في المرآة
قال: "الحمد لله الذي حسن خلقي وخلقي، وزان مني ما شان من غيري".

نور الله بصيرتك وحسن خُلقك كما حسن خَلقك.