أنت مدير جديد.. إذن عَظَّمَ اللهُ أَجْرَك!!
ما أسهل الإدارة لولا أن فيها إدارة الناس، كلما سمعت عن مدير جديد يتولى منصبه لأول مرة كلما دق قلبي إشفاقًا عليه.
سيدي المدير: الآن أصبحت بين شقي الرحى .. ولا شيء لك سوى الطحن، ألم أقل لك في البداية "عَظَّمَ اللهُ أَجْرَك".
هل دخلت مطعماً لتناول غدائك فوجدت أحد المشهورين يتناول غداءه؟
هل تستطيع أن تصف الحالة التي يكون عليها كلما هَمَّ بوضع لقمة في فمه، وكل العيون تنظر إليه هل تظنه سعيدًا بطعامه؟
سيدي المدير: كل العيون تنظر إليك.. أنت مُراقَب.. وتحت الأنظار..أنفاسك محسوبة، لو ابتسمت لفلان فأنت تحابيه.. ولو عبست في وجه فلان فأنت تضطهده.
لا أعرف السبب الذي من أجله كانوا يسألوننا ونحن صغار ماذا تحب أن تصير عندما تكبر، لكني أتذكر الإجابات جيدًا …. طبيب، مهندس، ضابط، مدرس، طيار.. لكنني لا أحسب أن أحدنا تمنى أن يكون مديرًا يومًا ما، ولعلها الفطرة في نفوس الأطفال التي أدركت ماهية الوظيفة.
ورغم كل ذلك دعني أتساءل هل نستطيع أن ننجز كل أعمالنا العظيمة.. دون إدارة؟ ودون مديرين.. وإذا كانت الإجابة لا.. فدعني أتساءل.
كيف أصبح مديرًا جديرًا؟
أشياء يجب أن تكون عليها:
1- كُنْ مسئولاً:
مازال لفظ "المدير" لدينا يستعمل كمرادف للسلطة والهيمنة وهو مرادف عجيب للكلمة، والأعجب منه أن يستخدم مع كلمة "مسئول" نفس المرادفات التي تعني الهيمنة والسلطة.. مع أن مسئول تعني أنه سوف يسأل عما يقوم به.. ومازال الكثير من المديرين يؤمنون بهذا.. لكني أعتقد أنك لا تحب هذا الكلام؛ لذلك أدعوك إلى أن تنسى مرادفات الهيمنة والسلطة وتتذكر المرادف الوحيد الصحيح وهو "الرعاية" فكلكم راع ومسئول عن رعيته، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
2- كُنْ قدوة:
قد يتيح لك عملك الجديد فرصة عدم التوقيع عند الحضور والانصراف في دفتر الحضور والانصراف، لكن عليك أن تتذكر أن توقع في مكان آخر هو عيون وقلوب وعقول زملائك، فأنت مثال حي لكل من يعمل معك، وإذا لم تكن قدوة فلن يتبعك أحد، كما أنه عليك ألا تتوقع من الآخرين أن يبذلوا قصارى جهدهم، ما لم تقم أنت بذلك، كذلك احذر من كبوات الجياد المسماة بنوبات الغضب، فلو ارتفع صوتك بالصياح مرة واحدة فتوقع أن تتحول مؤسستك بعد قليل إلى خلية نحل، ولكن نَحْل لا ينتج عسلاً، بل يسمعك دوماً الطنين!! إن القائد القدوة هو الذي يخطط ميدان المعركة لزملائه ثم يسبقهم إليه.
3- كُنْ صحفيًّا.. أَدِرْ من موقع الحدث:
كله تمام.. الأمور تسير بانتظام شديد.. العمل يتم على أكمل وجه.. لا شكاوى.. لا مقترحات.. بالتأكيد أن هذا الكلام هو كلام الورق الذي يخدع أحيانًا، أما الإدارة فشيء آخر.. الإدارة هي أن تكون هناك بجوار العاملين تسألهم وتعيش معهم.. تشعر بحرارة الأماكن غير المكيفة فتشتعل في نفسك جذوة الحماس، إن المنتج الذي يخرج من مؤسستك لن يشعر به الناس إلا إذا عرفت أنت قيمته.. ولن تعرف قيمته إلا إذا عايشت لحظات بنائه حجرًا حجرًا..
عندما تكون مديرًا صحفيًّا.. سوف تشخص المشكلة بدقة، كما تستطيع أن تصف العلاج الفعّال لها.
عندما
تكون مديرًا صحفيًّا: سوف تسخر من
التقارير الورقية التي تخبرك أن كل
شيء تمام.. وأنه لا مشاكل على الإطلاق..
إنني أعرف أحد أهم صانعي بُنِّ
القهوة في العالم الذي يُصِرُّ في
صباح كل يوم أن ينزل إلى مطاحن البن؛
ليضرب بيده وسط البن ثم يرفعه
ليستمتع برائحته، ولا يذهب إلى مكتبه
قبل أن يجلس مع عماله ليستمتع معهم
بفنجان قهوة الصباح، فهل شربت قهوة
الصباح مع زملائك في ميدان معركتهم..
أقصد مواقع عملهم؟!
4- كُنْ أنت.. بعد التَّحْسين:
نحن جميعًا كجبل الجليد.. ما يظهر منا أصغر مما يختفي.. فلكل منا شخصيتان: الظاهرة، الباطنة.. يرانا الناس بشخصياتنا الظاهرة، وقد يستطيعون معرفة بواطننا من تصرفاتنا؛ لذلك كن على طبيعتك وسط الناس.. ولكن اعمل على تحسين هذه الطبائع.
إذا كان من طباعك أنك تحب النوم كثيرًا، فهذا يعني أنك سوف تَحْضُر متأخرًا، أو على الأقل غير مهندم أو عيونك حمراء، كل ذلك يراه مَنْ حَولك فيك فيثير لديهم انطباعًا منك بالكسل؛ لذلك عليك بتحسين تلك العادة.
وذلك بالآتي:
إن الله تعالى قد جعل للكون نواميس، فجعل الليل لباسًا، وجعل النهار معاشًا، وحين نحارب هذه النواميس فإننا بذلك نظلم أنفسنا.
5- كُنْ مُوْقِدًا للشُّموع:
تستطيع في أي وقت أن تقف وتقول بين الناس جميعًا: هذا الموظف كسول.. أو إنه أخطأ في عمله.. أو إنه دائم التأخير.. وسوف تكسب الموقف، ولكن دعني أسألك أيهما أولى.. أن تكسب موقفًا ضد موظف ارتكب خطأً أم أن تكسب قلب موظف فيستحي أن يخطئ في عمله من أجل إرضائك، وعند ذلك فلن تعلن ظلام الخطأ، بل ستكون مُوقدًا لشموع العمل، وتعالَ معي نستمتع ببعض فقرات البحث الرائع "لجيمس ميلر"، والذي يتكلم فيه بعض الموظفين عن مديريهم.. يقول أحدهم: نسميه "حَلالُ العُقَد" فله حل مبتكر لكل مشكلة؛ مهما كانت معقدة، وهو يرصد مكافأة شهرية لأفضل مبتكر لكل جديد يساهم في رفع الإنتاجية أو تقليل النفقات، عندما يكون في المكتب تشعر أنك لن ترتكب أي خطأ، ويرجع الفضل لطريقته الماهرة في المتابعة والتحفيز. ويقول الآخر: "ليس مجرد مدير، بل قائد لفريق، كل شيء لديه يسير وفق خطة مدروسة يعرف كل موظف موقعه فيها بدقة، وهو يحرص على توعية الموظفين بالمهام المنوطة بهم؟، ثم يدرس معهم اقتراحات التنفيذ والأداء، ويترك لهم حرية تحديد فترة العمل التي تكفي لإنجاز المهام تبعًا للخطة.
إن إيقاد الشموع في العمل يتطلب منك الآتي:
مبادئ المدير الجديد
إذا كنت تظن أنك وصلت إلى القمة، فلن تبذل أي جهد في سبيل مزيد من الارتقاء.
بقلم: أحمد محمد علي
أخصائي
تطوير إداري
إسلام أون لاين
©موقع مركز المدينة للعلم والهندسة - اتصل بنا لأي مشكلة أو اقتراح |