دَعْ
يومَ أمسِ وخُذْ في شأنِ يومِ غَدِ واعدِدْ لِنفسِك
فيهِ أفضَلَ العُدَدِ
واقنَعْ
بِما قَسَمَ اللهُ الكريمُ ولا تَبسُطْ يَديَـكَ
لنَيلِ الرِّزقِ من أحَدِ
والبَسْ
لكُلِّ زمانٍ بُرْدةً حَضَرَتْ حتى تُحَاكَ لـكَ
الأُخرى من البُرَدِ
ودُرْ
مَعَ الدَّهْرِ وانظُرْ في عَواقبِهِ حِذارَ أن
تُبتَلـى عَيناكَ بالرَّمَـدِ
مَتَى
تَرَ الكلبَ في أيَّامِ دَوْلتِـهِ فاجَعلْ
لرِجْليكَ أطواقاً من الزَرَدِ
واعلَمْ
بأنَّ عليكَ العارَ تَلْبَسُـهُ من عَضَّةِ الكلْبِ
لا من عضَّةِ الأسَدِ
لا
تأمُلِ الخيرَ من ذي نعمةٍ حَدَثَتْ فَهْوَ الحريصُ
على أثوابـهِ الجُدُدِ
واحرِصْ
على الدُرِّ أن تُعطِي قلائدَهُ مَن لا يُميِّـزُ
بَيْنَ الدُرِّ والبَـرَدِ
أعدَى
العُداةِ صَديقٌ في الرَّخاءِ فإن طَلَبْتَـهُ في أوانِ
الضِّيـقِ لم تَجِـدِ
وأوثَقُ
العهدِ ما بينَ الصِّحابِ لِمَنْ عاقَدتَ قلبـاً بقلبٍ
لا يَداً بيَدِ
عليكَ
بالشُّكرِ للمُعْطِي على هِبَـةٍ ودَعْ حَسُودَكَ يَشوي
فِلْذَة الكَبِدِ
لو كانَ
يَفَعلُ في ذي نِعمةٍ حَسَـدٌ لَمْ ينجُ ذو نعمةٍ من غائلِ
الحَسَدِ
مَحَضْتُكَ النُّصْحَ عن خُبرٍ وتَجرِبـةٍ واللهُ
سُبحانَـهُ الهادي إلى الرَشَدِ
فاخَترْ
لنفسِكَ غيري صاحباً فأنا شُغِلْتُ عنكَ بِمَا قد
جَدَّ في البَلَدِ
قد
شَرَّفَ اليومَ إبراهيـمُ بلَدتَنـا كأنَّهُ الرُوحُ قد
فاضَتْ على الجَسَدِ
أهدَتْ
إلينا ضَواحي مِصْرَ جَوْهَرةً من مالِنا فهي قد جادَتْ
ولَمْ تَجُدِ
ما
زالتِ الشَّامُ تشكو طُولَ وَحْشتِهِ كالأمِّ طالتْ
عليها غُربـةُ الوَلَدِ
سُرَّتْ
بزَوْرتِـهِ يومـاً ونَغَّصَهـا خوفُ الفِراقِ فلم
تَسلَمْ من الكَمَدِ
عليلةٌ
من دواعي الشَّوقِ حينَ دَرَى من لُطفِـهِ ما بِهَا
وافَى كمُفتقِدِ
لئنْ
يكُنْ من حِماها غيرَ مُقترِبٍ فقلبُـهُ عن هَواها
غيرُ مُبتعِـدِ
كريم
نفسٍ يُراعي عهدَ صاحبهِ فلا يُقصِّـرُهُ طُـولٌ
منَ المُـدَدِ
مُهذَّبٌ ليسَ في أقوالِـهِ زَلَـلٌ وليسَ في
فِعلِـهِ عَيـبٌ لِمُنتَقـدِ
يقومُ
بالأمـرِ بَيْنَ النَّاسِ مُنفـرِداً والغيرُ قد
كَلَّ عنهُ غيرَ مُنفـرِدِ
ويَحطِمُ المَنكِبَ الأعلى بِهمَّتِـهِ من قُوَّةِ
الرأي لا من قُوَّةِ العَضُدِ
منَ
الرِّجالِ رجالٌ عَدُّهـم عَبَثٌ وواحدٌ قد كَفَى عن
كَثْرةِ العَدَدِ
مالي
وما لنُجوم الليلِ أحسُبُهـا إذا ظَفِرتُ بوجـهِ
البَدرِ في الجَلَدِ
أهديتُهُ بِنْتَ فكرٍ قد فتحتُ لَهَا من حُسنِ
أوصافهِ كَنْزاً بلا رَصَدِ
تَمكَّنت بعدَ ضُعفٍ من نَفائسِهِ حتَّى ابتَنَتْ
كُلَّ بيتٍ شامخِ العُمُدِ
كلُّ
الملابِسِ تَبلَى مثلَ لابِسِهـا ومَلبَسُ الشِّعرِ
لا يبلى إلى الأبدِ
وأفضَلُ
المدحِ ما وازَنْتَ صاحبَـهُ وزْنَ العَروض فلم تَنْقُص
ولَمْ تَزِدِ
* * * |