نكمل اليوم أيضاً ما
بدأناه في الأعداد السابقة من موضوع أدعية السوء في تراثنا
الشعبي:
الدعاء بالأوبئة والأمراض:
الكوليرا:
الكوليرا وباء فتّاك يسبب
الحمّى وارتفاع درجة حرارة المريض أو المُصاب حتى يقضي
عليه، ولم يكن هذا المرض معروفاً في بلادنا ولكن الناس
كانوا يدعون به، ويقولون: "كُورَيْرَة"، أو "كوريرة تخلِّص
عليهم" ، ويبدو أن الكلمة تحريف عن الكوليرا. وكانوا
يقولون إن الكوريرة إذا أصابت منطقة قضت على كلّ من فيها،
ومن أجل ذلك كانوا يدعون بها.
وهناك أدعية تدعو ببعض
الأمراض الأخرى نذكر منها:
يقحّ وهو مفَشِّش:
ويدعون بذلك على من يسعل
أو يكثر من السعال، فيقولون له:"تقح وأنت مفشِّش"، أي مصاب
بداء الرئة، والفشّة: هي الرئة، والفشّ: الرئتنان.
يلفّ وهو أدْوَر:
وهو دعاء بالدُّوار على من
يكثر اللفَّ والدوران، فيزجرونه بقولهم:" تلفّ وأنت
أَدْوَر"، والدَّوَر: مرض يصيب المواشي في أدمغتها فيختلّ
توازنها ويجعلها تدور حول نفسها ولا تعرف الاتجاه الصحيح.
القُوقَة:
القُوقَة: هي السعال
الديكي، والفعل منها؛ قَوَّق، يُقَوِّق، وسُمِّيت بهذا
الاسم لأنّ المصاب بها يسعل سعالاً طويلاً يشبه مُقاقاة
الديك وصياحه، وهي مرض معدٍ ولكنه غير قاتل.
وصيغة الدعاء بها أن
نقول:" يجعله بالقوقة"، أو " إن شاء الله يقُحّ وهو
مُقَوِّق".
الدَّشْبة:
الدشبة: هي السعال الخفيف،
والمدشوب، هو المصاب بالسعال أو بنزلة البرد، أو
المَنْزُول كما يسميها البعض، وكلمة الدشبة تستعمل في
منطقة النقب، ولا تُعْرَف في كثير من المناطق الأخرى.
والدعاء بالدشبة يكون
بالصيغة التالية:« دَشبة تدشبه »، أو « يجعله بالدشبة »،
أو ما شابه هاتين الجملتين.
الدعاء بظواهر الطبيعة:
وهو دعاء بظواهر طبيعية
مختلفة تسبب ضرراً كبيراً في حال وقوعها، نذكر منها:
البرق:
وهم يدعون به بقولهم:"
بَرْق!"، وعندما يصيب البرق أحداً فغالباً ما يحرقه ويحوله
إلى فحم.
الرعد:
وهو قولهم: "رَعَد"، وهم
يقصدون بذلك وقوع الرعد وإصابته التي تهدم البيوت وتشققها،
وتحرق من تصيبه من الناس فيها.
الزلزال:
وهم يدعون به بنفس الطريقة
أيضاً بقولهم:"زلزال!"، أو " زلزال إن شاء الله"، وهم
يقصدون الدمار الذي يخلفه الزلزال وما يتبع ذلك من دمار
وخراب.
النجم:
وهم يدعون به بقولهم:"
نَجْم ينجمه"، ويقصدون به سقوط شهاب من السماء يقضي على من
يدعون عليه ويدمر حياته أو يشتت شمله.
وقد روى لي أحدهم أنه كانت
بين شخص يدعى أحمد وبين عدة أشخاص من قبيلة أخرى حرب أشبه
بحرب العصابات، حيث قُتِل فيها أخٌ لأحمد المذكور، وكان
أحمد ورفاقه يتتبعون أخبار القوم ويكمنون لهم على الطرقات
للإيقاع بهم، ورأى كبير هؤلاء القوم ذات يوم رؤيا أفزعته
وقضّت مضجعه، فدعا رفاقه وقصّ عليهم خبر تلك الرؤيا، وكيف
أنه رأى في المنام نجماً يسقط بينهم ويشتتهم ويفَطِّطهم عن
بعضهم البعض، فقال أحد رفاقه: إن هذا نجم أحمد؛ أي حظه
وسعده، فخذوا حذركم منه، واحترسوا لئلا يباغتكم على حين
غرة، وبالفعل كما تروي الحكاية فإن أحمد تغلب على القوم
وقتل بعضهم وشتت البقية الباقية منهم.
الزاحقة:
وهي عاصفة من المطر
الشديد، تجرف بمياهها كلّ ما في طريقها، وتسبب كوارث كبيرة
للناس فتهدم البيوت وتجرف الحبوب والمزروعات.
وطريقة الدعاء بهذه
العاصفة أنهم يقولون:« زاحقة »، أو « يا والله زاحقة »، أو
مثل هذه العبارات.
السيل:
وهم يدعون كذلك بالسيل
الذي يجرف ما في طريقه، وكانت بعض العربان تسكن في بطون
الأودية فينحدر سيل عظيم يأتي من منطقة الجبل فيجرف البيوت
والناس والماشية. ولهم مثل في ذلك يقول: "إذا طلع سهيل لا
تأمّن للسيل"، ومن أجل ذلك يدعون به.
صَقْعَة الـمِرّ:
الصَّقْعَة: هي الصقيع
والبرد الشديد، وكانت أمي إذا ما بالغ أحد منا وهو يشكو من
البرد تقول له مؤنبة: صقعان، « يا والله صقعة المِرّ !».
وفهمت من ذلك أنه دعاء ببرد شديد قد يكون أصاب قوماً أو
منطقة وسبب لهم ضرراً كبيراً.
الموجة:
أما الدعاء بالموج أو
الموجة فيأتي إذا تأخر أحدهم في الوصول، ثم جاء بعد طول
انتظار فنسمعهم يقولون:« الحين جاي، جتك موجة ». أو ما
يشبه هذه العبارة في أحيان أخرى.
الدعاء بضربة مؤلمة أو حادثة مفاجئة:
هواة تهويه:
أي لتأتيه ضربة من السماء
على حين غرة، فلا يعرف مصدرها فتقعده وتسبب له الضرر
والأذى.
هواة تجي له على المساة:
نفس معنى الدعاء السابق
ولكنه هنا يحدد مكان الضربة حيث تكون على المِسَاة وهو
مكان في المعدة.
وقد يحددون أماكن أخرى في
الجسم لتكون هدفاً لهذه الضربات السماوية، فمرة يقولون:
هواة تجيه على راس معدته، أو على راس قلبه أو على طحاله أو
غيرها من الأماكن.
سَطْح:
وهو دعاء بأن تُسطح بطن
الإنسان،أي تُشَقّ بطنه، وفي ذلك من الخطورة ما فيه،
وأحياناً يقولون:" سَطْح يسطح بطنه"، أو ما يشبه هذه
الجملة مما يحضرهم على البديهة.
بَرْد:
وهو دعاء بإصابة ضربة من
البَرْد، والبرد عندما يصيب الإنسان يرافقه عادة إسهالٌ
وقيء شديد، وأحياناً يقولون:" بَرْد يصيبه"، أو " بَرْد
يسطحه"، أو جملة أخرى مشابهة تؤدي نفس الغرض.
تلعب ايده مع رجله:
وهو دعاء على من لا يكف عن
العبث واللعب من الأولاد، والذي تلعب يده مع رجله فإن يده
أو رجله تكون مكسورة فتميل إلى الجانبين ولا يستطيع التحكم
بها.
qqq
---------------
نشرت في صحيفة الحدث بتاريخ الأربعاء
24/02/2010، العدد (125).
جـميع
الحقـوق مـحفوظـة
« لا يسمح باستخدام هذه المادة
بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »
ولا
يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.
|