حسان بن ثابت
حسان بن ثابت ( ؟ - 54هـ، ؟ - 674م). حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري، من الشعراء
المخضرمين، وشاعر الرسول ³، ينتمي إلى قبيلة الخزرج الأزدية، إحدى قبائل اليمن
المشهورة. يتصل نسبه من جهة أبيه ببني مالك بن النجار، وهم بطن مشهور من بطون
الخزرج. وقد اجتمع لحسان عراقة النسب والحسب وموهبة الشعر؛ فهو من بني النجار أخوال
النبي ³. وكان أبوه ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري من سادة قومه وأشرافهم، أما
جده المنذر، فقد كان حكمًا بين الأوس والخزرج يوم سُمَيْحَة،َ وهو يوم من أشهر
أيامهم.
وأمه الفُريْعة بنت خالد بن حُنَيْس، وقيل بل أخت خالد لا ابنته، وذكر ابن حجر أنها
أدركت الإسلام فأسلمت وبايعت. وكنيته أبو الوليد، وأبو عبدالرحمن، وقد عُد من
المعمَّرين، حيث يقال إنه عاش ستين عامًا في الجاهلية ومثلها في الإسلام. واختلف
الدارسون في سنتي ميلاده ووفاته.
وُلد حسان ونشأ في يثرب التي عُرفت بوفرة مياهها وكثرة وديانها. وقد هاجر إليها
الأوس والخزرج من اليمن بعد انهيار سد مأرب. وعاشا في وئام لفترة من الزمن، ثم بدأ
النزاع بينهما بمعارك بين بعض الأُسر تحولت بعد ذلك إلى حروب هي من أشهر حروب
الجاهلية، وفي شعر حسان إشارة إلى بعض الأيام الأخيرة من صراع الأوس والخزرج، إلا
أنه لم يرد في الروايات ما يفيد اشتراكه فعليًا في تلك الحروب. وظلت العداوة قائمة
بين القبيلتين حتى هاجر الرسول ³ إلى المدينة فألف بين أعداء الأمس وجمع شتاتهم
فأصبحوا بنعمة الله إخوانا، وعُرفوا باسم الأنصار. وأدرك حسان من شعراء الجاهلية
النابغة الذبياني، والأعشى ميمون بن قيس، وأنشدهما من شعره، وكلاهما قال له: إنك
شاعر. وكان حسان في الجاهلية يفد على الغساسنة في الشام، ويمدحهم بشعره، وينال
جوائزهم. وتذكر الروايات أن حسان بن ثابت ظل أثيرًا عند الغساسنة ينال جوائزهم
وعطاياهم حتى بعد إسلامه. وكان إسلام حسان بعد هجرة الرسول ³ إلى المدينة، وقد
اختاره الرسول من بين شعراء الأنصار ليكون شاعره، ينافح عنه وعن دعوته. وقد نهض
حسان بهذه المهمة، وقام بها خير قيام.
ولئن فات حسان أن يدافع عن النبي ³ بحسامه، حيث، تجُمع الروايات على أنه لم يشهد مع
رسول الله ³ شيئًا من مشاهده، فقد أتيح له أن يناصره بلسانه، فقد اختاره ليكون
شاعره يمدحه ويرد على من يهجوه من شعراء قريش، ويحمي أعراض المسلمين. وكان رسول
الله ³ يحثه على ذلك ويدعو له بمثل قوله: (اللهم أيِّده بروح القُدُس). ولحسان
وشعره منزلة خاصة في نفوس المسلمين؛ فقد كان شاعرًا بارعًا، وهو ـ كما ذكر ابن سلام
ـ كثير الشعر جيده. وقد اتفق الرواة والنقاد على أنه أشعر أهل المدر في عصره وأنه
أشعر اليمن قاطبة.
ومن أشهر قصائده في الرسول الكريم ³ همزيته التي خاطب بها المشركين يوم فتح مكة
ومنها قوله:
فإما تُعرْضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلاّ فاصْبروا لجلادِ يومٍ يُعزُّ الله فيه من يَشَاء
وجبريل أمين الله فينا وروح القدس ليس له كِفَاءُ
وقال الله قد أرسلت عبدًا يقول الحق إن نفع البلاءُ
شهدتُ به فقوموا صَدّقوه فقلتم لانقوم ولانشاء
وقال الله قد سيَّرتُ جُندًا هم الأنصار عُرْضَتُها اللقاء
ويقول فيها لأبي سفيان بن الحارث:
ألا أبلِغ أبا سفيان عَنْي فأنت مُجَوّف نَخِبٌ هواء
هجوت محمدًا فأجبتُ عنه وعند الله في ذاك الجَزَاءُ
فإن أبي ووالده وعِرْضِي لِعرْض محمدٍ منكم وِقاءُ
أتهجوه ولستَ له بكفءٍ فشَرُّكما لخيركما الفدَاءُ
المصدر / الموسوعة
العربية العالمية