أطفئ الشمعةَ واتركنا
غريبَيْنِ هنـا
نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما
معنى السنا?
يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ
المساءْ
يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من
رجاءْ
سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا:
مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ
غُربَاءْ
اللقاء الباهتُ الباردُ
كاليومِ المطيـرِ
كان
قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعـوري
دقّتِ
الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا
وأنا
من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى
أسألُ
الساعةَ ما جَدْوى حبوري
إن
نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,
غُربَاءْ
مرّتِ
الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ
كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ
مرّتِ
الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ
خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي
خلتهُ
يَنبِسُ في نفسي يقولُ
أنتما
تحت أعاصيرِ المساءِ
غُربَاءْ
أطفئ
الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ
يسقطُ
النورُ على وجهينِ في لون الخريف
أو لا
تُبْصرُ ? عينانا ذبـولٌ وبـرودٌ
أوَلا
تسمعُ ? قلبانا انطفاءٌ وخُمـودُ
صمتنا
أصداءُ إنذارٍ مخيفِ
ساخرٌ
من أننا سوفَ نعودُ
غُربَاءْ
نحن من جاء بنا اليومَ ? ومن أين
بدأنـا ?
لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين
.. فدَعنـا
نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من
صِبانا
بعضُ حـبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم
سلانا
آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا
قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا
غُربَاءْ
( 1948)
المصدر :
ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 118 ، دار العودة
- بيروت ، 1986 . |
|