وقائلةٍ : هجرتَ الشعرَ حتَّـى
تَغَنَّـى بالسَّخَافَـاتِ الـمُغَنِّي
أتى زَمَنُ الربيـعِ وأنتَ
لاهٍ
وقد وَلَّـى وَلَمْ تَهْتِـفْ بِلَحْنِ
ونفسكَ كالصَّدَى في قاع ِ بئرٍ
ومثل الفجـرِ ملتحفاً بدَجْـنِ
فمالكَ ليس يستهويكَ حُسْنٌ
وأنتَ الـمرء تعشق كُلَّ حُسْنِ
أتسكتُ والشبابُ عليكَ ضَافٍ
وحولكَ للهوى جَنَّـاتُ عَـدْنِ؟
ركـودُ الماءِ يورثـهُ فسـاداً
فقلتُ لَهَا : استكينـي واطمئنـي
فما حَطَمَتْ يدُ الأيامِ روحي
وإنْ حَطَمـت أباريقـي ودنِّـي
ولَمْ أعْقِـدْ على خوفٍ لساني
ولا ضَنَّـاً على الدنيـا بفنِّـي
ولكني امرؤٌ للنـاسِ ضحكي
ولِـي وحدي تباريـحي وحزنـي
إذا أشكو إلى خِدْنٍ هُـمومي
وفي وُسْعِي السُّكُوتُ ظَلَمْتُ خِدْنِي
وتأبَـى كبريائي أن يَرانِـي
فَتَـىً مغرورقاً بالدمع جَفْنِـي
فأستر عَبرتِـي عنـهُ لئـلا
يَضِيـقُ بِهَا وإن هيَ أحرقتنـي
ويبكي صاحبِي فأخال أنـي
أنا الجانِـي وإن لَمْ يَتَّهِمْنِـي
فأمسح أدمعـاً في مقلتيـهِ
وإن حَكَـتِ اللهيبَ وإن كوَتني
لأنِّـي كلما رفَّهـتُ عنـه
طربتُ كأننـي رَفَّهْـتُ عنـي
كذلك كان شأني بين قومي
وهذا بينَ كُلِّ النـاسِ شأنـي
أقول لكلِّ نَـوَّاحٍ
رويـداً
فإن الـحُزْنَ لا يغنـي ، ويضنـي
وجدت الداءَ بالأحرارِ يُزري
فليتَ الدمعَ لَمْ يُخْلَـقْ بِجَفْـنِ
سبيل العِز أن تَبْنِـي وتُعْلي
فلا تَقْنَـعْ بأنَّ سِواكَ يَبْنـي
ولا تَك عالَـةً في عُنْق جَـدٍّ
رميمِ العَظْمِ أو عِبْئَاً على ابنِ
فَمَنْ يغرِسْ لكي يَبني سواه
يَعِشْ ، ويَموتُ مَنْ يحيا ليجنـي
ألائمتي اتركيني في سكونـي
ولومي من يَضجّ بغيـر طحـن
إذا صار السَّمَاع بلا قيـاسٍ
فلا عَجَب إذا سَكَتَ الـمغنـي
أنا ولِئنْ سَكَتُّ وقالَ غيري
وجعجعَ صاحبُ الصوتِ الأرَنِّ
إذا لَمْ أجِدْ حقـلاً مَرِيعـاً
خلقتُ الحقلَ في روحي وذِهنـي
فكادتْ تَمْلأ الأثْمَارُ كَفِّـي
ويَعبق بالشذى الفَوَّاحِ ردنـي
* * * * * |