المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وبه نستعين، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين. وبعد: رحلتي مع الأمثال الشعبية منذ أكثر من عقد من الزمان قادتني إلى معرفة هذه العبارات والمصطلحات الشعبية، التي تشبه الأمثال إلى حدّ كبير، والتي يستعملها الناس في أحاديثهم اليومية كما يستعملون الأمثال تماماً. وهذه العبارات على كثرتها، ووفرتها، وتنوُّع مواضيعها، تكاد تكون جزءً لا يتجزأ من أحاديث العامّة، فهي تأتي لإيضاح معنى، ولتوضيح صورة، ولتقريب المعنى إلى الفهم، وهي تحتوي تارة على تلميحات ذكيّة، واستعارات مختلفة، وتارة ترمز إلى الموضوع رمزاً، واللبيب من يفهم المعنى ويستخلص العِبَر. وتأتي هذه العبارات على شكل جمل مفيدة، فعلية كانت أو اسمية، أو جمل نفيٍ واستفهام وتعجّب، ونداءٍ للبعيد، وحتى دعاء واستغاثة. ولكنها في مجملها لا تحتوي على السجع، وليست بها موسيقى لفظية، أو جَرْس شِعريّ، كما هو الحال في الأمثال الشعبية. وهذه العبارات ليست جديدة على اللغة؛ فهي موجودة في اللغة الفصيحة، وفي كتب الأمثال القديمة، ولكننا اخترنا هنا الشعبي منها، استمراراً لجهودنا في جمع وتوثيق الكثير من المواضيع التراثية الخالدة، والتي بدأناها بالأمثال الشعبية، وقَفَّيْنا بالقصص والحكايات، والمأكولات الشعبية وغيرها. وقد جمعت في هذا الكتاب عدداً لا بأس به من هذه المصطلحات، وشرحتها شرحاً يُبَيِّن معناها الحقيقيّ، وكيفية التلفُّظ بها، وإدخالها في جملٍ أصلية كما تجيء على ألسنة العامّة. وقد تختلف هذه المصطلحات من منطقة إلى أخرى، ومن لهجةٍ إلى لهجة، ولكنّ ما جمعناه هنا، يكاد يكون مستعملاً وشائعاً عند جميع الأوساط الشعبية، وهو بذلك يشكِّل مصدراً مهماً، ومرجعاً تراثياً لا غنى لدارس التراث عنه. وهذه العبارات ليس لها مرجع سابق، وقد تَصَيَّدناها من أفواه الناس، ولذلك فما زال باب الإضافة مفتوحاً لجمع المزيد منها، لتضاف في فترة لاحقة لطبعة جديدة من هذا الكتاب. إنّ مجهودنا في جمع هذه المادة وشرحها كان كبيراً، ولكن إيماننا بأهمية ما نقوم به، دفعنا لمتابعة العمل، وإكمال المسيرة، وها هو عملنا يُتَوَّج بهذا الكتاب الذي نضعه بين أيديكم، آملين أن نكون بعملنا هذا قد قدَّمنا خدمة لأهلنا، ولأبناء شعبنا ولوطننا العربي الكبير، نُلقي من خلالها الضوء على هذه البقعة المنسية من الوطن. وفي الختام نسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يكتب ذلك في ميزان حسناتنا، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلاَّ من أتى الله بقلبٍ سليم.
رهط في : الأحد، 02 تشرين أول، 2005
|