تحدثنا في المقال السابق عن طرق الزواج وأنواعها، ونريد أن
نتحدث في هذا المقال عن الخطوبة وطلب يد الفتاة أو المرأة
من أهلها.
فالخطوبة في اللغة: هي طلب يد الفتاة من أهلها
للزواج، وفترة الخطوبة هي تلك الفترة التي تسبق الزواج،
والتي يتم خلالها طلب يد الفتاة من أهلها، والاتفاق على
المهر ومشتقاته وكتابة العقد الشرعي الصحيح، وكلّ ما يتعلق
بأمور الزواج.
وقد تطول فترة الخطوبة أو تقصر، ولكنها تظلّ في مجتمعنا
تحمل معنى واحداً هو عدم خروج المخطوبَيْن معاً إلا بعد
الزواج، وهذا الكلام لا ينطبق على العصر الذي نعيش فيه
والذي بلغ فيه الناس شأواً بعيداً في تقليد مساوئ الغرب
وحضارتهم الفاسدة.
وفترة الخطوبة إذا كانت قصيرة تكون أفضل لأنها إذا طالت
يدخلها الحسد والفتنة، وتُروَّج فيها الشائعات الكاذبة
التي تهدف لفسخ الخطوبة والتفريق بين الطرفين، ناهيك عما
يُروَّج في مجتمعنا من أعمال السحر والشعوذة، وهي وإن كانت
أعمالاً باطلة إلا أنها تترك أثراً سيئاً في نفس الخطيبين.
والخطوبة في مجتمعنا تسير
وفق معيارين مختلفين، فأما المعيار الأول فهو خطوبة
الفتاة ضمن نطاق العائلة والقبيلة، بينما يتركّز القسم
الثاني حول خطوبة الفتاة خارج نطاق عائلتها وقبيلتها، وهو
لا يقلّ عن الأول من حيث الانتشار والأهمية.
وتبدأ حلقة الخطوبة من
أبناء العمومة، ثم تتسع الدائرة لتصل إلى الأقارب الأكثر
بعداً، فإذا كان الخاطب من أبناء عمومة الفتاة فهو
بطبيعة الحال يكون على معرفة جيدة بها لأنه ربما يكون قد
تربّى معها في نفس البيئة والمكان ، وهو ليس بحاجة لمن
ينقل له أوصافها أو يشرح له عن أهلها وهنا يتم طلب يدها
وخطوبتها بشكل عائليّ ودون كثير من المقدمات.
وزواج الفتاة من ابن عمها
من الأمور المسلَّم بها في مجتمعنا، حتى أنه انطبع في
ذاكرة الناس بأن البنت يجب أن تُزَوَّج لابن عمها، ونراهم
يقولون:" ابن عمها
حليلها "، حتى وإن
لم يكن قد خطبها بعد، وكذلك يقولون:"
ولد العم بينَزِّل العروس
من القْطَار "،
والقْطَار هو رَكْب العروس، أي أنه يستطيع عرقلة زواجها
ومنعه حتى لو كانت في هودجها وفي طريقها إلى بيت العريس.
ونجد النساء أيضاً يقلن:"
آخُذ ابن عمِّي واتغطّى
بكُمِّي ".
والناس في مجتمعنا يرغبون في تزويج بناتهم قريباً منهم،
إن كان ذلك على أبناء عمومتهن أو على أبناء العائلة
المقربين، حتى يكون "
ولدها في الفَزْعة وبنتها
في الرَّزْعة "،
وفيما لو رحل أهلها طلباً للكلأ والمرعى فإنها ترحل مع
عائلتها معهم وتظل قريبة منهم لأنها " ترحل مع رحيلهم
وتحطّ مع حطيطهم ".
وربما يُفَضَّل زواج الأقارب لدى الكثيرين لمعرفتهم للبنت
وأهلها وأصلها وفصلها، وهم يؤمنون بالمثل الذي يقول:"
خُذ من طينة بلادك
وحُطّ عَ خدادك "،
وربما تزيد بعضهن بقولها:"
خُذ من طينة بلادك ولَيِّس
على خدادك "، ولا
شك أن الأم تفضِّل أن تكون ابنتها قريبة منها حتى تكون على
مدى الصوت، أي يمكنها أن تناديها وأن تطعمها من " طبخة
الخبيزة " على أقل تقدير.
أما إذا كانت الفتاة جميلة فغالباً ما يحاول أبناء عمومتها
منع زواجها من غيرهم، حتى لو كانوا متزوجين، لأنهم لا
يحبون أن يستأثر بهذا الجمال أحدٌ غيرهم، لأنها ابنة عمهم
وهم أولى بها من باب "
جحا أولى بلبن بقرته
" ويكون نصيب من يتقدّم لخطبتها من غيرهم الرفض والطرد
وليس غير ذلك.
وكان الناس في السابق عندما تولد لأحد منهم ابنة أنثى
يذهبون ليباركوا لوالدها بميلادها ويطلبونها منه في نفس
الليلة، وكان والد الفتاة إذا كان القادم من إخوانه وهو
يريدها لابنه فيقول له:" تراها جَتَك عطا ما فيها ردّ جزا
"، أي جاءتك بدون مقابل، وبذلك تكون تلك الخطوبة قد بدأت
صفحتها الأولى وتبقى تنتظر إلى أن يصل الأولاد إلى سن
البلوغ فتكتمل حينها المراسيم من قراءة الفاتحة وغيرها.
أما إذا كبرت الفتاة ولم يتقدم أحد من العائلة لطلب يدها
لسبب من الأسباب كأن يكون أقاربها متزوجين، أو أن يكون
لأبيها عدد من البنات زوج بعضهن وظل عنده عدد منهن بلا
زواج، فحينها لا يبقى أمام الأب إلا أن يزوج ابنته لكل من
يتقدم لها من العائلات الأخرى إذا كان الخاطب على المستوى
الذي يكفل لها زواجاً مريحاً وحياة هانئة.
وإذا حدث مثل هذا الزواج خارج نطاق العائلة فتكون الفتاة
بذلك قد تزوجت " غريبة "، ولا بد للغريبة أن تكون على
مستوى خلقي لائق يخولها العيش مع عائلتها الجديدة والتأقلم
مع ظروفٍ لم تكن تألفها من قبل. ولا بد لها أن تستر وجهها
ووجه أهلها بتصرفاتها لدى تلك العائلة، وألاّ تنقل عنهم
إلاّ كل خير، وكل صورة حسنة حتى لا يُنظر لها باحتقار
وازدراء.
أما إذا تقدم لطلب يد الفتاة أكثر من خاطبٍ واحد فليس في
هذا ما يضير لأن "
البنات والخطبة "
كما يقولون، أي أن من العادة أن تُخطب الفتيات، وكذلك
فإن:" الخَطَّابين
مِيّهْ والجوز واحد
"، أي أنها في نهاية المطاف ستتزوج من يكون فيه النصيب
منهم.
الخطوبة خارج نطاق العائلة:
أما الخطوبة خارج نطاق العائلة فلا بد لها من تمهيد
ومقدمات قبل التقدّم لطلب يد الفتاة حتى تسير الأمور بشكل
سليم وتأتي ثمارها الطيبة بالخطوبة والزواج.
فإذا كان لأحدهم ابن في سن الزواج، ورغب في تزويجه من
عائلة أخرى لشرف تلك العائلة أو لسمعتها الطيبة أو لنسبٍ
سابق بينهم فلا بد حينها من معرفة نية أهل الفتاة إذا
كانوا يرغبون في تزويجها أم لا، حتى لا تعود "الجاهة"
خائبة، وتُكْسَف من قِبَل أهل الفتاة، أي لا يراعى
شعورها ويُرفض طلبها وفي هذا نوع من جرح الشعور والكرامة
الشخصية إذا كانت الجاهة من الشيوخ والوجهاء، ويقولون في
مثل هذه الحالة:" الكَسْفة ما هي زينة ".
وكذلك لا بد من معرفة مواصفات الفتاة إذا كانت جميلة أم لا، أو إذا كانت على خلق، أو أنها فتاة طبيعية على أقل
تقدير، وهذا حق لهم لأنه لا يمكن تزويج ابنهم من فتاة لا
يعرفون عنها شيئاً. ولهذا الأمر تنتدب امرأة لتجسّ لهم نبض
القوم وتأتيهم بالخبر اليقين، وغالباً ما تكون تلك المرأة
أم الشاب أو أخته أو جدته، وربما تقوم بهذا الدور امرأة
أخرى ولكن ذلك لا يكون إلا في بعض الحالات النادرة فقط،
وهذه المرأة وفي هذه المهمة بالذات تسمى "النَّقَّادة".
النَقَّادة:
النقّادة كما قلنا هي
المرأة التي يبعثها العريس أو أهله لتنقل لهم مواصفات
الفتاة التي ينوون خطبتها وطلب يدها من أهلها. وسميت نقادة
لأنها تَنْقُد الفتاة أي تميز أوصافها من جمال في الشكل
ورشاقة في الحركة، وتختبر عقلها وذكاءها، وهي مأخوذة من
كلمة النقد التي تعني تمييز الجيد من الرديء، والغث من
السمين والجميل الحسن من القبيح المستهجن.
وعادة ما تبعث النقّادة من
يخبر أهل الفتاة عن نيتها في زيارتهم من أجل ذلك الغرض،
فيكون ردّ أم الفتاة بالترحيب وقبول الزيارة وذلك بقولها:" حيّاها الله، تتفضل في الوقت الذي تريده ".
وفي اليوم المحدد تتهيأ أم
الفتاة استعداداً لاستقبال تلك الزائرة الناقدة، فتقوم في
الصباح الباكر بتنظيف البيت من الداخل والخارج و"المَحَاس"
وهو الساحة التي أمام البيت، وتفرش المَحرم، وهو المكان أو
الحجرة الخاصة بالنساء، تفرشه بالبسط المعدة للضيوف
والفرشات إن وجدت، وتكون الفتاة قد تهيأت أيضاً، ولبست
ملابسها النظيفة من ثوب وشال وحزام وغيره، ومشطت شعرها
وصففته بشكل يجذب الأنظار، ووضعت بعض القلائد لتتدلّى في
عنقها، وربما تعطرت بالقرنفل، ولكنها لا تضع على وجها
شيئاً من الدهون أو أدوات التجميل، لأن هذا الأمر كان
ممنوعاً في مجتمعنا على الفتاة التي لم تتزوج بعد، ويسمح
به للمرأة المتزوجة في نطاق بيتها فقط.
وعند وصول "النقَّادة" تستقبلها والدة الفتاة استقبالاً
حسناً وترحب بها أحسن ترحيب وتجلسها في مكان يليق بها، ثم
تأتي الفتاة وترحب بها وتصافحها (ومصافحة النساء بالتقبيل)
وتبشُّ في وجهها، وإن كانت لبقة فهي تستطيع أن تخلب لبها
بحسن الحديث ولطافة اللفظ ورشاقة الحركة، والمبالغة في
الكرم وتقديم الشراب والطعام، وإظهار معرفتها بفنون
الطعام والطهي وغيره، وتستطيع النقادة بعينها الثاقبة
وخبرتها الطويلة أن تميز إذا كانت هذه الحركات مجرد تمثيل
أم هي تلقائية وعفوية، ثم تودعهم وتعود إلى بيتها لتنقل
لزوجها وأبنائها ما رأت وسمعت. وعندها يقولون لها:" اللي
شفتيه خَرّفي فيه " أي أحكي بما سمعت وشاهدت، فإذا
أعجبتها الفتاة فغالباً ما تبالغ في الوصف وتنقل صورة
جميلة للغاية تجعل أهل العريس يتشوقون لخطوبة تلك الفتاة،
وحدثني أحدهم أن الأم تقول لابنها حينذاك:" إذا بتتجوزها
إيدك في اللبن "، كناية عن الفأل الطيب.
أما إذا لم تعجبها الفتاة لسبب من الأسباب فإنها تذكر ذلك
السبب وربما تبدي رأيها الشخصي، الأمر الذي يجعلهم يقلعون
عن فكرة التقدم لتلك الفتاة أو طلب يدها.
ومن هنا نرى أهمية دور النقادة في تلك الفترة التي كان
الناس يعيشون فيها في بيوتات متناثرة وعشائر متفرقة، ولا
يختلطون ببعضهم البعض إلا في حالات قليلة نادرة.
هذا في حالة كون أهل العريس لا يعرفون شيئاً عن تلك الفتاة
التي ينوون خطبتها، أما إذا كانت لديهم بعض المعلومات
فإنهم يبعثون رسولاً من قبلهم تكون له صلة قرابة أو تأثير
أياً كان نوعه على أهل الفتاة ليبلغهم عن نيتهم في التقرب
منهم بالنسب والمصاهرة، وإذا قوبل ذلك الرجل بالإيجاب فإنه
يأخذ منهم موعداً ليأتي فيه أهل الفتى بجاهتهم ويطلبوا
منهم يد الفتاة بشكل رسميّ.
الجاهة والخطوبة:
يتوجه والد الشاب برفقة
بعض الأقارب والوجهاء إلى أهل الفتاة في ساعات المساء،
وهذه المجموعة إذا ضمت بعض الشيوخ والوجهاء تسمى "جاهة"،
ولكنها إذا كانت تقتصر على أهل الشاب وأفراد عائلته فلا
تسمى كذلك، وعند وصولهم يستقبلهم صاحب البيت وهو والد
الفتاة، وبعد شرب القهوة يدعوهم لعمل القِرَى لهم ولكنهم
غالباً ما يرفضون ذلك معتذرين بحجة أن:"
ضيف المسا ما له عشا
"، وعندها يبتدره والد الشاب بقوله:" جئنا نطلب القُرب
منك يا أبو فلان لابننا فلان " فيجيبهم بقوله:"ونعم
المنسب أنتم، ولكن هذا الموضوع بحاجة للتشاور، ولكم عليّ
رَدّة خير بعد أسبوع "، وفي اليوم التالي يبدأ والد
الفتاة بعرض الموضوع على إخوانه وأقاربه ويقول لهم:" لقد
تقدم فلان لطلب يد ابنتي، والأولوية لكم، فإذا لم يقبل أحد
منهم بزواجها، يكون الأب قد رفع عن نفسه اللوم، ويمكنه أن
يزوجها بعد ذلك دون أن يسأل أحداً منهم، ولا يستطيعون
بعدها التدخل أو المعارضة.
وإذا حدث بعد أن تتم خطبة
الفتاة أن هبَّ أحد أبناء عمومتها أو أقاربها ليمنع ذلك
الزواج فإن والدها يتصدى له ويقف في وجهه ويقول له: لقد
فاتك الأمر، لأنني عرضت ذلك عليك مسبقاً، فأين كنت حتى
الآن.
التبدِّي:
أما إذا تمت الخطوبة خلسة بين أهل العريس ووالد العروس،
فإنه قد يحدث أن يتبَدَّى بها أحد أقاربها، أي يكون له حق
الأولوية في زواجها، وحتى لو كان العريس قد دفع مهرها،
فإنهم يبعثون له أناساً ووجهاء ويقولون له:" ما لك قِسمة
عندنا، أو ما لك نصيب عندنا "، ويمنعون بذلك زواجها،
وكثيراً ما تحدث المشاكل بين والد العروس وأقاربه الذين
يمنعون زواج ابنته، وغالباً ما يقوم بعضهم بفعل ذلك لمجرد
الكراهية والحسد.
المهر:
ويسمى كذلك السِّيَاق أو الفِيد، وكان مهر
ابنة العم في البداية عبارة عن جمل أصيل أو جملين، أما مهر
الأجنبية فهو من خمسة جمال أو أكثر، ثم أصبح المهر عبارة
عن مبلغ متعارف عليه من المال، تتغير قيمته من وقت لآخر
حسب قيمة العملة وغلاء المعيشة، ولكنه في جوهره يكون
مبلغاً يكفي لشراء مستلزمات العروس من لباس ومصاغ وما
شابه.
وقيمة المهر في الزواج الذي يتم في نطاق العائلة والقبيلة
تكون محددة ولا يخرج أو يشذ عنها إلا في بعض الحالات إذا
كان الأب طماعاً، أو إذا كان من النوع الذي يستغل بعض
الظروف خاصة إذا رأى أن الخاطب يريد ابنته بكل ثمن فعندها
يطلب مبلغاً أكبر من المبلغ المعتاد.
أما في الزواج الذي يتم خارج نطاق العائلة فإن المهر يكون
فيه أكثر بنسبة النصف، حتى تكون المرأة لها قيمة عند
زوجها وأهله لأن "
الغالي اغليه والرخيص خلّيه
"، " واللي وده
المزيونة بيدفع المهر غالي
"، أما من تتزوج بمهر قليل فإن العريس كثيراً ما يتركها
ويهملها ويقولون في مثل هذه الحالة:"
اللي بيتجوّز ببلاش بيطلق
ببلاش ".
وكان البعض لا يجد ما
يدفعه مهراً لعروس ابنه فيرهن أرضه، أو يبيع ناقته و"رحولته"
أي الناقة التي يرحل عليها، ويستدين فوق ذلك مما يثقل
عليه لفترة طويلة. ورأيتُ سَنَداً رهنَ فيه أحدهم أرضه
عندما زوج أحد أبنائه، ولديّ نسخة منه ولكن ضيق المجال هنا
لا يسمح لنا بنشره.
القَصَلة:
بعد أن يوافق والد الفتاة أو وليها على
الخطبة، ويتفق الطرفان على المهر يضع العريس أو ولي أمره
يده في يد والد الفتاة ويقول له:" زوّجتني ابنتك فلانة
على سنة الله وسنة رسوله، فيجيبه والد العروس بقوله:"
زوجتها لك على سنة الله ورسوله، وهنا يرد العريس أو وليه
بقوله:" وأنا قبلتها على سنة الله ورسوله، ثم يأخذ والد
العروس " قَصَلة "وهي عبارة عن عود يابس من القشّ ويناوله
إلى الخاطب، ويقول له "هذه قَصَلة فلانة أعطيها لك على
سنة الله ورسوله، إثمها وخطيئتها في رقبتك من الجوع والعرى
ومن أي شيء نفسها فيه وأنت تقدر عليه" فيتناول الخاطب
القصلة ويقول: "قبلتها على سنة الله ورسوله". ثم يؤكد له
بأنها ستكون محل رعايته وذلك بقوله:"
اللي بياخذ له رطل لحم ما بيفرِّط
فيه ".
ثوب اللبن:
بعد أن يتم الاتفاق على المهر، وتتم
المصافحة وقراءة الفاتحة يقول والد العروس للعريس:" ارْضِ
أم العروس، وعندها يسمح للعريس أن يرى حماته ويصافحها
فتبارك له وتدعو له بالخير، ويدفع لها مبلغاً من المال
ثمناً لإرضاعها للعروس وتربيتها الطيبة لها، ويسمى ذلك:"
ثوب اللبن، أو ثوب الرضاعة "، وثوب اللبن يساوي ما قيمته
اليوم ألف شيكل. وهو للأم تفعل به ما تشاء.
البَلْصَة:
لا تكون البَلْصَة في الزواج الذي يتم في نطاق العائلة،
أما إذا كان الخاطب من عائلة أخرى فإن بعض الأعمام أو
الأخوال يتظاهرون بعدم الرضى عن هذه الخطوبة وحينها يقوم
والد العريس بإرضائهم بثمن عباءة أو أكثر بقليل، وتسمى هذه
الترضية " بلصة العم " إذا كانت للعم، و" بلصة الخال " إذا
كانت للخال.
والبلصة عادة مكروهة وتدلّ
على الاستغلال الذي لا مبرر له، وهي اليوم قليلة أو نادرة
في مجتمعنا وإن كانت آثارها لا تزال باقية في بعض القرى
والأرياف.
المباركة:
بعد أن تتم الخطوبة وقراءة الفاتحة يتوافد
الأقارب والأصدقاء مهنئين العريس وأهله بهذه المناسبة
السارة، وكذلك تتوافد النساء على أم العريس لتهنئتها
بخطوبة ابنها وقد تستمر وفود المهنئين لعدة أيام، بينما
تستمر المباركة للعريس حتى يوم الزفاف.
ذبلة الخطوبة:
هي تلك الحلقة الذهبية التي يضعها العريس في أيامنا في
إصبع عروسه وتضعها العروس في إصبع عريسها في يوم التلبيسة، ولم تكن هذه العادة معروفة في مجتمعنا، وهي كما يقول
الأئمة عادة نصرانية قلد فيها المسلمون الغرب، أما أهلنا
في النقب فلم يكونوا يستعملونها البتة.
الزواج بين العيدين:
من عادة البدو ألاّ يتزوجوا بين العيدين،
أي إذا تمت الخطوبة بعد عيد الفطر فإنهم يؤجلون الزواج إلى
ما بعد عيد الأضحى، ولا أدري ما أصل هذه العادة ولكنها
كانت سائدة في مجتمعنا، وكان يسود الاعتقاد بأن من يتزوج
بين العيدين يحدث له مكروه، وقد يكون ذلك من بقايا عادة
قديمة تمنع الزواج في الأشهر الحرم والله أعلم.
العيدية:
أما إذا مر أحد الأعياد قبل أن يتم الزواج
فيجب على العريس أن يقدم هدية بسيطة لحماته ولخطيبته، وهذه
الهدية تسمى "عيدية"، وغالباً ما تنقل هذه العيدية والدة
العريس لأنه لا يسمح له برؤية خطيبته قبل الزواج.
الخلاصة:
وبهذا نكون قد تناولنا موضوع الخطوبة من أكثر أطرافه،
آملين أن يكون في ذلك المنفعة والفائدة لأبنائنا وبناتنا
وأهلنا في هذه الربوع الغالية.
---------------
نشرت في صحيفة أخبار النقب بتاريخ 8/12/2003
جـميع
الحقـوق مـحفوظـة
« لا يسمح باستخدام هذه المادة
بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من المؤلف »
ولا
يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.
|