حفنـي ناصف
(1856- 1919)
ولد حفني ناصف بالقاهرة يوم 16 / 9 / 1856م وتعلم بمدارسها ثم درس في
الأزهر الشريف، ولما تخرج فيه شغل عدة وظائف في القضاء. وقد نشأ حفني
منذ صغره محباً للأدب محباً للشعر. وقد تقلّب في سلك التعليم من وظيفة
مدرّس للغة العربية، وترقّى حتى وصل إلى مرتبة المفتش الأول للغة
العربية.
وفي سنة 1914 أحالت وزارة المعارف المصرية إلى حفني ناصف تطبيق رسم
المصحف الشريف الذي طبعته على رسم مصحف الإمام عثمان بن عفان، وعاونه
في هذا العمل أحمد السكندري والشيخ مصطفى العناني.
وفي أثناء ذلك بلغ حفني ناصف الستين من عمره فأحيل إلى المعاش، مع بقاء
مهمة طبع المصحف مسندة إليه وإلى زميليه، وقبل أن يحلّ ميعاد اعتزاله
لوظيفته بعشرين يوماً كتب يقول:
برزتُ في سحرِ البيـا نِ وشابَ فيه مفرقي
فقضيتُ عمري والبلا غة سابقاً لم أُلحـقِ
فاتَ الكثيرُ من الحيـا ةِ وقلَّ منها ما بقي
ومن القصص العجيبة التي ترتبط بحفني ناصف أنه كان أحد العلماء والأدباء
الستة، الذين وقفوا سنة 1905 على قبر الإمام محمد عبدة يوم وفاته
يرثونه حسب الترتيب: الشيخ أحمد أبو عطوة، حسن عاصم باشا، حسن عبد
الرازق باشا الكبير، قاسم بك أمين، حفني ناصف، حافظ إبراهيم.
وقد اتفق أن مات الأربعة الأولون بهذا الترتيب ولاحظ حفني ناصف ذلك
يوماً، وكان حافظ إبراهيم قد مرض وخاف على نفسه من الموت، فبعث إليه
حفني يطمئنه بهذه الأبيات:
أتذكـرُ إذ كُنَّا على القبرِ ستـةً
نعـدِّدُ آثـارَ الإمـامِ وننـدُبُ
وقفنا بترتيـبٍٍ وقـد دبَّ بيننـا مَمَـاتٌ على وفْقِ
الرثـاء مُرَتَّبُ
أبو خطـوةٌ ولَّى، وقَفَّـاه عاصمٌ وجـاء لعبدِ الرازق
الموتُ يطلبُ
فلبّى وغابت بعده شَمْسُ قاسـمٍ وعمّـا قليلٍ نَجْم
مَحْياي يغرب
فلا تخشَ هلكاً ما حييت وإن أمت فما أنت إلا خائـف
تترقَّـبُ
فخاطر، وقَعْ تحت القطار ولا تخف ونَمْ تحت بيتِ الوقْفِ
وهو مُخَرَّبُ
وخُضْ لُجَـج الهيجاءِ أعزلَ آمناً فإن المنايا عنك
تنـأى وتَهربُ
وفي سنة 1918 أصيب حفني ناصف بشلل جزئي فزاد تشاؤمه، وعزَّ رجاؤه في
حياة قضاها في جهاد وعناء، ثم شفي وعاد إلى مراجعة المصحف الشريف الذي
تطبعه وزارة المعارف، ولكنه يفجع بوفاة ابنته مَلَك " باحثة البادية"
في تشرين أول (أكتوبر) سنة 1918، وحضر حفلَ تأبينها في الجامعة المصرية
محمولاً لفرط ما أصابه من ضعفٍ وهمٍّ ومرض، حتى إذا وقف حافظ يرثيها
قال:
وتركتِ شيخَكِ لا يَعِي
هل غابَ زيدٌ أو حَضَر
ثَمِلاً تُرَنِّحُـه الهمُو مُ إذا تَمايلَ أو
خَطَـر
كالفَرْعِ هزَّتـهُ العوا صفُ فالتوى ثم انْكَسَر
وعندما أنشد حافظ ذلك بكى حفني بك، وحملوه وهو يبكي، ثم فقد رشده بضعة
أيام حتى لحق
بابنته في يوم الثلاثاء 24 جمادى الأولى سنة 1337 هـ، الموافق 25 شباط
1919م وكأنهما كانا على ميعاد، بعد أن
ترك تراثاً أدبياً خالداً.
من
مؤلفاته:
"تاريخ
الأدب- أو حياة اللغة العربية"، "مميزات لغات العرب"، ورسالة في
"المقابلة بين لهجات بعض سكان القطر المصري"، واشترك في تأليف "الدروس
النحوية".
وجمع ابنه مجد الدين ناصف شعره، في ديوان سماه "شعر حفني ناصف".
|