مجموعة المكتبيين العرب-كارثة اللازواج

الصفحة الرئيسية دليل المواقع Call to Islam اتصل بنا
الموضوعات التقنية الموضوعات الدينية الحياة الزوجية وتربية الأطفال المكتبات والمعلومات
التعليم في بلادنا أخبار محلية أخبار عالمية سجل الزائرين

كارثة اللازواج

الذي لا شك فيه هو أن أقوى غريزة لدى أي مخلوق حي هي ما تتعلق بحفظ النفس
كالطعام والشراب والبعد عما يتلفها، ثم تأتي بعدها غريزة حفظ النوع، وإلا
فلن تدوم الحياة أكثر من جيل واحد. والجسد مقهور بهرمونات صارمة لا تعرف
المزاح ولا أنصاف الحلول، هرمونات تتدفق في الدم وتمتزج بكل ذرة في الجسد
لتلهمه طلب نصفه الآخر.. فقد كانت اللحظة التي عرف فيها الإنسان – ذلك
الكائن الفاني – الموت هي نفس اللحظة التي قاومه فيها بأرق ما في الوجود
: الحب.
واقعية الإسلام
ولا حيلة لأي مخلوق حي في تجاهل هذه الغريزة.. ومن عظمة الإسلام كتشريع
عليم باحتياجات البشر أنه تعامل بواقعية شديدة معها.. فكان الزواج سنة
المصطفى، وحينما ظن بعض أصحابه فضلا في مقاومة تلك الغريزة قال لهم بوضوح
أنه أعلمهم بالله واتقاهم له وهو يتزوج النساء فمن رغب عن سنته فليس
منه.. وكان هذا أكبر تهديد يمكن أن يتلقاه مؤمن.
بل إن من يقرأ كتب السيرة تدهشه تلك البساطة التي كان يتم تناول بها هذا
الأمر، فكان إشباع تلك الغريزة ميسورا بالزواج من واحدة وبالتعدد
وبالتسري، وكان المجتمع من حولهم نظيفا دون مثيرات.. كان الله في عون
شبابنا وسط هذا الكم من العري الملون.
السباحة ضد التيار
فلنكن صرحاء مع أنفسنا.. الرغبة في الجنس الآخر فطرة مركبة فينا من
الخالق عز وجل وليس فيها ما يخجل أو يستدعي الاعتذار.. والمجتمع الغربي
حل هذه المشكلة بطريقته التي نعرفها جميعا.. أما عندنا فليس أمام الإنسان
المتدين – في حالة عدم تلبيته هذه الغريزة الكاسحة بالطرق المشروعة – إلا
أحد أمرين:
الأولى مخالفة الشرع بدرجات تتفاوت حسب درجة مخافته من الخالق عز وجل،
بدءا من خائنة الأعين إلى اللمس الحرام، وصولا إلى الزنا والعياذ بالله..
والثانية - في أفضل الأحوال- المقاومة، واستنفاذ طاقات الإنسان فيما لا
لزوم لاستنفاذه.. هذه الطاقة التي يجب أن توجه إلى إعمار الأرض والقيام
بمقتضيات الخلافة، لا لمقاومة غريزة مشروعة وضعها الله تعالى فينا
لاستبقاء النوع والتكاثر على الأرض.
من أجل هذا كله أقول إن إحصائيات العنوسة في مصر (تسعة ملايين عانس
تجاوزن الثلاثين) قنبلة لن تكتفي بنسف المجتمع، وإنما ستجرف معه الكثير
من قيمنا الدينية والاجتماعية ما لم نتغير ونغير الكثير من ممارساتنا
الخاطئة التي أدت إلى هذا الوضع المخيف.
لم تقولون ما لا تفعلون ؟
الكل يعرف أسباب عدم الزواج وبرغم ذلك فإن أحدا لا يصنع شيئا ولا نكف –
في الوقت نفسه - عن التغني بأمجاد المجتمع الإسلامي الأول دون أن نحاول
استلهامه.. وقتها لم يكن واردا أن تبقى امرأة بغير زواج، فمهما تواضع حظ
المرأة من الجاذبية أو حظ الرجل من الرزق فالكل كان يتزوج قانعا بالمتاح
ولو كان قليلا.
والفقر هو السبب الرئيسي بالطبع، ولكنه كان موجودا أيضا في المجتمع
الإسلامي الأول حتى أن أشرف الخلق – سيد قومه - كان يربط بطنه بحجر
لاتقاء الجوع و يصرع الجوع سيدنا بلال فيظنون به جنه وما به إلا الجوع.
لم يصل بنا الفقر إلى هذا الحد ولكننا نحن الذين تغيرنا..
نحن والغرب
والمدهش أنه حتى في عصرنا الحاضر فإن الزواج أيسر في الطبقات الفقيرة عنه
في الطبقة الوسطى المعذبة بالتناقضات، الحائرة بين السماء والأرض.. فتيات
الريف يقنعن بالمتاح وفتاة الطبقة الوسطى تريد أن تبدأ حياتها من حيث
انتهى والداها وتتجاهل قيم الكفاح والصبر.. مجتمع استهلاكي بلا أي عقل
وكأن الحياة لم تكن ممكنة من قبل هذه الاختراعات التي دفعتنا لأعمال لا
نريدها من أجل شراء أشياء لا حاجة لنا بها.
فتاة الطبقة الوسطى تريد أثاثا فاخرا ومنزلا متسع مجهز بكافة الكماليات
وحفل زفاف تهدر فيه عشرات الآلاف في الفنادق الكبرى بلا عقل لمجرد
التفاخر (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا)، وتصم فيه الآذان من فرط الضجيج
بحجة أنها ليلة العمر.
وحتى في المجتمعات الغربية المتقدمة فالأمر بسيط جدا.. منزل صغير
بإمكانيات عادية تتطور مع إنجاب الأطفال وتقدم العمر وتراكم المدخرات..
يحدث هذا رغم فارق الإمكانيات الشاسع بيننا وبينهم وكأن التكلف مرادف
للتخلف والبساطة مرادفة للتقدم الحقيقي..
وتنتظر الفتاة العريس المعجزة الذي لا يأتي غالبا وتواصل الأيام رحلتها
وتضيع النضارة وتعرف مرارة العنوسة فيطيش صوابها وتقبل بأدنى مما رفضته
سابقا.. بل ربما دفعها الجزع من العنوسة لتنازلات محزنة.
طيب ما كان من الأول يا بنات !!!!!


المصدر: أيمن محمد الجندي - إسلام أون لاين