الانسجام
وإذا
تشاجر في فؤادك مرة أمران ،
فاعمد للأعف الأجمل
لكل إنسان عدد من الشخصيات المخبوءة في داخل نفسه . فأنت مثلا موظف ، ورب
أسرة ، وعضو النادي الرياضي ، وتمارس الكتابة ، وتطمح أن يكون لك عمل تجاري إضافي
لزيادة دخلك . أي أن لك خمس شخصيات متنوعة . ولكل جانب من جوانب حياتك هذه متطلبات
من الاهتمام والوقت والجهد . فهل يسمح وقتك أن تؤدي وظيفتك بجدارة ، وان تعطي
زوجتك وأولادك حقهم من الرعاية والاهتمام ، وان تمارس رياضتك المفضلة ، وان تكتب
وتكون كاتبا مجيدا ، وان تقوم بعمل تجاري إضافي لحاجتك إلى دخل إضافي ؟ إذا كنت
تعطي كل ذي حق حقه من هذه الشخصيات الخمسة الموجودة في داخلك ، ولا تشعر بأنك (
موزع ) ، أو انك في صراع داخلي ، فانك في حالة انسجام Congruence . ولكن في الحالات
كثيرة لايكون الأمر كذلك . وهنا
نقول بان الإنسان هو في حالة عدم انسجام ( مع النفسه) . فيصبح موزع الفكر ، مشتت
الضمير ، كلمه غيرمطابق لسلوكه ( لم تقولون ما لا تفعلون ) . وإذا كان الانسان في
حالة عدم انسجام داخلي فان فاعليته تكون ضعيفة . ويمكن هنا أن يسأل المرء نفسه :
ماهي الحصيلة التي يريدها ؟ لان حالة الانسجام أو عدم الانسجام مرتبطة ارتباطا
وثيقا بالحصيلة . فهل يريد هذا الإنسان أن يكون موظفا ناجحا ، أو أبا ممتازا ، أو
رياضيا لامعا ، أو كاتبا شهيرا ، أو تاجرا مرموقا ؟ ربما يكون الجواب أنه يريد ذلك
كله . لا بأس في ذلك ، ولكن ماهي الحصيلة النهائية التي يريدها ؟ وهل له من
القابليات والموارد ما يستطيع بها تحقيق ذلك كله ؟
يرتبط الانسجام ارتباطاً وثيقاً بنظام
الاعتقاد الذي يعتقده الشخص ، والقيم التي يؤمن بها . ذلك أن الاعتقاد والقيم
تهيمن على حياة الإنسان ، وربما تؤدي إلى نشوء الصراع بينه وبين الآخرين . فالقيم
تحدد ماهو هام بالنسبة لنا . وينشأ الصراع إذا أصررنا على أن ما هو هام بالنسبة
لنا هو هام بالنسبة للآخرين كذلك . كذلك يمكن أن تتولد حالة صراع داخلي في نفوسنا
بسبب قيم غير متجانسة نؤمن بها . أي أننا نكون أمام خيارات ( صعبة ) . هل أفعال
هذا الأمر ، أم لا أفعله ؟ هل أذهب لممارسة رياضتي المفضلة ، أم أزور أصدقائي ؟ هل أساعد هذا المحتاج ،
أم أدخر المبلغ الذي لدى ؟ هل أتزوج هذه المرأة التي احبها والتي هي من عائلة أو
مجتمع مختلف ، أم لا ؟ .
هل حصل أنك قمت من مكانك لفعل شئ ، كأن
تريد الاتصال بالتلفون مثلا ، وقبل أن تدير الرقم ، وربما بعد أن أدرت الرقم ،
غيرت رأيك فأوقفت المكالمة ؟ أو أنك تذهب بسيارتك إلى مكان معين ، وقبل وصولك
تستدير راجعاً ؟ تلك هي أجزاء في نفسك لها آراء مختلفة فيما تفعله .
نجد
في القران الكريم وصفا لثلاثة أنواع من ( النفس ) : النفس الأمارة والنفس اللوامة
، والنفس المطمئة . وقال الزهاد والعباد إن هذه الأنواع الثلاثة موجودة ، بدرجات
متفاوتة ، لدى كل إنسان . وكانوا يوصون في وعظهم أن يحاور الإنسان النفس لأمارة
ليردعها عن سوئها .
يمكن أن يكون لدى الإنسان تسعة أجزاء في داخل نفسه يتعامل معها
، وجزء واحد خارجي في الوقت نفسه . ويعتمد عطاء الإنسان وفاعليته على مدىانسجام
أجزائه الداخلية . ولكن كيف يعلم الإنسان أنه في حالة انسجام أو عدم انسجام ؟ تذكر
وقتا كنت فيه مترددا بين أمرين احضر
في ذهنك تفاصيل ذلك الوضع . ماذا ترى ، وماذا تسمع ، وماذا تحس به مما يجعلك
مترددا ؟ تلك هي إشارة عدم الانسجام . ربما كانت صورة تراها في ذهنك ، أو صوتا
تحدث به نفسك ، أو يحدثك به أحد ، أو شعورا وإحساسا معنيا . تذكر أحداثا وحالات
أخرى مشابهة لتتأكد من طبيعة إشارة عدم الانسجام . كذلك هناك إشارة اللانسجام
يمكنك التعرف عليها بالطريقة ذاتها .
إن
اكتشاف إشارة الانسجام أو عدم الانسجام لدى الآخرين يساعد على التعامل معهم بسهولة
. إذا كنت بائعا يمكنك معرفة الجزء الذي يرفض الصفقة لدى المشتري . فإذا كنت تعرف
إشارة الرفض ( وهي إشارة عدم الانسجام لدى المشتري ) فيمكنك التغلب عليها ،
وبالتالي تحقيق الصفقة . إن نجاح رجال المبيعات يتوقف على معرفة إشارة الموافقة أو
الرفض لدى المشترى . وقد يظهر عدم الانسجام هذا لدى المقابل في تعبيراته . فعندما
يقول لأمر نعم يقوله بصوت منخفض يفهم منه التردد ، وتبدو قسمات وجهه غير مستبشرة
لهذا الأمر . وعندما يهز رأسه كعلامة على الموافقة تكون الهزة بطيئة وخفيفة وربما
يكون معها ( اممم ……)
ماذا
يعني انسجام الأجزاء في داخل النفس ؟ انه يعني انه يعني انسجامها أو اتفاقها على (
الحصيلة) ومن دون تحديد للحصيلة لن يكون هناك انسجام . الحصيلة هي الهدف النهائي
الكبير الذي تسعى أليه ( أو يجب أن تسعى أليه ) الأجزاء كلها . لكن في بعض الأحيان
لا تكون جميع الأجزاء متفقة على الحصيلة ، فيكون هناك عدم انسجام .
هل
تعدد الأجراء ( أو الشخصيات ) هو نوع من أنواع انفصام الشخصية ؟ الجواب : لا لأن
تعدد الأجزاء هو من خصائص الطبيعة البشرية التي خلقها الله . إن تعدد الشخصيات هو
أمر طبيعي ما دام كل جزء على علم بوجود الأجزاء الأخرى . أما انفصام الشخصية ، فهو
الحالة التي يكون فيها جز من الأجزاء لا يعلم بوجود الأجزاء الأخرى .
يرتبط
الانسجام بأمرين أساسين هما :
·
الحصيلة
·
ونظام الاعتقاد
فيما
يلي قائمة بأمثلة من الأجزاء التي قد تكون موجودة في نفس الإنسان :
الجزء
الجزء
المعاكس
طموح قانع
أب
أو أم
محب
للاستطلاع غير
فضولي
تحدي مسالم
مبدع
معلم متعلم
زوج
( أو زوجة)
ابن ( أو بنت )
لعب
جد
راحة عمل
صداقة
انتقام تسامح
كاتب
أو مفكر
صاحب دعابة وقور
حازم لين
مهيب متواضع
إعداد م/عارف سمان - موقع مركز المدينة للعلم والهندسة © - اتصل بنا لأي مشكلة أو اقتراح |