سوزان مبارك ومشروع القراءة للجميع
سوزان
مبارك- عقيلة الرئيس المصري حسني مبارك - تحبّ الأدب كما يبدو،
وتشجّع نشره .
منذ ستّ سنوات وهي ترعى مهرجان القراءة للجميع بالتعاون مع
مكتبة الأسرة، حيث تصدر مئات الكتب، وتعيد طباعة كتب أخرى
لكتاب مصريين. ويُشار إلى أن سعر الكتاب مثبّت على الغلاف
الخارجي، وهو أقلّ من تكلفة الطباعة.. معظم المطبوعات أدبية،
وبعضها علميّ .
لما زرت مصر، قبل عدة أيام، اقتنيت مجموعات كبيرة من هذه
الكتب.. وإلى هنا فإنّ كلّ شيء على ما يرام.. لكن الذي يغضبني
كقارىء وككاتب بالنسبة لهذه الكتب ليس المضمون أو الشكل، إنما
تثبيت صورة السيدة سوزان مبارك، مع كلمة بالألوان، على الغلاف
الخارجي لجميع الكتب !!
وقد كتبت نفس الكلمة القصيرة، بخطّ كبير، مع صورة كبيرة
وواضحة. وتقول في كلمتها : " تجربة مصرية خالصة يعمّ فيضها
ويشع نورها عبر الدنيا ويشهد لها العالم بالخصوصية وما زال
الحلم يخطط ويكبر ويتعاظم .. وما زلت أحلم بكتاب لكل مواطن
ومكتبة لكل أسرة .." !!
ما أبسط حلم السيدة سوزان! فقط كتاب لكلّ مواطن !! نتنياهو
أعلن عن حاسوب لكلّ طفل!! والذي يزيد الطين بلّه هو عدم احتواء
هذه الكتب على صور شخصية للمؤلفين أصحاب هذه الكتب!!
اشتريت عدداً من الكتب لكتاب مصريين معروفين مثل محمود تيمور
ويحيى حقي، ومحمود سامي البارودي.. وكنت أتمنّى أن أتعرّف على
صورهم !!
اشتريت أحد الكتب، "فن الكوميديا" للدكتور محمد عناني، ولفت
انتباهي عدم تثبيت صورة السيدة سوزان مبارك على الغلاف الخلفي،
فسررت. لكن فرحتي تبدّدت عندما وجدت صورتها وكلمتها في الصفحة
الداخلية الأولى!! الحقيقة أنّ مساعيها جيدة لدعم الأدب المصري
ونشره عالمياً، لكن كل هذا، لا يعطيها الحق في تثبيت صورها على
جميع الكتب، وهي ربما تعدّ بالمئات !! وكان من الواجب تثبيت
صور المؤلفين كي نتعرّف عليهم. أفلا يكفيها الصحف والتلفزيون؟!
تخيّل معي أني أصدرت حتى الآن أربعة كتب، وثبِّتَ عليها صورة
سارة نتنياهو زوجة رئيس الحكومة السابق ! حتماً كنت سترفض
الكتاب بغض النظر عن محتواه .
أو تخيّل معي أنني ثبّتُّ صورة السيد موفق خوري، مدير دائرة
الثقافة العربية على كتبي! وعلى فكرة كان السيد خوري يضع صورته
على الكتب التي تصدرها دائرة الثقافة العربية، في البداية،
لكنه أقلع عن هذه العادة ...
إلى هنا عن مصر ..
وسؤالي إلى المسئولين أو الذين تم تنصيبهم في موقع المسؤولية
عن الأدباء المحليين وعن الإصدارات المحلية من حيث التمويل
والشراء والدعم : لماذا لا تتم دراسة مشروع القراءة للجميع،
ويتم تنظيم أسبوع أو شهر خاص للمطالعة، لا تباع الكتب فيه، بل
تقوم دائرة الثقافة العربية والقسم العربي في وزارة المعارف
وروابط الكتاب في البلاد بإصدار مئات الكتب لكتاب محليين
وإعادة طباعة كتب أخرى والكتابة عن مواضيع لم يكتب عنها بالشكل
المطلوب، مثل شعراء فلسطين قبل النكبة، وعن تاريخ فلسطين قبل
النكبة، ومواضيع شتى في الأدب والسياسة والاجتماع والاقتصاد ..
بدلاً من إصدار كتب لاعتبارات خاصة، بينما يتم حرمان آخرين
لأسباب مبهمة وغير مبهمة، ودعم صحف ومجلات معينة، لاعتبارات
غير موضوعية، لأنّ نفس الأشخاص الذين يقررون، هم أصحاب هذه
المجلات والمكتبات وفرق المسرح .
إن تنفيذ اقتراح القراءة للجميع يحلّ إشكالية التمييز بين
الأدباء ودعم كتبهم من خلال دائرة الثقافة العربية. فاليوم
تبقى بعض الطلبات التي تتم الموافقة عليها بشكل فوري، وربما
تلفونياً أو عبر الفاكس ..!! وذلك بغضّ النظر عن المضمون
والاسم ومعطيات أخرى ..!
خلاصة الأمر .. أدعو لدعم المطبوعات الفلسطينية ورفع مكانة
المبدعين في هذه الديار. وهناك مئات وربما آلاف المخطوطات
القيمة التي يعجز أصحابها عن دفعها إلى الطباعة بسبب التكاليف
الباهظة. وإن استطاعوا ذلك بعد جهد وعناء فهناك مشكلة التوزيع
في البلاد وخارج الحدود الجغرافية والاتصال مع العالم العربي .
ونحن لا نريد أن يثقل الإبداع كاهل صاحبه ويقيّده من ناحية
اقتصادية وحتى من ناحية سياسية.
صوت
الحق والحرية 30/7/1999 |