وأذكُرُ
أنَّكِ كُنْـتِ طَرِيَّـة
وشاحاً على دَرْبِ رِيحٍ شقيةْ
تلمّيـن معطفَـكِ الفستقي
على كنـزِ
قامَتِكِ الفستقيةْ
وقلتُ أنا : مرحباً .. فالتفتِّ
وأمطرتِ
ثلجاً وناراً عَلَيَّـهْ
وكانتْ رموشُ النجومِ بعيداً
تُحاولُ
جَرْحَ الغيـومِ العتيةْ
وكنتِ بِحَرْبَـةِ رِمْشٍ طَرِيٍّ
تُريدين
جَرْحَ معاني التحيـةْ
وَسِرْتِ بَعِيدَاً ورأسكِ نَحْوِي
وفي
النظراتِ معانٍ سخيـةْ
وشوقٌ بعينيـكِ أنْ ترجعي
كأشـواقِ
لاجئةٍ يَافَوِيَّـةْ
* * *
وأعلمُ أن الهوى هبَّ صدفـة
كهبـة ريح
على باب غرفـة
وأن الشبـاب بغير غـرام
كدارٍ من
الماس من غير شرفة
فليتك تدرين معنـى الربيع
يُجَدِّل
زهراً ليكرم صيفـه
ومعنـى أصابـع رمانـةٍ
ترفُّ على
البرعم الطفل رفـة
ومعنـى السحاب يريق دماه
فيسقي
الزهورَ ويصنع حتفـه
لأدركتِ معنى وقوفي الطويل
على باب
دارك أول وقفـة
* * *
وخلفتُ ريفي الذي تكرهين
لأغرق نفسي
بليل المدينـة
هناك وجدتُ وحولَ الشتاءِ
على صدرِها
طينةً فوق طينةْ
وينهبُ مَنْ شـاءَ ألوانَـها
كنهبِ
الخريفِ ستائرَ تينـةْ
تَعَرَّتْ كماسورةٍ من زُجَاجٍ
فألقيتُ
فيها مُنَايَ الثمينـةْ
وكنتِ بِمعطفِكِ الفستقـيّ
تَسيرين
عبرَ خيالي حزينـةْ
قِطاراً من العِطْرِ مَاضٍ يقولُ :
هبُونِـي
مَحَطَّـةَ قلبٍ أمينةْ
فأسألُ قلبِي : ألستَ أمينـاً
فيهتف :
داستْ عليَّ المدينـةْ
* * *
هنا في المدينةِ تَمْشِي
النِّعَالُ
على كلماتِي
.. على قِصَّتِـي
هنا الكلماتُ بغيرِ معـانٍ
توابيـتُ
مَوْحُولَـةُ الجبهـةِ
وفي كلِّ زاويةٍ ألفُ حُـبّ
رَخِيصٍ
كحاضريَ الْمَيِّـتِ
لِماذا جَنَيْتِ عَلَـيَّ لِماذا
رَمَيْتِ
إلى وَحْلِهَا مُهْجَتِـي
سَئِمْتُ المدينةَ .. قَلْبِي
يَموتُ
سآتِي إليـكِ
.. إلى قَرْيَتِـي
أُعَلِّـقُ قلبِـي على لَـوْزَةٍ
فَوَانِيسُهَـا حُـرَّةُ الْمَنْبَـتِ
أنا عائدٌ هل تُرى تَذْكُرين
فتدرين ما
السِّرُّ في عَوْدَتِـي
* * * * *
2-3-1959
-
من ديوانه " قصائد فلسطينية " .
- ديوان راشد حسين - دار العودة – بيروت (1987) . |