بِيضُ الحَمَائِـمِ
حَسْبُهُنَّهْ
أَنِّي أُرَدِّدُ سَجْعَهُنَّـهْ
رَمْـزُ السَّلاَمَـةِ وَالوَدَا عَةِ مُنْذُ بَدْءِ
الخَلْقِ هُنَّـهْ
في كُـلِّ رَوْضٍ فَـوْق َ دَا
نِيَـةِ القُطُوفِ لَهُنَّ أَنَّـهْ
وَيَمِلْنَ وَالأَغْصَـانَ مَا خَطَرَ النَّسِيمُ
برَوْضِهنَّـهْ
فَإذَا صَلاَهُـنَّ الهَجـ ـيرُ هَبَبْنَ نَحْوَ غَدِيرِهنَّـهْ
يَهْبِطْنَ بَعْدَ الحَـوْمِ مِثْـ ـلَ الوَحْيِ لاَ
تَدْرِي بهِنَّـهْ
فَإذَا وَقَعْـنَ عَلَى الغَدِيـ ـرِ تَرَتَّـبَتْ
أَسْرَابُهُنَّـهْ
صَفَّينِ طُـولَ الضِّفَّتَيْـ ـنِ تَعَرَّجَا
بِوُقُوفِهنّـهْ
كُـلٌّ تُقَبِّـلُ رَسْمَهَـا في المَاءِ سَاعَةَ
شُرْبهِنَّـهْ
يُطْفِئْنَ حَـرَّ جُسُومِهِـنَّ بغَمْسِهِـنَّ صُدُورَهُنَّـهْ
يَقَـعَ الرَّشَـاشُ إذَا انْتَفَضْنَ لآلِئَاً
لِرُؤُوسِهِنَّـهْ
وَيَطِرْنَ بَعْدَ الإِبْتِـرَادِ إِلى
الغُصُونِ مُهُودِهِنَّـهْ
تُنْبيكَ أَجْنِحَةٌ تُصَفِّـقُ كَيْفَ كَانَ
سُرُورُهُنَّـهْ
ويُقـرُّ عينَـكَ عَبْثُهُـنَّ إذا جثمـنَ
،
بريشِهنّـَه
وَتَمِيلُ نَشْـوَانَاً - وَلاَ خَمْرٌ - بعَذْبِ
هَدِيلِهِنَّهْ
وَتَخَالُهُـنَ بلاَ رُؤُوسٍ حِينَ يُقْبِـلُ
لَيْلُهُنَّـهْ
أَخْفَيْنَهَا تَحْتَ الجَنَـاحِ وَنِمْنَ مِـلْءَ
جُفُونِهِنَّـهْ
كَمْ هِجْنَـنِي ورَوَيْـتُ عَنْهُنَّ الهَدِيـلَ …
فَدَيْتُهُنَّهْ
* * *
المُحْسِنَـاتُ إلى المريـضِ غَدَوْنَ أشباهـاً
لَهُنَّـهْ
الروضُ كالمُستشـفيـاتِ دَواؤُها
إيْنـاسُهُنَّـهْ
مـا
الكَهْرَبـاءُ وطِبُّـهَا بأَجَـلَّ من نَظَرَاتِهِنَّـهْ
يَشْفـي العليـلَ عناؤُهُـنَّ وعَطْفُهُـنَّ
ولُطْفُهُنَّـهْ
مُـرُّ الدَّواءِ بفيكَ حُلْوٌ من عُذوبَـةِ
نُطْقِهِنَّـهْ
مَهْـلاً فعندي فـارِقٌ بينَ الحَمَـامِ وبَيْنَهُنَّـهْ
فَلَرُبّما انقطَـعَ الحَمَائِـمُ في الدُّجَى عن
شَدْوِهِنَّـهْ
أمّا جَمِيـلُ المُحْسِنَـاتِ ففي النَّهَارِ وفي
الدّجَنَّـه
--------
ْنظم
إبراهيم طوقان قصيدته «ملائكة الرحمة»، في 19/10/ 1924 أثناء
مكثه في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت . |