مستقبل احتياجات العالم من الطاقة
في نظرة مستقبلية على احتياجات العالم من الطاقة اتجاه استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء إلى انخفاض شروط مختلفة يجب توافرها إذا ما كان لهذه الطاقة النووية أن تعزز وجودها .
وتلعب الطاقة النووية دورا مهما في الإمدادات العالمية من الطاقة. ففي العام ،1998 وفر نحو 434 مفاعل نووي تعمل في 31 دولة أكثر من 16% من الكهرباء العالمية، وأسهمت بذلك في تجنب نحو 8% من الانبعاثات العالية للكربون. وبلغت خبرات التشغيل المتراكمة لمفاعلات الطاقة النووية أكثر من 9000 عام. وقد بدأ تحسن اجراءات السلامة والاعتمادية لمحطات الطاقة النووية واضحا خلال العقد الماضي من مؤشرات الأداء الرئيسة.
إن الطلب العالمي على الطاقة، وخاصة على الكهرباء، يشهد تزايدا متواصلا بفعل النمو في أعداد السكان والاقتصادات في الدول النامية، ويتوقع سيناريو متحفط من مجلس الطاقة العالمي أن يتضاعف الطلب العالمي على الكهرباء ثلاث مرات خلال السنوات الخمسين المقبلة.
وقد دفع القلق بشأن ارتفاع درجة حرارة الأرض والتغير المناخي، الدول الصناعية إلى الموافقة على تخفيض الانبعاثات من الغازات الضارة بطبقة الأوزون التي هي من صنع الإنسان، بما ينسجم مع الأهداف التي تم تحديدها في بروتوكول كيوتو. وقد أعلنت دول أخرى تعهدات طوعية مماثلة. وتستحوذ الطاقة المنتجة من أنواع الوقود الحفرية على نحو نصف الغازات الضارة المنبعثة بفعل الإنسان.
وفي حين أن هناك آمالا كبيرة معلقة على مصادر »نظيفة« للطاقة، فإن الحقيقة هي أنه باستثناء الطاقة النووية أو الكهربائية المائية (التي لديها قدرة نمو محدودة)، فإنه لا يوجد حتى الآن خيار آخر قابل للتحقيق اقتصاديا وذو انبعاث قليل من الغازات الضارة لتوليد الطاقة الكهربائية على نطاق واسع. وعلاوة على ذلك، يتنبأ مجلس الطاقة العالمي أنه حتى مع وجود مخصصات ودعم هائلين للبحث، فإن المصادر غير التقليدية القابلة للتجديد والتي تستحوذ على 1% من الإمدادات العالمية للطاقة لن تنمو إلى أكثر من 3 إلى 6% من الإمدادات العالمية بحلول العام 2020.
والتحدي العالمي يتمثل في تطوير استراتيجيات تساعد على تحقيق مستقبل ثابت للطاقة يكون أقل اعتمادا على مصادر الطاقة الحفرية. وتحتاج خيارات الطاقة للمستقبل أن تأخذ بعين الاعتبار الأهداف والجداول الزمنية لتخفيض الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون. وبالنسبة للكثير من الدول سيبقى تنوع مصادر الطاقة أولوية أساسية للأمن القومي.
وعلى أساس هذه الاعتبارات، بمقدور المرء أن يتوقع أن تنمو الطاقة النووية كجزء أساسي في الاستراتيجيات الوطنية للطاقة من أجل التنمية الثابتة إلى جانب الاستخدام المتزايد للمصادر المتجددة واستخدام أفضل للوقود الحفري وكفاءة أكبر في نظام الطاقة. إلا أن الاحصاءات والتوقعات الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى عكس ذلك. فالطاقة النووية تمر بحالة من الجمود في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، وتنمو في بعض الاقتصادات السريعة النمو في آسيا وفي أجزاء من أوروبا الشرقية. وبشكل إجمالي، فإن حصة الطاقة النووية من الإمدادات العالمية للكهرباء يتوقع أن تنخفض إلى نحو 13% في العام ،2010 وإلى نحو 10% في العام 2020.
وهناك تحديان رئيسان يواجهان الطاقة النووية، ففي العديد من الدول يعتبر القلق الشعبي حول السلامة النووية، خاصة إدارة المخلفات، عاملا حاسما في ما يتعلق باتخاذ قرارات لبناء محطات جديدة. وتعتبر السلامة النووية مسؤولية وطنية إلى جانب كونها هما عالميا، ووجود سجل عالمي ثابت للسلامة، خاصة بعد تشيرنوبيل، سيكون برأيي بمثابة عامل حاسم بالنسبة للدور المستقبلي للطاقة النووية. ولتحقيق مثل هذا السجل هناك حاجة لتعاون دولي وثيق من قبل الجميع ولمصلحة الجميع. إن التعاون الدولي في الاستخدام الآمن للطاقة النووية مطلوب لتهدئة المخاوف الإقليمية ولنشر الممارسات الأفضل وزيادة البحوث والتطور المتعلقين بالسلامة إلى أقصى درجة وتبني آليات التعاون التقني. ويجب ألا ينظر إلى هذا التعاون على أنه تعد على السيادة الوطنية وإنما، على العكس من ذلك، كاستثمار في مستقبل الطاقة النووية.
وأعتقد أن المجتمع الدولي يسير في المسار الصحيح بدعمه لجهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تبني نظام سلامة نووي شامل مؤلف من معاهدات ملزمة ومعايير إجراءات سلامة حديثة للمساعدة في تطبيق تلك المعاهدات والمعايير.
وتعتبر معايير السلامة المتفق عليها أداة أساسية ودليلا مهما للمنظمين المحليين. وبحلول العام ،2001 تتوقع الوكالة إنهاء التحضير أو المراجعة للمجموعة الكاملة من معايير السلامة للتأكد من أنها شاملة وحديثة علميا. وهذه ينبغي الحفاظ عليها تحت مراجعة منتظمة.
وتعتبر إدارة النفايات أحد مصادر القلق البارزة لدى العامة مع أن إحدى أفضليات الطاقة النووية على مصادر الطاقة الأخرى هي الحجم الصغير للنفايات التي تنتجها. وتتطلب الإدارة الآمنة للمخلفات موارد مالية كافية وأنظمة كافية للسيطرة على جميع المصادر الإشعاعية. أما في ما يتعلق بالإدارة والتخلص النهائي من النفايات عالية المستوى الاشعاعي، فإن هناك حاجة لاتخاذ قرارات ببناء مستودعات نهائية لتخزينها. ويمكن تأجيل هذه القرارات ولكن لا يمكن تجنبها، فكميات النفايات والوقود المستهلك في تزايد مستمر. ويوافق الخبراء على أن الحلول الفنية موجودة للتخلص الآمن والدائم من النفايات النووية. ولكن الجمهور لن يقتنع بأن مسألة النفايات قد تم حلها إلا إذا لمس ثمار الحلول على أرض الواقع.
والنتيجة هي أن الثقة العامة لا يمكن فصلها عن السلامة النووية. والسلامة النووية لا يمكن الإعلان عنها فقط وإنما يجب اثباتها. وقد لا تكون هناك أسئلة ليس لها إجابة في إدارة السلامة في دائرة الوقود النووي برمتها.
لقد وضعت التغيرات العميقة في تركيبة القطاع العالمي للكهرباء وخاصة تحرير السوق والخصخصة والتنافس المتزايد أولوية قصوى لتحقيق كفاءة أكبر من جانب مشغلي المحطات النووية ومزودي محطات الطاقة النووية. ومن الضروري ألا يكون هناك تضحية في شؤون السلامة من أجل تحقيق الربح. والحذر المتواصل مطلوب من جانب السلطات التنظيمية المحلية لضمان استمرار مشغلي المحطات في تكريس الموارد الضرورية لتعيين الموظفين والتدريب والصيانة ولضمان التزامهم التام بإجراءات التشغيل المتبعة.
والنقطة الثانية هي أن الاستثمار في البحث والتطوير يعتبر المفتاح لتحقيق كفاءة وثقة أكبر في السلامة وعدم الانتشار وتلبية حاجات السوق الجديدة. إن التحديات التي تواجهها الطاقة النووية تتطلب بحثا علميا وتقنيا، لا من أجل تحسين تقنية دائرة الوقود النووي الحالية فحسب، وإنما أيضا من أجل تطوير تقنية للمفاعلات ودورة الوقود وتصاميم جديدة لإدارة النفايات النووية. وسيساعد التعاون الدولي من أجل هذه الأهداف في الاستغلال الأقصى لموارد البحث الشحيحة والاستغلال الأفضل للبنى التحتية الدولية للبحوث النووية.
أما النقطة الثالثة فتتعلق بأهمية التقويم الموضوعي لخيارات الطاقة المتاحة. فاختيار الطاقة النووية وخليط معين من الطاقة، هو قرار وطني يتخذ في ضوء الأولويات والاعتبارات القومية. وإذا ما أخذنا جديا خطر التغيرات المناخية العالمية، فإن تحليل التأثيرات البيئية كانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والملوثات الأخرى وتضمينها في الدراسات التقويمية المقارنة لخيارات الطاقة يجب أن يكون على رأس الأولويات.
ومن جانبها، تسهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العمل الذي تقوم به الهيئة الدولية حول التغيرات المناخية، وتعمل مع الأمم المتحدة ومنظمات أخرى للتحضير لتقويم عالمي للطاقة تقوم به لجنة الأمم المتحدة حول التنمية الثابتة في العام 2001. وهدفنا في ذلك هو أن تحظى الطاقة النووية بفرصة كاملة وعادلة.
قبل ثلاثة عقود، كانت الطاقة النووية تعتبر طاقة المستقبل، أما اليوم فإنها تقع على مفترق طرق في معظم أنحاء العالم. ولا أعتقد أن الاعتبارات البيئية العالمية هي وحدها التي تقف وراء احتمال عودة الاستثمار في توليد الطاقة النووية، إذ يعتمد مدى إسهامها الإيجابي في التنمية الثابتة على ضمان استخدامها الآمن والسلمي.
إن التحديات التي يواجهها مستقبل الطاقة النووية تتطلب استجابة فعالة من قبل المجتمع الدولي. وينبغي أن تركز ثقافة السلامة العالمية في البحث وبرامج التطوير على تكنولوجيا نووية أكثر أمانا وكفاءة وعلى التزام أقوى بسياسة الحد من انتشار الأسلحة النووية ونزع السلاح النووي، حيث أن هذه الأمور كفيلة ببناء الثقة العامة بالطاقة النووية
توصيات مهمة لمؤتمر
الطاقة السنوي
عقد
في منتف شهر يونيو الماضي في مدينة
بوسطن الامريكية المؤتمرالسنوي
التسعون حول الطاقة ونعني بالطاقة
هنا الطاقة اللازمة لتكييف معيشة
الانسان سواء طاقة كهربائية لتشغيل
انظمة التكييف او طاقة حرارية لتشغيل
انظمة التدفئة شتاء.
حرص على حضور هذا المؤتمر عدد غير
قليل من المهتمين بشئون الطاقة في
الولايات المتحدة ان مؤتمراً كهذا
يجدر بنا ان نتتبع ونناقش مضامينه
لنستخلص منه التوصيات المناسبة
لتطبيقها في بلداننا في المشرق
العربي. لقد خرج هذا المؤتمر بوصايا
عديدة منها: 1ـ ضرورة الخروج عن الطور
التقليدي في انتاج الطاقة
الكهربائية ان معظم محطات توليد
الطاقة الكهربائية تقوم بعملية
احراق الوقود لتشغيل المولدات
الكهربائية ثم يتم الاستفادة من
الطاقة الحرارية المهدورة لتوليد
المزيد من الطاقة الكهربائية اما في
منطقة الخليج فإن الطاقة الحرارية
المهدورة يتم استغلالها في تحلية
المياه (وهي عملية ضرورية وبدونها
سيكون الحصول على المياه باهظ الثمن)
. ان التوجه السائد اليوم في معظم
البلدان الامريكية والاوروبية (السويد,
فرنسا, الدنمارك) هو بروز شركات خدمات
الطاقة بحيث تفي باحتياجات الطاقة (سواء
كهربائية, حرارية) على حسب الطلب طوال
العام. ففي فصل الصيف حيث الحاجة
الماسة لانظمة التكييف المركزي, تقوم
هذه الشركات بانتاج المياه المبردة
وتوزيعه من المحطة الرئيسية عبر شبكة
انابيب رئيسية الى كل مبنى او مؤسسة
بحيث تلغي الحاجة الى امتلاك انظمة
التكييف التقليدية. وفي فصل الشتاء,
تقوم هذه الشركات بتوزيع البخار
لاستخدامها في انظمة التدفئة وبهذا
التنوع فقد تمكنت شركات انتاج الطاقة
من تجزئة الحمل الكهربائي بحيث اصبح
دور المولدات الكهربائية مقتصراً
على انتاج الطاقة الكهربائية
اللازمة للانارة وتشغيل الاجهزة
الكهربائية والمستلزمات المنزلية.
اما بالنسبة للطاقة اللازمة لتشغيل
انظمة التدفئة والتبريد فقد أوكلت
مهمة توفير الطاقة لها الى الطاقة
الحرارية الكامنة في عوادم الاحتراق.
وبهذا فقد تم تقليص سعة المولدات
الكهربائية الى درجة كبيرة, اضافة
الى تقليص حجم شبكات النقل والتوزيع.
2 ـ من الوصايا التي خرجت بها اللجان
المتنوعة من المؤتمر هو ضرورة الحاجة
الى تمييز المباني التي تطبق اساليب
خفض الطاقة. وقد عرضت مؤسسة EPA والتي
تعودنا رؤية شعارها على شاشات
الكمبيوتر المطبقة لبرنامج تخفيض
الطاقة والمحافظة على البيئة
اسلوباً مميزاً بابتكار ملصق معدني
يحمل شعار Energy Star يوضع عند مدخل
المباني التي طبقت انظمة خفض الطاقة,
مما سيساعد المستأجرين من تقييم
المباني قبل التعاقد على استئجارها
او شرائها. ومن ضمن الامثلة الحيوية
على انتشار فكرة (الطاقة الموسمية,
اذا صح التعبير اي انتاج الطاقة حسب
متطلبات كل فصل من فصول السنة) هو
محطات الطاقة الكهربائية لكل من
جامعة هارفارد والكلية التكنولوجية
MIT وهما من اعرق واشهر الجامعات
الامريكية ومقرهما في مدينة بوسطن
الامريكية (مقر المؤتمر) .
فكرة مبسطة عن هاتين المحطتين: تحتوي هاتين المحطتين على: ـ مولدات كهربائية. ـ مراحل استعادة الحرارة (غلايات لتوليد البخار باستخدام حرارة العوادم) . ـ انظمة تبريد مركزية (17000 طن تبريد لجامعة MIT, 31000 طن تبريد لجامعة هارفارد) . 1 ـ تقوم المولدات الكهربائية بانتاج الطاقة الكهربائية اللازمة لتغذية مباني ومؤسسات الجامعة. 2 ـ الطاقة الحرارية الكامنة من مخلفات الاحتراق يتم استعادتها بحيث يتم انتاج البخار. 3 ـ يتم نقل البخار مباشرة في فصل الشتاء عبر شبكة انابيب بحيث تتصل بمباني الجامعة ليتم تشغيل انظمة التدفئة شتاء بها. 4 ـ في فصل الصيف يتم استغلال البخار في المحطة وذلك بامراره على انظمة التكييف المركزية حيث تتصل المياه المبردة الى مباني الجامعة عبر شبكة أنابيب. 5 ـ يتم تزويد المباني والمؤسسات الاخرى والقريبة من مباني الجامعة بنفس الشبكة. 6 ـ نسبة الكفاءة في هذه المحطات تتجاوز حاجز الـ 80%. وجدير بالذكر بأن الولايات المتحدة ليست هي الوحيدة في هذا المجال, ففي ماليزيا تم انشاء محطة مماثلة في مطار كوالالمبور وقد عبرت عنه مجلة (MPS) Modern Power System البريطانية بأنها المحطة الباردة في المنطقة. لقد خرج المؤتمر بوصايا عديدة لسنا هنا بصدد ذكرها نظراً لتطور موضوع خدمات الطاقة في الولايات المتحدة كما خرج بوصايا حول موضوع البيئة وضرورة وعي مؤسسات التطوير العقاري بالمستجدات الضرورية التي تفرضها جمعية حماية البيئة على انظمة ومواد البناء بشكل عام وعلى انظمة التكييف واستهلاك الطاقة بشكل خاص. وجدير بالذكر ان الشركة الوطنية للتبريد المركزي (تبريد) تقوم حالياً بدراسات لانشاء مجموعة من محطات التبريد المركزية على مستوى الدولة, حيث سيتم افتتاح المحطة الاولى والتي تعمل بنظام الغاز الطبيعي خلال الاسبوع الحالي, علماً بأن الاستهلاك الكهربائي لاجهزة التكييف المركزي بها لا يتعدى 15% من استهلاك انظمة التكييف التقليدية. كما انه يتم بناء محطة تبريد مركزية اخرى لتوفير خدمة التبريد لاحد الاحياء التجارية. كما ان (تبريد) تشارك مشاركة فعالة في المؤتمرات الدولية والمحلية والتي تتحدث عن ترشيد استهلاك الطاقة حيث تشارك في هذا الاسبوع في حلقة دراسة حول سبل تخفيض استهلاك الطاقة للمشاريع العمرانية وذلك في فندق البستان روتانا.
مجلة البيان
http://www.albayan.co.ae/albayan/1999/10/30/eqt/14.htm
إعداد م/عارف سمان - موقع مركز المدينة للعلم والهندسة © - اتصل بنا لأي مشكلة أو اقتراح |