الزمن وأهميته في الفوات المسلحة 2009-08-30 ( نقلت بواسطة الأستاذ محمد عبد الغنى عبد الحميد سيد ) الميثاق إنفو - إن الزمن له أهمية كبرى في حياة بعض الناس، والبعض الآخر على العكس، والبعض من الناس لا يدركون قيمة الزمن. وتزداد أهمية الزمن عند العسكريين - وبخاصة في أوقات المعارك - سواء في تجميع وتنظيم القوى البشرية وإدارتها، أو في مواجهة الخصم أيضاً، أ و في إعداد الأسلحة والعمل عليها؛ فما هي أهمية الزمن للقادة العسكريين وللجنود أيضاً؟. أهمية الزمن للقادة إن الزمن يهم الجندي والضباط، فالجندي يهمه الزمن ويحسبه من أجل اجتياز منطقة نيران العدو خلال قيامه بالهجوم، وخلال تصويبه على الأهداف. وأما الضابط فيهمه الزمن أيضاً في حساباته على الخرائط من أجل إنجاز المهام في موعدها. إن كسب الزمن بالنسبة للقادة العسكريين يعتبر أمراً مهماً في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم وبالعكس أيضاً، فالوقت عامل هام للقادة العسكريين - وبخاصة في أيام الحرب - فعلى القائد أن يطَّلع على جميع الأمور التي تخص وحدته وخصمه ويرتب الوقت المناسب من أجل تحقيق النصر. فالقائد العسكري الناجح لا يستفسر أثناء المعركة كم يلزم من الوقت لوصول طائرات الخصم إليه، أو وصول طائراته إلى خصمه من أجل ضرب مواقعه، ولا يستفسر كم يستغرق وقت وصول ضربات المدفعية إلى مواقع الخصم، ولذلك يجب على القائد أن يكون متدرباً عن طريق إجراء التمارين والمناورات(1). إن من مميزات القائد الناجح أن يستغل الوقت، وأن يدير أعماله إدارة سليمة من حيث: أين يقضي وقته؟ ومع من؟ وما هو الوقت اللازم الذي يقضيه مع كل ضابط أو جندي؟ وفي أي موضع؟ وما هو الوقت اللازم لتحليل أو إجراء العمليات؟ واجبات القادة العسكريين في استغلال الزمن يجب على القائد العسكري أن يستغل وقته استغلالاً سليماً، وأن يحاول اختصار الوقت قدر الإمكان، بشرط أن يقوم بواجبه، لأنه قد تحدث مفاجآت وأزمات قد لا يتوفر الوقت الكافي من أجل حلها(2). ومن الواجب على القادة العسكريين أن يستغلوا الوقت قبل فوات الأوان، سواء كان القائد يدافع عن أرضه، أو كان خصماً، فليلة واحدة كافية لإنشاء تحصينات - كخنادق الجنود ومخابئ الدبابات - وكلما زاد الوقت تيسر وصول إمدادات من سيارات وأسلحة، فلذلك على القادة أن يستغلوا الوقت، سواء كانوا مدافعين أم مهاجمين، حيث تتغير النتائج لصالحهم أو ضدهم. ولاننسى أن طبيعة المعارك وفن القتال يتغيران من وقت لآخر(3). إن اختيار الزمن بمهارة، ومراعاة فصول السنة، واختيار أنسب الأوقات لشن الهجوم، من العوامل اللازمة لإحراز النصر، سواء في النهار أم في الليل، وفي الصيف أو الشتاء (4).
أهمية الزمن في القوات المسلحة يلعب الزمن دوراً مهماً في حشد الإمكانات الآلية والمعدات والأسلحة والذخائر وفي حشد القوى البشرية، فمن الواجب أن تبنى المعارك على حسابات دقيقة، ومن ضمنها الزمن. إن عامل الزمن ليس منفصلاً عن المعارك، فإذا قمنا مثلاً بالهجوم على جناح العدو الأيمن وركزنا الضغط عليه، وانتصرنا على هذا الجناح ثم اتجهنا إلى قلب العدو (مركز الثقل) فإن حساباتنا قد لا تكون دقيقة، لأننا إذا ركزنا الضغط على الجناح الأيمن للعدو، فإنه قد ينسحب بمركز الثقل إلى الجناح الأيسر، ويستحكم في موقع استراتيجي، ومن ثم قد لا نستطيع أن نقضي عليه بزمن قليل، بل قد نحتاج لزمن طويل، ولذلك يلعب الزمن دوراً هاماً في مواجهة الأمور والمواقف الطارئة خلال المعارك (5). واتفق مع كاتب مقالة: القيادة والإدارة (محمد إبراهيم العبد اللطيف) بإن مقولة (الوقت من ذهب)، هي مقولة فيها مبالغة وغير دقيقة، فالذهب يعوض، بينما الوقت لا يعوض، فالوقت إذاً لا يرجع للوراء(6).
إن أهداف الحرب كثيرة، فهي إما أن تكون لاحتلال أراض جديدة، أو للهيمنة على شعب ما لاستغلال موارد الخصم، أو من أجل نشر ديانة ما، أو الدفاع عن النفس والعرض والمال والوطن، أو لتحرير الوطن من العدو؛ ولذلك تكمن أهمية الوقت المستقطع في المعارك - والهدنة أيضاً - في استغلال هذا الوقت، وتحضير أسلحة وذخائر ومعدات وآليات وقوى بشرية، وأيضاً في إعادة التكتيك والفنون القتالية الأخرى. ومن الواجب استغلال الوقت قبل وأثناء وبعد المعركة خلال تراجع وانسحاب الجيوش؛ ولا ننسى أن نكون حذرين خلال عملية انسحاب الجيوش خوفاً من شن هجوم جديد (معاكس)(7).
العوامل المؤثرة في الزمن 1- إن إعطاء العدو وقتاً أطول له أثر في الزمن، فقد يستعد العدو مرة ثانية ويجهز قواته وأسلحته ويحقق النصر. 2- تلعب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والتحالفات دوراً رئيساً في زمن وفي إعادة الحسابات مرة أخرى(8). 3- إن استخدام القائد للوقت تتحكم فيه عوامل مختلفة حسب طبيعة العمل العسكري ونوع القيادة ومرتبتها، سواء أكانت فيلق أم فرقة أم لواء أم كتيبة أم سرية أم فصيلة أم حضيرة. 4- حدوث مشكلات وأزمات داخل الوحدة العسكرية أو مفاجآت غير متوقعة من الخصم قد لا يتوفر لها الوقت الكافي، ولذلك يجب على القائد أن يقوم بواجبه بسرعة ويختصر الوقت. 5- القيام بالأعمال الشخصية على حساب العمل العسكري والوظيفي(9).
الخلاصة إن للزمن أهمية كبرى في الحياة المدنية، فوصول التاجر أو المقاول لمكانٍ ما في زمنٍ مناسب، يمكّنه من الحصول على العطاء؛ وتزداد أهمية الزمن أكثر من ذلك في القوات المسلحة، حيث إن الثانية أو جزء اً منها يؤدي لإصابة الأهداف وتحقيق النصر، فمن الواجب على الجنود والضباط العسكريين أن يهتموا بالزمن ويحسبوه حساباً دقيقاً وينجزوا أعمالهم بأقل من الزمن اللازم إذا كان ذلك ممكناً.
المراجع 1- س0م0 شتيمينكو: الأركان العامة السوفيتية في أعوام الحرب، الكتاب الثاني، دار التقدم، موسكو، ص (543، 544، 552، 553). 2- محمد إبراهيم العبد اللطيف، القيادة والإدارة، مجلة الدفاع، العدد (72)، إدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة السعودية، (ربيع أول 1409ه - نوفمبر 1988م)، الرياض، ص (115، 114). 3- العقيد محمد أسد اللّه صفا: الحرب، ط1، الشركة اللبنانية للطباعة والإعلام، بيروت (1981م) ص (195). 4- س0م0 شتيمينكو: مرجع سابق، ص (545، 546). 5- العقيد محمد أسد اللّه صفا: مرجع سابق، ص (194، 195). 6- محمد إبراهيم العبد اللطيف: مرجع سابق، ص (114). 7- العقيد محمد أسد اللّه صفا: مرجع سابق، ص (196). 8- س0م0 شتيمينكو: مرجع سابق، ص (545). 9- محمد إبراهيم العبد اللطيف: مرجع سابق، ص (115). من جريدة الميثاق ( نقلت بواسطة الاستاذ محمد عبد الغنى عبد الحميد ) * مجلة كلية الملك خالد العسكرية. |
|