حافظ إبراهيم
حافظ إبراهيم
(1287 - 1351هـ ، 1870 - 1932م). شاعر مصري حديث من الرّواد الأوائل في عصر النهضة،
وصنوٌ لأمير الشعراء أحمد شوقي، حيث شاركه مسيرة الإحياء والتجديد في الشعر العربي
التي كان محمود سامي البارودي قد حملها في مصر والعالم العربي في مطلع القرن
العشرين.
ولد لأبٍ مصري وأم تركية في بلدة ديروط بأسيوط بصعيد مصر. توفي والده وهو في
الرابعة من عمره، فانتقلت به أمه إلى القاهرة عند أخيها، ولكن حافظًا بعد أن وعى
الحياة، أحس بثقل مؤونته على خاله، فقرر الهرب من البيت والاعتماد على نفسه.
اتسمت حياته في إحدى مراحلها بالوحدة والمعاناة والألم، فكان لذلك صدى في شعره،
وعرف بوطنيته وشعوره القومي، وحبه للغة العربية.
واشتغل بالمحاماة فترة من الوقت متنقلاً من مكتب إلى آخر، حتى انتهى به المطاف في
المدرسة الحربية، حيث انخرط في صفوفها وتخرج فيها بعد أربع سنوات، فعمل في وزارة
الحربية ثم الداخلية ثم عاد إلى الحربية، فأرسل إلى السودان ضمن الجيش المصري عام
1898م.
أحيل إلى التقاعد عام 1903م بناءً على طلبه، وبعد سنوات من الفراغ عُيّن رئيسًا
للقسم الأدبي في دار الكتب الوطنية وظل يعمل بها حتى وفاته.
عاش حافظ فقيرًا، لا يستقر المال في يده بسبب كرمه وحبه لملذات الحياة. ومضت حياته
في ظلال من الحزن والأسى، بسبب كثرة من فقد من أصدقائه وأصحابه، وانعكس ذلك على
نتاجه الشعري، حيث تُمثل المراثي جزءًا كبيرًا من ديوانه، وقد عبّر عن ذلك بقوله:
إني مللت وقـوفي كل آونةٍ
أبكي وأنظم أحزانًا بأحــــزان
إذا تصفَّحْتَ ديواني لتقرأني
وجدت شعر المراثي نصف ديواني
وكان حافظ قريبًا من عامة الشعب قادرًا على التعبير عن أحاسيس الجماهير الوطنية
التي كانت متأججة ضد الإنجليز آنذاك فلُقب لذلك باسم شاعر النيل.
ومن أشهر قصائده قصيدة اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها، وفيها دفاعٌ عن اللغة
العربية ضد الذين يحاولون النيل منها فيرمونها بالضعف تجاه اللغات الأخرى ومطلعها:
رجعت لنفسي فاتّهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبتُ حياتي
ويقـول فيهـا على لسـان اللغة العربيـة
وَسِـــعْتُ كتاب الله لفظًا وغاية
وماضـــقت عن آي به وعظات
فكيف أضيقُ اليوم عن وصفِ آلةٍ
وتنســــيق أسماءٍ لمخُترعاتِ
أنا البحر في أحشـائه الدُّرُّ كامنٌ
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
وأما قصيدته العُمَريَّة فقد استعاد فيها سيرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي
الله عنه وماتميزت به تلك السيرة من عدل وقوة، ومطلعها:
حسبُ القوافي وحسبي حين أرويها أني إلى ساحة الفاروق أهديها
ويقول مصورًا سيرة الفاروق وعدله
وراع صاحبَ كسـرى أن رأى عمرًا
بين الرعية عُطلاً وهو راعــيها
وعهده بمــــلوك الفرس أن لها
سورًا من الجند والحرّاس يحميها
رآه مســــتغرقا في نومه فرأى
فيه الجلالة في أســمى معانيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملاً
ببردة كاد طول العـــهد يُبليها
وديوانه مطبوع من جزءين، وله مقامة في النقد الاجتماعي تُسمَّى ليالي سطيح.
المصدر / الموسوعة العربية العالمية