الذبيح إسماعيل
قال الله تبارك وتعالى: يذكر الله تبارك وتعالى عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه لما هاجر من بلاد قومه إلى حيث يتمكن من طاعة الله وعبادته والجهاد في سبيله، سأل ربه أن يهبه ولدًا صالحًا فبشره الله تبارك وتعالى بغلام مُبارك حليم وهو إسماعيل عليه السلام، لأنه أول من وُلد له على رأس ست وثمانين سنة من عمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
ثم رأى إبراهيم عليه السلام في منامه رُؤيا أن الله تعالى يأمره بذبح ولده إسماعيل ورُؤيا الأنبياء وحي، فما كان من نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد أن استيقظ من النوم إلا أن سارع لتنفيذ أمر الله تبارك وتعالى دون تردد، فقد قيل: لما أراد إبراهيم عليه السلام ذبح ولده إسماعيل قال له: انطلق فنقرب قربانا إلى الله عزوجل، فأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق مع ابنه اسماعيل حتى إذا ذهبا بين الجبال قال له إسماعيل: يا أبت أين قربانك؟ فقال له إبراهيم: .
يقال: عرض إبراهيم ذلك على إسماعيل ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قسرًا ويذبحه قهرًا، فبادر إسماعيل الحليم أباه بقوله: فكان جواب إسماعيل لأبيه إبراهيم في غاية السداد والطاعة لأبيه إبراهيم عليه السلام. وأراد إسماعيل أن يخفف عن أبيه لوعة الثكل ويُرشده إلى أقرب السبل ليصل إلى قصده فقال لأبيه إبراهيم: يا أبت اجعل لي وثاقا و؟أحكم رباطي حتى لا أظطرب، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليك من دمي فتراه أمي فتحزن، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي فإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني، فأقبل عليه إبراهيم برأفة وحنان الآباء يُقبله ويبكي ويقول له: نعم العون أنت لي يا بني على أمر الله عزوجل، قال الله تعالى: أي فلما استسلما لأمر الله وألقاه على وجهه، وقيل: أراد إبراهيم أن يذبحه من قفاه لئلا يشاهده في حال الذبح.
,وأمرّ إبراهيم السكين على رقبة ولده إسماعيل فلم تقطع شيئا لأن الله تبارك وتعالى لم يشأ لها أن تقطع، لأن السكين لا يقطع بطبعه وبذاته وإنما خالق القطع هو الله تعالى وحده، والسكين سبب للقطع فلا تقطع إلا بمشيئة الله فالله تبارك وتعالى خالق السكين وخالق للقطع أي خالق للسبب والمسبب، فالأسباب لا تخلق شيئا وإنما الخالق هو الله تعالى وحده، كما أن الله تعالى هو خالق الإحراق وخالق النار التي هي سبب للإحراق، فالنار لم تحرق نبي الله إبراهيم عندما ألقي فيها لأن الله تعالى خالق الإحراق ولم يشأ لها أن تحرق نبيه إبراهيم عليه السلام يقول الله جلت قدرته: .
وعندما أمّر إبراهيم عليه الصلاة والسلام السكين على رقبة إسماعيل عليه السلام فلم تحك شيئًا ولم تقطع نودي: .
أرسل الله عظمت قدرته لإبراهيم فداء لاسماعيل بذبح كبش عظيم، قيل: كان قد رعى في الجنة أربعين سنة وكان هذا الكبش أبيض عظيمًا أقرن ذبحه إبراهيم بمنى فداء ابنه إسماعيل عليه السلام.
لما أراد إبارهيم ذبح إسماعيل تنفيذا لأمر الله ظهر له إبليس ثلاث مرات عند موضع الجمرات الثلاث اليوم، وذلك ليُوسوس له بالمعصية فرماه سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عند هذه المواضع بالحصى إهانة له، فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أمروا بهذا الرمي إحياء لسنة نبي الله إبراهيم عليه السلام، وفي ذلك رمز لمشروعية مخالفة الشيطان وإهانته وليس منعى الرجم أن الشيطان يسكن هناك.