( الروم ثم ادفننوني هناك أبو أيوب الأنصاري |
أبو أيوب الأنصاري -خالد بن زيد بن كليب- حفيد
مالك بن النجار ، خرج مع وفد المدينة
لمبايعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في
مكة ( بيعة العقبة الثانية ) فكان من السبعين
مؤمنا الذين شدوا أيمانهم على
يمين الرسول مبايعين مناصرين000
قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- المدينة يوم الجمعة ، وسار وسط جموع المسلمين وكل منهم يريد أن أن ينزل الرسول الكريم عنده ، فيجيبهم باسما شاكرا لهم :( خلوا سبيلها فانها مأمورة )000حتى وصلت ناقته الى دار بني مالك بن النجار فبركت ، فلم ينزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوثبت الناقة ثانية ، فسارت غير بعيد ثم التفتت الى خلفها فرجعت وبركت مكانها الأول ، فنزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وتقدم أبو أيوب الأنصاري فرحا مبتهجا ، وحمل رحل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوضعه في بيته ، فأقام الرسول الكريم في بيت أبي أيوب الأنصاري حتى بني له مسجده ومسكنه000
وحين نزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيت أبي أيوب الأنصاري نزل في السفل ، وأبو أيوب في العلو ، فأهريق ماء في الغرفة ، فقام أبو أيوب وأم أيوب بقطيفة لهم يتتبعون الماء شفقاً أن يخلص إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فوجدها أبو أيوب لعظيمة فنزل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال :( يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، اني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي ، فاظهر أنت فكن في العلو ، وننزل نحن فنكون في السفل )0 وألح على الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى قبل000
أصبح أبو أيوب الأنصاري مجاهدا قويا بائعا
نفسه في سبيل الله ، فشهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، ولم يتخلف
عن أي معركة كتب على المسلمين خوضها بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان
شعاره دوما
قوله تعالى :"( انفروا خفافا وثقالا ")000
الا مرة واحدة تخلف عن جيش أعطى الخليفة امارته لشاب من
المسلمين لم يقتنع أبو أيوب بامارته ، ومع هذا بقي الندم ملازما له دوما ، فيقول :(
ما علي من استعمل علي ؟)000
قال أبو أيوب الأنصاري للرسول -صلى الله عليه
وسلم- :( يا رسول الله ، كنت ترسل إليّ بالطعام فانظر ، فإذا رأيتُ أثر أصابعك
وضعتُ يدي فيه ، حتى كان هذا الطعام الذي أرسلتَ به إلي ، فنظرت فيه فلم أرَ فيه
أثر أصابعك ؟!)000فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( أجل إنّ فيه بصلاً ،
وكرهتُ أن آكله من أجل الملَكَ الذي يأتيني ، وأمّا أنتم فكلوه )000
كان رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- يطوفُ بين الصفا والمروة ، فسقطت على لحيتِه ريشةٌ ،
فابتدر إليه أبو أيوب فأخذها ، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- :( نزع الله عنك
ما تكره )000
خلال حادثة الإفك ، قالت أم أيوب لأبي أيوب
الأنصاري :( ألا تسمع ما يقول الناسُ في عائشة ؟)000 قال :( بلى ، وذلك كذب ،
أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك ؟)000قالت :( لا والله )000قال :( فعائشة والله خير
منكِ )000فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك 000
قال الله تعالى :( لولا إذْ سمعتُموه ظنّ
المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً ، وقالوا هذا إفكٌ مُبين )000
ولما أعرس الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصفية ، بخيبر أو ببعض الطريق ، فبات بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قبة له ، وبات أبو أيوب الأنصاري متوشحاً سيفه يحرس رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ويطيف بالقبة حتى أصبح رسـول اللـه ، فلما رأى مكانه قال :( مالك يا أبا أيوب ؟)000قال :( يا رسول اللـه ، خفت عليك من هذه المـرأة ، وكانت امرأة قد قتلـت أباها وزوجها وقومها ، وكانت حديثة عهد بكفر ، فخفتها عليك )000فقال رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-:( اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني )000
ولما وقع الخلاف بين علي ومعاوية وقف أبو أيوب -رضي الله عنه- مع علي لأنه الامام الذي أعطي بيعة المسلمين ، ولما استشهد علي -رضي الله عنه- وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة الصامدة لايرجو من الدنيا الا أن يظل له مكان فوق أرض الوغى مع المجاهدين 000
أتى أبو أيب معاوية فشكا إليه أنّ ديناً عليه
، فلم يرَ منه ما يحب ، ورأى كراهيته ، فقال :( سمعت رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- يقول :( إنّكم سترون أثَرَة ))000قال :( فأي شيءٍ قال لكم ؟)000 قال :( قال
:( اصبروا ))000قال معاوية :( فاصبروا )000فقال أبو أيوب :( والله لا أسألك شيئاً
أبداً )000
وقدِم أبو أيوب البصرة فنزل على ابن عباس ، ففرّغ له بيتَه ، فقال
:( لأصْنَعَنّ بكَ كما صنعت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000قال :( كم عليك من
الدّين ؟)000قال :( عشرون ألفاً )000فأعطاه أربعين ألفاً وعشرين مملوكاً ، وقال :(
لك ما في البيتِ كلِّه )000
وجاء فتح القسطنطينية عام ( 52 هـ )، فسارع
أبو أيوب الأنصاري الى ركوب فرسه وحمل سيفه ، فأصيب في هذه المعركة ، وجاء قائد
الجيش - يزيد بن معاوية - يعوده فسأله :( ما حاجتك يا أبا أيوب ؟)000فيا له من مطلب
نفذه يزيد بناءا على هذه الوصية ، فقد طلب أن يحمل جثمانه فوق فرسه ، ويمضي به أطول
مسافة ممكنة في أرض العدو ، وهنالك يدفنه ، ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق ، حتى
يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره ، فيدرك آنئذ ، أنهم قد أدركوا ما يبتغون من
نصر وفوز !!000
وفي قلب القسطنطينية وفي ( اسطنبول ) ثوي جثمانه -رضي اللـه
عنه- مع سور المدينة وبُنيَ عليه ، فلمّا أصبح المسلمون أشرف عليهم الروم ، فقالوا
:( يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأنٌ ؟)000 فقالوا :( مات رجلٌ من أكابر أصحاب
نبيّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ، ووالله لئن نُبِشَ لأضْرُبَ بِناقوسٍ في بلاد
العرب )000 فأصبح قبره لأهل قسطنطينية وقبل أن يصل لهم الاسلام قبر قديس يتعاهدونه
ويزورونه ويستسقون به اذا قحطوا !!000