لا تخلو حياة الناس من
الهموم والمشاكل. ولا تكون أيامهم جميعها سمناً على عسل،
بل هناك الكثير من المشاكل التي يصادفها الناس في حياتهم
اليومية، وتواجهها العائلات في المراحل الأولى من حياتهم
الزوجية. وقد تكون المشاكل الخفيفة أحياناً من الأمور
الإيجابية في حياة الأسرة، فهي تنقِّي الأجواء وتنظّف
القلوب مما علق بها من شوائب الشكوك والأوهام، ولذلك
فوجودها يُعَدّ من الأمور الطبيعية في الحياة الزوجية، وفي
حياة الأسرة بشكلٍ عامّ، إذا كانت القلوب كبيرة والنفوس
صافية نقيّة، وتعتبر مثل هذه المشاكل من الأمور
الاعتياديّة في الحياة العائلية. والمشاكل التي تواجه
المرأة في رحلة حياتها تقسم إلى عدة أقسام منها:
أ – مشاكل يسببها الزوج:
وهي المشاكل التي تنتج عن
بعض تصرفات الزوج الخاطئة، المتعمدة منها، والتي عن غير
قصد، فتعصف بالحياة الزوجية وتكاد تقتلع جذورها، وقد يكون
سببها جهل الزوج أو طيشه، أو عناده في بعض الأحيان.
وعادة ما تحدث في بداية كل
حياة زوجية بعض المشاكل والتي تنتج عن عدم معرفة الزوجين
بأخلاق بعضهما البعض، ثم لا تلبث هذه المشاكل أن تختفي بعد
أن يتعوّد كلّ طرف منهما على الآخر، فتتآلف القلوب وتسود
المحبة والتفاهم وتسير الحياة على وتيرتها الصحيحة.
ضعف شخصية الزوج:
وقد يكون بعض الأزواج ضعيف
الشخصية، أو لا شخصية له على الإطلاق، فيسمع كلّ وشاية إن
كانت من أهله أو من غيرهم ويتحرّش بزوجته ويقع بينهما شجار
وسوء تفاهم، ويقولون عن هذا الزوج: "كلمة بتودِّيه وكلمة
بتجيبه"، أي أنه ليس له رأي مستقل كما ذكرنا. وقد تحرد
المرأة مرات ومرات ولكنها بعد أن تدرك شخصية زوجها وتعرف
بأنه لا يستطيع توجيه نفسه فكيف يوجه الآخرين تأخذ في مثل
هذه الحالة بزمام الأمور وتدير شؤون بيتها و"تُصَنِّم"
زوجها، أي أنها توجهه برأيها وتهتم بملبسه وشكله حتى يظهر
كبقية الرجال، وكلمة "صَنَّمَتْ، تُصَنِّم" مأخوذة من كلمة
صَنَم ؛ وهي تعني تحسين وضع الشخص، وتصحيح مساره العقلي
ليساير الوضع القائم في المجتمع، حتى لا يكون كالصنم
جامداً وخاملاً.
وهم يذكرون الصنم في
مَثَلٍ آخر حيث يقولون: فلانة صنم بلا أفم، أي أنها هادئة
وادعة لا يكاد يُسمع صوتُها لفرط أدبها وحيائها.
أما إذا لم تكن المرأة على
قدرٍ من العقل والذكاء فإنّ حياتها تظلّ تتأرجح بين وشاية
وأخرى.
خمول الزوج وكسله:
وقد يكون الرجل كسولاً
خاملاً لا يعمل ولا يخرج من البيت، ويظلّ يُسمع امرأته
انتقادات مختلفة بين الحين والآخر، ويُعيّرها بما لا تحب
أن تسمع، ويلذعها بكلمة من هنا وكلمة من هناك، لأنه ليس
لديه ما يتحرّش به سواها، ويظل في وجهها طيلة الوقت، فتضيق
ذرعاً به وبتصرفاته ولكنها تسكت على مضض لعلّ زوجها يعود
لجادة الصواب في يوم من الأيام، وحتى إذا خرج هذا الزوج
لقضاء بعض المصالح فإنه يوصي شخصاً من أهله ليراقب بيته،
فتقول المرأة عندها:"إن غابت الخيل ما غاب، وإن غاب
وصّى طنيبه". ومثل هذا الرجل تكون صفاته أقرب لصفات
النساء منها لصفات الرجال، والمرأة بطبيعتها تحبّ الرجل
الناجح الذي يعمل ويكدّ، والذي إذا ما غاب جاب، والذي يوفر
لها أسباب الراحة والاستقرار والحياة الكريمة.
شكوك الزوج وغيرته:
وقد يكون الرجل كثير
الشكوك شديد الغيرة على زوجته بشكل غير اعتيادي وغير
منطقي، فهو يُضيّق عليها الخناق، ويعدّ عليها أنفاسها،
ويحاسبها على كلّ صغيرة وكبيرة، وكأنها يجب ألاّ تخطيء،
وهو يراقب تصرفاتها ويشكّ في كثير منها لأن:"الحرامي ما
بيأمِّن على بيته...".
وهي إذا تكلمت
يجب أن تهمس همساً حتى لا يسمع صوتها أحد لأن صوت المرأة
عورة، ويجب أن يبقى قناعها على رأسها حتى وهي في بيتها،
لأنه من العيب أن تسير في بيتها دون قناع.
أما إذا ذهبت لتزور أهلها
فإنه يسأله عندما تعود: من رأيتِ عندهم ؟، ومن جاءهم أثناء
حضورك هناك ؟، وماذا قالوا عني، وكلها أسئلة سخيفة تافهة
لا معنى لها.
أما إذا غاب هو عن البيت
فإنه يسألها بعد عودته: من جاء اليوم إلى بيتنا، ولماذا
جاء وما الذي يريده.. ومثل هذه الأسئلة التي تُنغّص عليها
عيشها، وهي أسئلة مملة ولكنها للأسف كثيرة الحدوث في
مجتمعنا.
عقلية الرجل ورجعيته:
أما إذا لم تحمل المرأة،
أو إذا تأخر حملها لبعض الوقت فإنّ اللوم يقع عليها، لأنها
هي المسؤولة عن عدم الإنجاب، وإذا سأل أحد من أهل المرأة
ذلك الزوج هل فحص نفسه ؟ فإنه تثور ثائرته ويشعر بأنه طُعن
في صميم كرامته، وكان من الأجدر بأهل الزوجة أن يعالجوا
ابنتهم لأن "العَوْق" منها هي، وليس منه هو، فالنساء "سبب
لكل عِلّة" وزوجته واحدة من هذه العلل، والرجل كالنبع يظل
ينجب حتى وهو في سنّ الشيخوخة، أما المرأة فإنها كالدجاجة
تبيض بيوضاً معدودة ثم تنتهي قدرتها على الإنجاب.
زواج الرجل من امرأة أخرى:
أما المشكلة التي تُعدّ من
قاصمات الظهر بالنسبة للمرأة فهي زواج زوجها عليها، وجلبه
ضرةً لها، فإذا تزوج الرجل امرأة أخرى تتحول حياة الأولى
إلى جحيم لا يطاق، وتفقد بذلك تلك المنزلة الرفيعة التي
كانت تتبوأها في المنزل كآمرةٍ ناهية لها الكلمة العليا في
البيت، وتصبح وليس من يهتم بها أو يلتفت إليها.
وقد يهجرها زوجها ويميل
إلى المرأة الجديدة الأكثر شبابا ًوحيوية، فتصاب حينها
بالإحباط، وتنطوي على نفسها، ويقلّ نشاطها وتفقد قابليتها،
وتذوي كالزهرة الذابلة.
وقد تشتد ضراوة المشكلة
إذا استولت الزوجة الجديدة على مقاليد الأمور، فترى فيها
الزوجة الأولى غازيةً تستولي على بيتها وعلى زوجها، لأن
الضرة جاءت من الضرر واسمها يدلّ عليها.
وغالباً ما ترضى المرأة
بالأمر الواقع وتعزِّي نفسها بقولها: " المَرَهْ ما بتاكل
المَرَهْ "، ولكن ذلك من باب التعزية فليس الأمر في يدها
وهي لا تملك له منعاً ولا صرفا.
ومهما كانت أخلاق
الضُّرَّة وصفاتها فهي في نظر المرأة الأولى ضُرَّة بكل ما
في الكلمة من معنى، وينطبق عليها المثل الشعبي الذي يقول:
" الضُّرَّة ضُرَّة ولو كانت قُعْمُرّة جَرَّة ".
وحتى أولاد الضرة فهي لا
تطيقهم وترى فيهم أبناء المرأة التي أخذت زوجها منها
وسلبتها سعادتها وهدوء بالها وتقول: "اقعد على الضُّر
ولا تقعد على شروشه".
وقد تُوهِم المرأةُ بعض
الجيران أو الناس بأنها أصبحت مع رفيقتها كالأخوات، ولكن
هذا ما هو إلا ضرب من التمثيل، فهي لا يمكن أن ترضى عنها
مهما كانت الظروف وترى فيها الوباء الذي أحال حياتها
جحيماً لا يطاق.
ولكن بمرور الأيام تتعود
النسوة على الحياة المشتركة، إذا كان الزوج عادلاً يعدل
بينهما بالحقّ، وترضى كلّ واحدة منهما بقسمتها ونصيبها في
هذه الحياة.
وقد يلجأ الرجل للزواج من
امرأة أخرى لعدة أسباب من أهمها:
إذا
لم تحمل امرأته كما ذكرنا لا يستطيع أن يصبر، لأنه يريد أن
يرى له ابناً يحمل اسمه حتى لا يكون "مقطوع الذرية"، وحتى
لا يرثه إخوانه وأبناؤهم، وكأن المرأة لا تتمنى أن تكون
أمّاً، وهي تريد ذلك أكثر مما يريده هو.
وقد يلجأ الرجل للزواج لأن
وضعه الماديّ حسن، وصحته جيدة والدين يسمح له بأكثر من
زوجة، وهو يريد أن تكون له قافلة من الأبناء والأحفاد،
والأولاد رزقهم على الله سبحانه، ولا ضير من الإكثار منهم.
وهم كذلك يكونون له في
المستقبل سياجاً من كلّ طاريء فلا يستطيع أحد أن يعتدي
عليه لأنه مسنود الظهر بما له من الأولاد والنسل.
وقد يلجأ الرجل للزواج لأن
امرأته مريضة ولا تستطيع تلبية احتياجاته، وقد تشير بعضهن
على زوجها بأن يتزوج لأنها تشعر بأنها لم تعد قادرة على
تلبية كل ما يحتاجه زوجها في حياته اليومية، وهناك حكاية
تقول: إنَّ رجلاً تخطى سنّ الكهولة وقد أصيبت زوجته بمرض
أقعدها ولم تعد تستطيع المشي ولا خدمة زوجها أو خدمة
نفسها، وبعد مدة اقترحت عليه أن يتزوج فرفض، ولكنها
ألَحَّتْ عليه فخطب فتاة وبنى لها خيمة قرب بيته وتزوجها،
وفي صبيحة اليوم التالي للعرس سمع خَبْطاً بجانب الخيمة
فخرج ليكشف الأمر فوجد زوجته المريضة تزحف وتضرب الأرض
بعكازتها، فقال لها: ما الذي أتى بك يا أم فلان، فقالت له:
طلقني، فقال لها كيف أطلقك وأنت أم أولادي وأنت التي أشرت
عليّ بالزواج، فأقسمت بأنها لن تبرح مكانها إلا بعد أن
يطلقها، وعندما أعيته الحيلة طلقها فعادت لتعيش بقية عمرها
مقعدة عند أهلها.
ب- مشاكل تسببها الزوجة:
يرى الرجل أنَّ المرأة
مخلوق ناعم هاديء وادع، وأنّ هذا المخلوق جاء ليُرَفِّهَ
عنه، ويخفِّفَ عنه تعبه وإرهاقه، ويستدلّ بأن حواء خُلقت
من ضلع آدم القصيرة لتخدمه وتكون عوناً له في حياته، وإذا
لم تتحقّق تلك الشروط في بعض الزوجات فإنّ الرجل يرى ذلك
خروجاً عن المألوف، فإذا لم تطع المرأة زوجها طاعة عمياء،
أو إذا حاولت مناقشته والرد على بعض تجاوزاته، يرى أنها
امرأة رأسها غليظة وطبيعة المرأة أن تكون عكس ذلك أو أنها
امرأة مسترجلة على أقل تقدير، وإذا كانت الخشونة من طبيعة
الرجل وحاولت المرأة أن تكون خشنةً مثله فما الحاجة للزواج
إذن ؟.
ومن هنا تنبع بعض المشاكل،
لكن بمرور الزمن يتعوّد الزوجان على بعضهما البعض ولا يرى
أحد منهما غرابة أو شذوذاً في تصرفات الآخر.
تعكير صفو الزوج:
وتحرص بعض النساء أن تخبر
زوجها بكل صغيرة وكبيرة تجري في البيت في فترة غيابه، ليس
حباً منها بإطلاعه على مستجدات الأمور، ولكن لأنها لا
تستطيع أن تصبر دون أن تفشي ذلك الخبر الذي يجيش على صدرها
كالنار الحامية، وتريد أن تزيح حمله عن صدرها بإفشائها له،
فما إن يصل الرجل بيته بعد عناء يوم طويل من العمل
والإرهاق إلا وتُفرغ عليه وِطَابَ أخبارها، وربما تبالغ في
بعضها فتعكّر عليه صفوه وهو أحوج ما يكون إلى الهدوء
والراحة، وكان من الأجدر بها أن تستقبله بوجهٍ بشوش وبعد
أن يستريح ويتناول طعامه وشرابه تخبره إن كان هناك حدث
يستحق الإخبار عنه بشيء من اللباقة واللطف دون أن تهيّج
أعصابه المهترئة من قبل ذلك.
جارات السوء:
وكما أن بعض الرجال يكون
ضعيف الشخصية فكذلك الحال بالنسبة للنساء، فقد تكون بعضهن
ضعيفة الشخصية، لا تُحلّل ما تسمع فتأخذ ما ينفعها منه
وتترك ما سوى ذلك، فإذا سمعت شيئاً من جارات السوء تحاول
تقليده أو تطبيقه في بيتها فتحدث المشاكل بسبب ذلك، وتعرّض
نفسها لسخط زوجها عليها وعدم رضاه عنها، وهذه الظاهرة
كثيرة الوجود في مجتمعنا، والمرأة اللبيبة هي التي توازن
بين الغثّ والسمين، ولا تسمع بعض الآراء التي يقصد من
ورائها ضررها وخراب بيتها.
إفشاء سر العائلة:
لكلّ عائلة خصوصياتها،
وأمورها التي لا تُحبّ أن يطّلعَ عليها أحدٌ سواها، وقد
تكون بعض الزوجات من النوع الذي لا يُؤتمن على سرّ، فما إن
تسمع خبراً عند أهل زوجها إلا وتفشيه في اليوم التالي
لأهلها، فتفقد عندها ثقة عائلتها بها، ولا يتحدثون أمامها
بأي شيء من هذا القبيل، وإذا كانوا يتحدثون في أمر ما
فإنهم يغيرونه إلى حديث آخر إذا ما دخلت عليهم فلا تفهم
شيئاً مما يدور بينهم.
تبذير أموال الزوج:
وقد تعمد بعض النساء إلى
تبذير أموال زوجها خشية أن يتزوج عليها، فتأتيه كلّ يوم
بمشروع جديد، وتقترح عليه كلّ يوم اقتراحاً، حتى تثقل
كاهله وتُحمّله فوق طاقته، وإن أرخى أذنه وسمع منها يجد
نفسه وقد وصل إلى حضيض الفقر والحاجة. وبعدها إذا تذمّر من
الفقر تقول له: أتريدني أن ألبس بنطالاً كالرجال وأخرج
للعمل ؟ فيصحو بعضهم ولكن بعد فوات الأوان.
المرأة الطامحة:
وقد يتزوج الرجل من امرأة
لا تريده ولا ترغب في الزواج منه، لأنها ربما تكون قد
أُرغمت على هذا الزواج إرغاماً، فتبدأ تختلق المشاكل بسبب
وبدون سبب حتى يملّ منها زوجها ويطلقها، وهي تحزم أمتعتها
وتعود لأهلها لأتفه الأسباب، وتمكث عندهم فترة من الزمن
يذهب خلالها زوجها ويراضيها فتعود معه لتعاود الكَرّةَ من
جديد، وعندها يفهم زوجها بأنها امرأة طامح، وهي تتطمَّح
عنه، أي أنها تتهرب منه وتحاول التخلّص منه لتتزوج رجلاً
غيره، فيطلقها غير آسف عليها.. وكثيراً ما تخسر مثل هذه
المرأة الزوج الذي بين يديها، وتخسر الشخص الذي تطمح
للزواج منه، على اعتبار أن المرأة التي لا خير فيها لزوجها
الأوّل لا يكون فيها خير للزوج التالي.. وهكذا تعيش بقية
عمرها وهي تعضّ على أصابع الندم.
جـ
- مشاكل يسببها أهل الزوج:
أما المشاكل التي يسببها
أهل الزوج فإنّ أكثرها يكون من نصيب والدة الزوج التي تقف
لتلك المرأة الجديدة بالمرصاد، لأنها تشعر بأنها مسؤولة
عنها وهي تريد أن تطبق هذه المسؤولية بشتى الوسائل، فتراقب
حركات تلك الزوجة اليافعة وتعدّ عليها أنفاسها، فإذا لبست
لا يُعجب الأم لبسها، لأنها تراه ضيقاً أو قصيراً أو
شفافاً، وإذا تكلمت فلسانها طويل ويجب أن تكون قليلة
الكلام قليلة السؤال.. وإذا أكلت فهي لا تشبع، وهناك مثل
يصور ما تطلبه أم الزوج من زوجة ابنها يقول: " صحيح لا
تقسمي، ومكسور لا تاكلي، وكلي حتى تشبعي ".
وكثيراً ما تدخل الأم بيت
ابنها وتنظر يمنة ويسرة فلا ترى شيئاً يعجبها، فتنصح زوجة
ابنها أن تزيل بيت العنكبوت من تلك الزاوية، وترفع ذلك
اللحاف وتضع الوسائد تحته، وإذا ما أبدت العروس اعتراضها،
أو إذا ما سخرت من هذه الأم الطاغية، ولم تُنفّذ شيئاً من
أوامرها، تنتظر الأم عودة ابنها، وتحدثه عن تلك البنت
العنيدة، وربما تنزلق دموع قليلة تتدحرج على خدّ الأم
لتثير عطف الابن الذي غالباً ما يعرف بأنها أشبه ما تكون
بدموع التماسيح، فيراضي والدته ويعدها خيراً، وبأنه سيفحص
الموضوع وسيعمل على رضاها.
وقد تتغير سياسة الأمّ
وتتغير نظرتها إلى كِنَّتِها، فعندما يتزوج ابنها الأول
تكون زوجته هي الغالية، ولكن بمجرد أن يتزوّج ابنٌ آخر لها
وتدخل امرأته إلى البيت، تقف الأم ضد الكنّة الأولى وتناصر
التالية، ولا تعد تستشيرها أو تنتبه لوجودها، وتبقى الكنة
الجديدة هي الغالية حتى تأتي أخرى وهكذا.. ولكن الأب
الحازم يُوقف هذه الأمّ عند حدّها ويأمرها بعدم التدخّل
ويضع حدّاً لتصرفاتها وتقلباتها التي تشبه تقلبات الطقس.
د – مشاكل يسببها أهل الزوجة:
أما
المشاكل التي تندرج تحت باب أهل الزوجة فهي لا تقلّ عن تلك
التي تحدث نتيجة التدخل الزائد في خصوصيات الأسرة الجديدة،
وغالباً ما تلعب أم الزوجة الدور الرئيسي في إذكاء نار هذه
المشاكل وإشعال فتيلها، فما إن يمضي وقت قصير على زواج
ابنتها إلا وهي تشير عليها أن تستقلّ بزوجها وتخرج به
ليعيش منفصلاً عن أهله، وربما يكون الأهل في أمسّ الحاجة
لمساعدة هذا الابن لهم، فتبدأ دسائس هذه الأم تحيك خيوطها
حول هذه العائلة الوادعة السعيدة وإذا ما سمعت الزوجة كلام
أمها فغالباً ما تتحوّل تلك السعادة إلى قلق وعدم استقرار.
وربما بدأت هذه الأم بإرسال بعض المواد الغذائية لابنتها
وكأنها تريد أن تشكّك بأن ابنتها جائعة ولا تحصل على ما
تريده من طعام عند عائلتها، وكذلك الحال بالنسبة للباس.
وتبعث الأم ابنتها الصغيرة
لتستدعي أختها وتظل تزنّ على رأسها حتى إذا ما شعر الزوج
بخطورة الوضع فإنه يخيّر زوجته بين البقاء في بيته أو
البقاء في بيت أهلها، وربما تجد المرأة متنفساً بذلك وتكفّ
لبعض الوقت عن زيارة أمها بدعوى أن زوجها لا يريد ذلك
ويهددها بتركها أو الزواج عليها إذا ما تمادت في تصرفاتها
وأكثرت من زياراتها.
وفي النهاية نودّ أن نقول
بأن ما طرحناه هنا هو نموذج لبعض المشاكل التي تحدث في
مجتمعنا وخاصة للأسر الجديدة منها، وهي ليست مقياساً ينطبق
على جميع العائلات، بل هناك الأسر السعيدة والأمهات
المثاليات اللاتي يوفرن أسباب الراحة لأبنائهن وزوجاتهم،
كذلك نود أن نشير إلى أن الوعي الديني له دور كبير في
تنشئة النفوس على الأخلاق الحميدة وعلى فعل الخير
والابتعاد عن المعاصي، فيسود التراحم بين الناس، وتعمّ
المحبة والوفاق، وأتمنى لكل العائلات في مجتمعنا أن تعيش
في رغد من العيش، وأن يبعد الله عنها ما ينغص عيشها، على
أمل اللقاء بكم في مقال آخر إن شاء الله تعالى.
---------------
نشرت في صحيفة أخبار النقب بتاريخ 07/06/2004
جـميع
الحقـوق مـحفوظـة
« لا يسمح باستخدام هذه المادة
بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »
ولا
يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.
|