ثلاثُ نساء شنقتُ وجوههنّ
على حائط قبري الأخضر
في مدينة المقابر المقدسة
مدينة المقابر التي
وقف رجال بشوارب مبرومة
مثل ذيول العقارب
على بوّاباتها السبع
وفي شوارعها السبع
يضبطون النظام فيها
ويلحسون صوت الحقيقة
بابتساماتهم اللزجة الهازئة
ثلاث نساء شنقت وجوههنّ
الأولى كان جسدها
ملاذاً لرجال ضالّين
لم يُرَبُّوا شوارب
ولم يكونوا عقارب
ولم يقولوا "آمين"
خلعوا عند عتبة بابها تعبهم
وفكّوا أزرار جلودهم
دون حرج
وغنّت لهم:
أنتم خبزي وأنا فرحكم،
وكانوا يصهلون وتأكل
ويفرحون وتأكل
حتى تصير ملساء تماما
وتتكدّس حولها فقاعات تثاؤبهم.
ثلاث نساء شنقتُ وجوههنّ
الثانية ربطت بذيل ثوبها
شلعة أولاد
وقعدت عند قدميّ قدَرها
الذي
يناديه الأولاد "يابا"
ويناديهم حين يفرح
وحين يخرج من تفاصيله "يا عرصات".
ظلّت تلوك الخبز البارد
وتطمئنُ نفسها
"أنا أحسن من غيري"
وتمدّ أصابعها
وتقيس قاماتهم
وتشتري من الله سلامتهم
من مكر بنات الشبابيك
وغدر أولاد الحرام
بخمس صلوات في اليوم
وحبلٍ
من الدعاء
ثلاث نساء شنقتُ وجوههنّ
الثالثة صلبتني على حائط مقبرة
في مدينة مقدّسة
قانونها مقدّس
ورجالها مقدّسون
ونساؤها مقدّسات
وكل شيء فيها مقدّس
سوى صوت الحقيقة.
الثالثة لم أجدها
ولا أعرف كيف تكون.
3 / 9 / 1999 |