مسكن يربي
مهندس / حمد اللحيدان
يترك المكان أثرا في
النفس ويزرع فيها معان تربوية تبقى
ردحا من الزمن مما يؤكد ان العناية
بعملية التصميم للمسكن امرا بالغ
الاهيمة لكي يساعد المسكن – المكان-
في غرس تلك المعاني تربوية النافعة
و يثبربتها. ان بامكان أي منا ان
يتخيل بعضا من تلك المعاني التربوية
التي يريد ان يغرسها في ابنائه ومن
ثم يطلبها من المصمم ويطلب منه ان
يدلل على وجودها و ثبات معناها في
التصميم. و يمكن القول ان التصميم
المعماري يمر عبر مراحل متعددة
أولها ان يتخيل الشخص ذلك المكان
الذي يرغب ان يعيش فيه وليس بالضرورة
ان يكون مفصلا ، ثم يبث ذلك الخيال
للمصمم ويعطيه ما يرغب ان يكون
مسكنه وهي المرحلة التالية من
العمل الجاد للمعماري في ابداع عمل
يحقق خيال ساكنيه، و من ثم تأتي
المرحلة التي تليها وهي الوصول الى
اتفاق بوضع ذلك على شكل مخططات
مرسومة وعند اكتمالها يمكن البناء
والتنفيذ . ولذا فانه يمكن لنا ان
نسرح بالخيال قليلا لنتلمس جوانب
مكانية تساعد على التربية بشكل كبير
لتضاف الى المسكن فتكسبه تكسبه تلك
المعاني. فمثلا احترام الجار للجار
وعدم الكشف لعوارتهم ، ان هذا الادب
يجب ان يغرس في التصميم حال كونه
فكرة لا ان يترك حتى اذا ما انتهى
التنفيذ بدء الجار بالشكوى من جاره و
لذا فان الطلب من المصمم ان يحترم
الجار و يشعر الابناء بان التصميم وضع
بهذا الشكل كي نحترم الجار و نحافظ
على عدم الكشف لمسكنه هو ما يغرس تلك المعنى
طيلة السكن فيه. و لا يفهم ان يكون
الحل بشكل يسيء الى التصميم او ان
نبني غرفا لا نوافذ لها ولكن لن يعدم
المصمم المعماري المسلم ان يجد حل
مناسبا لذلك الامر. ودائما اوصي من
يريد ان يشرع في بناء المسكن بان
يقوم بعمل بمحاكاه- سيناريو- للواقع
الذي يرغب ان ينتقل اليه لا الواقع
الذي يعيش فيه ويكن له ان يشارك في هذا
السناريو بقية افراد العائلة وذلك
بعرض النشاطات التي تقوم العائلة
بادائها في المسكن ( النوم ، الراحة،
المؤانسة ، اسقبال الضيوف ، الصلاة ،
الاكل ، الطبخ ، الغسيل ، الزراعة ...
الخ ) حتى تكتمل الصورة بشكل واضح
للجميع . ولعلي اضرب لذلك مثلا فبعض
العائلات تجتمع في المسكن لتتناول
طعام الغداء في صاله المعيشة وهي
مكان غير مهيأ لذلك النشاط مما يجعل
وقت ذلك النشاط قصيرا للغاية ، و لذا
فحين نرغب في تصميم مسكن اخر ننتقل
اليه لابد ان نوجد – نصمم – للسفرة
مكان و يكون مهيأ لذلك النشاط اليومي
وفرصة جميلة لاستغلال ذلك اللقاء بالعمل
على اطالته . ان التركيز على اضافة
مكان مناسب لطعام العائلة ( السفرة)
يعد اسلوباً عملياً يساعد على
اطالة وقت تناول الطعام مما يتيح
للاسرة ان تستمتع بوقت اطول للحديث و
ايجاد فرص للمناقشة وحلول بعض
المشاكل خصوصاً ان بعض الاسر قد لا
تلتقي جميعاً الا في هذا الوقت. اما
حين يغب عن اذهاننا و نغفل ذلك المكان
ونتجاهل صنعه فان اثره يمتد طوال السنين
و وعندها نجد انفسنا نصنع الطعام
لساعات ومن ثم نلتهمه في دقائق و نفوت فرصة
تربوية بسب ان الطعام هيئ في مكان لا
يحتمل ان نطيل البقاء فيه.
إعداد م/عارف سمان - موقع مركز المدينة للعلم والهندسة © - اتصل بنا لأي مشكلة أو اقتراح |