العِقَال هو الحَبْلٌ الذي تُشَدّ به ذراع البعير بعد أن تُثْنى إِلى ركبته، وهو يستعمل للإبل فقط.

وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه، حين امتنعت العربُ عن أَداء الزكاة إِليه: لو مَنَعوني عِقالاً كانوا يُؤَدُّونه إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتَلْتُهم عليه.

يقول أبو تمّام:

          فأَطْلِقْ من عِقَالي في الأماني         ومِنْ عُقُلِ القوافي والمَطِيّ

ويقول ابن المعتز:

          قَرِّبَا  قَرِّبَا  عِقَالَ  المطايـا         واحلُلا غِبَّها عِقالَ الثواءِ

ويقول أبو العتاهية:

          وأصبر على غِيَرِ الزمانِ فإنما       فَرَجُ الشدائدِ مثلُ حَلِّ عِقَالِ

وله أيضاً:

          وإذا عَقَلْتَ هواكَ عن هفواتِهِ      أَطْلَقْتَهُ من خَيْنِ كلِّ عِقَـالِ

ويقول ابن حيُّوس، وهو من شعراء الفاطميين:

          ذَلَّلتَ جامِحَها بغيرِ  شكيمةٍ       وحبستَ شارِدَها بغيرِ عِقالِ

ومن ذلك العقِال والذي هو الحَبْلٌ الذي تُشَدّ به ذراع البعير بعد أن تُثْنى إِلى ركبته كما قلنا اشتقت كلمات كثيراً تشترك معانيها في الربط والإحكام والحفظ ومنها:

- العَقْل: وهو ذلك الجهاز الذي (يَعْقِل) الأمور والأشياء ويحفظها ويفهمها، أما الطفل الصغير الذي لا يعقل شيئاً، فهو ذلك الشخص الذي ما زال عقلُه لا يستطيع (عَقْل) الأمور وتقييدها.

يقول الشريف الرضيّ:

          تَوَرَّدَها قومٌ فطاحوا جهالةً        وكانَ عِقَالُ المرءِ عَنْهُنَّ عَقْلُهُ

ويقول أبو العلاء المعرّي:

          أُمورٌ  يَلْتَبِسْنَ  على  البرايا         كأنَّ العَقْلَ منها في عِقَـالِ

ويقول عبد الغني النابلسي:

          فإنَّ تقوى اللهِ مَنْ يَخْلُصْ بِهَا       حَلَّتْ عِقَالَ عَقْلِهِ  الْمَعْقُود

- والعاقل: هو الإنسان البالغ الفهم والإدراك الذي يستطيع عقل الأمور وحلّها، ويتصرف بحكمة ورويّة ويعرف متى يكون الحلّ ومتى يكون الربطُ والعَقْلُ.  

- والعقيلة: هي الزوجة التي ترتبط بزوجها بعِقَال الزوجية. وتظلّ عقيلةً له ما دامت في عصمته، وإن فرّق بينهما الطلاق يُفكّ ذلك العقال والرباط الزوجي الذي كان يربط بينهما.

يقول خليل مطران:

              عقيلةٌ أنزلَهَا عقلُها       من الغواني منزلاً مُفردا

والرجل هو الذي يُمسك بعقال الزوجية وهو الذي يعقده حول المرأة بعقدة الزواج، ولذلك يقال: جاء فلانٌ وعقيلته، ولا يقال جاءت فلانة وعقيلها.

- وعقيلة المال: هي المال بشكلٍ عام وإن كان في الأصل يقصد بها المال الذي يُعقل من الإبل، أو من الشاء والغنم. يقول أبو مسلم العماني، وهو شاعر عماني توفي في عام 1919م:

           عقائلُ المالِ تُؤتاها وتُنزعها        وما عقيلةُ فضلِ النفسِ تنتقل

- وعقيلة الفكر أو عقيلة الخاطر؛ هي القصيدة التي تُعقل بها المعاني بحبال البلاغة والبيان.

يقول عبد الكريم البسطي وهو من شعراء الأندلس:

          وإليكمُ مني عقيلةُ خاطرٍ     كَرَعَتْ من الآدابِ في غدرانِ

أنظر إلى جملة كَرَعَتْ من غدران الآداب ما أجملها، وكم فيها من حياة البادية التي ألفناها.

يقول لسان الدين بن الخطيب:

          خُذْهَا إليكَ عقيلةَ الشِّعْرِ الذي     تُبْدِي لهُ سِمَةَ الخُضُوعِ فحولُهُ

-  وعقيلة الإنسان؛ هي ما يضنّ به ويخشى عليه من الأشياء، يقول الشريف الرضي:

         غَيْرَانُ دُونَ العِرْضِ لا أسخو بهِ      والعِرْضُ خيرُ عقيلةِ الإنسانِ

- والعِقَال: هو ما يوضع على رأس الرجل فوق العمامة فيُمسكها على الرأس، ويسمى في النقب المرير، وكلمة مرير في اللغة هي الحبل المشدود الفتل.

وللعقال قيمة معنوية كبيرة لأنه يدلّ على الرجولة والشهامة. وقد يرمي أحدهم عقاله ولا يعود للبسه إذا جرحَ أحدٌ كبرياءه ويرى أنه غير جدير بلبس العقال إلا إذا عاد إليه اعتباره.

- واعتقل، ووضع رهن الاعتقال بمعنى حبسَ، وكأنه وضع العقال في رجل ذلك الشخص فحبس حريته.

- والمُعْتَقل: هو المكان الذي يُعتقل فيه الناس، فتُحبس حريتهم إلى أن يُفكّوا من رباط الحبس.

ومشتقات هذه الكلمة كثيرة وكلها أُشتقّت من تلك القطعة الصغيرة من الحبل، والتي يعقل بها العربي بعيره، وإن دلّ ذلك على شيء فإنما يدلّ على بساطة اللغة العربية والتي تبدو وكأنها فُصّلت لتلائم مقاييس حياة العربي في صحرائه، بين إبله ودوابه وأدواته المنزلية البسيطة.

                                               * * *