ثورة عبد الله بن الزبير
هو أول مولود ولد للمهاجرين بالمدينة بعد
الهجرة
أمه أسماء
بنت أبي بكر الصديق , ووالده عبد الله بن الزبير أحد المبشرين
بالجنة , عرف عنه شدة الدهاء , والشجاعة والنزاهة.
أسباب
ثورته
1)
بعد مقتل الحسين أخذ عبد الله بن الزبير يدعو
لنفسه بمكة .
2)
اتهام يزيد بن معاوية بترك الصلاة , وشرب الخمر
وملاعبة الكلاب،
من قبل وفد المدينة الذي زاره فأحسن وفادتهم وأكرمهم بوافر
المال.
3)
قيام يزيد بشنّ حملة عسكرية على أهل المدينة
الذين خلعوه ، سُميت بالحرة 63 هجري وهي منطقة شرقي المدينة .
وبلغ جيش الأمويين حوالي 12000 مقاتل بقيادة مسلم بن عقبة .
وقتل من أهل المدينة 1000 رجل معظمهم من الأنصار والمهاجرين
واتهم جيش يزيد
بـ :
أ.
إرسال رؤوس القتلى إلى يزيد .
ب.
استباحة المدينة بأمر من يزيد –" فإن ظهرتَ
عليهم فأبحها ثلاثاً , فما فيها من مال أو سلاح أو طعام فهو
للجند فإن مضت الثلاث فأكفف عن الناس".
ج. عن الإمام مالك : قتل يوم الحرة (700)
رجل من حملة القرآن
وهذه خسارة فادحة للأمة .
د. انتهاك حرمة المدينة وهي مدينة مقدسة عند
الله ورسوله والمسلمين
فلا يحل فيها القتال .
4)
رفض عبد الله بن الزبير مبايعة يزيد ، وشجعه
كثير من الصحابة والزعماء وعامة الناس .
5)
انحطاط مكانة الحجاز الاقتصادية والاجتماعية
بسبب انفراد الشام بالخيرات , وقد صعب على أهل الحجاز زوال
النعم عنهم .
نتائج الثورة
1)
احتمى عبد الله بن الزبير بالبيت الحرام داخل
مكة ففرض حصاراً على مكة وأهلها .
2)
تَّم رمي مكة بالمنجنيق .
3)
توفي يزيد أثناء الحصار فتم وقف القتال سنة 63
هجري .
4)
رفض عبد الله بن الزبير عرضاً مغرياً للحصين بن
نمير قائد القوات الأموية بأن يصبح خليفة , قال له : " أنت أحق
بهذا الأمر هلم فلنبايعك , ثم اخرج معنا إلى الشام فإن هذا
الجند الذين معي هم وجوه الشام وفرسانه فوالله لا يختلف عليك
اثنان على أن تؤمن الناس وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا
وبينك " .
وعلى
الأرجح فإن ابن الزبير ضيع فرصة ذهبية سانحة ليصبح خليفة
المسلمين الأوحد , لكنه ربما خاف أن يغدر به أهل الشام , ورفض
أن يتخلى عن الحجاز ومكانته الهامة .
5)
نجح عبد الله بن الزبير أن ينتزع السلطة من
الأمويين في معظم الأقطار الإسلامية , الحجاز , فلسطين ,
العراق , مصر , وحتى أجزاء كبيرة من سوريا .
6)
حتى زعماء البيت الأموي كادوا يتنازلون لابن
الزبير عن الخلافة وعلى رأسهم مروان بن الحكم الذي وحد كلمة
الأمويين بعد معركة مرج رهط 684 م .
7)
نجح مصعب بن الزبير اخو عبد الله في القضاء على
ثورة التوابين وهم من الشيعة وزعيمهم المختار 67 هجري .
8)
بسحق مصعب للشيعة في العراق يكون أيضا قد خدم
الأمويين والخليفة عبد الملك بن مروان .
9)
أراد عبد الملك أن يهاجم مصعب في العراق قبل أن
يهاجمه في عقر داره , وشجعه تشجيع أهل العراق له بالقدوم وفي
معركة مسكن في العراق سنة 72 هجري قتل مصعب وقتل معه عدد من
الصحابة وآلاف الموالين
ويعود سبب
خسارته لغدر أهل العراق به .
10)
بقتل مصعب وخسارة العراق خسر عبد الله ساعده
الأيمن وانكشف ظهره للأمويين ونقم على أهل العراق .
11)
عين عبد الملك الحجاج بن يوسف الثقفي ليقارع
ابن الزبير المتحصن في مكة فجهز له جيشاً قوياً .
12)
رمى الحجاج الكعبة بالمنجنيق وألحق بها خسائر
فادحة .
13)
احتراق الكعبة بسبب القصف وهنالك من يرجح ذلك
أن جماعة عبد الله بن الزبير سبب الحريق بسبب إشعال النار
بالقرب من الكعبة.
14)
قاتل عبد الله بن الزبير قتالاً شديداً
بطولياً.
15)
نقص في المؤن وارتفاع بالأسعار مما زاد من
تضايق الناس في مكة .
16)
تخلى أكثر من عشرة آلاف مقاتل عن عبد الله بن
الزبير وبينهم ولداه حمزة وخبيب وانضموا إلى صفوف الحجاج .
17)
امتاز عبد الله بن الزبير بالبخل الشديد وربما
التقشف المبالغ به فكانت بيوته مملوءة بالتمر والمؤن ولم يوزع
على جنده , فلو كان كريماً ما خسر وما انتشرت المجاعة وما تخلى
عنه جنده .
18)
استشارة أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق" وكان
عمرها مائة سنة لم تقع لها سن , ولا ابيضَّ لها شعر ولم
يُنْكِر لها عقل "
فقالت له :-" إن كنت تعلم انك على حق وإليه تدعو فامض له , فقد
قتل عليه أصحابك , ولا تمكن رقبتك يلعب بها غلمان بني أمية ,
وان كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت , أهلكت نفسك ومن قتل
معك , فقبل رأسها وقال هذا الرأي الذي قمت به , ما ركنت إلى
الدنيا
وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله ,فانظري
فاني مقتول فلا يشتد حزنك " .
لأن عبد الله بن الزبير خاف أن يمثلوا بجثته كما فعلوا مع
الحسين بن علي يوم كربلاء فقال :-" يا أمه ، إني أخاف أن يمثل
بي بعد القتل , فقالت : يا بني هل تتألم الشاة من ألم السلخ
بعد الذبح " .
19) قاتل عبد
الله بن الزبير حتى استشهد , أصيب برأسه فقال :-
"ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
ولكن على أحد منا تقطر الدما"
ولم يهب تمزيق جسده فقال :-
" ولست أبالي حين أُقتل مسلماً
على أي جنب كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وان يشأ
يبارك على أوصال شلوٍ ممزع ِ".
- كان عمره 72 سنة , قتل سنة 73 هجري .
20)
لم يكتفِ الحجاج بقتله بل قطع رأسه وصلب جثته المعطرة بالمسك
ولكي يذهب الرائحة الزكية صلب إلى جانبه كلبا ميتا و نسورا ".(99)
21)
بعد تدخل أخيه عروة الذي أتى إلى عبد الملك مبايعا وطلب إنزال
الجثة , قال عروة : " ليس الذليل من قتلتموه لكن الذليل من
ملكتموه".(100)
إن صلب جثة صحابي والتمثيل بها ورفض تسليمها لأمه أسماء بنت
أبي بكر لهو مس بمشاعر المسلمين والصحابة وإساءة للإسلام ,
ويدل على صلابة الرجل وشدة محاربته للأمويين .
22)
لما قتل ابن الزبير كبَّر أهل الشام فرحا بقتله فقال ابن عمر
:" أنظروا إلى هؤلاء لقد كبر المسلمون فرحا بولادته وهؤلاء
يكبرون فرحا بقتله"(101)
.
23)
هنالك من يتهم ابن الزبير أنه استغل حرمة المدينة ومكة .(102)
24)
بمقتل ابن الزبير استتب الحكم لبني أمية .
قيل
عنه
1)
قال عثمان بن طلحة : كان الزبير لا ينازع في ثلاثة
لا شجاعة ولا
عبادة ولا بلاغة وكان له مائة غلام يتكلم كل واحد منهم بلغة
وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته ".(103)
2)
بينما عبد الله بن الزبير مع بعض الغلمان يذكرهم بالجهاد إذ
شاهدوا الفاروق عمر ابن الخطاب يتجه إليهم وهو في طريقه, ففر
الغلمان من حوله هيبة إلا هو فسأله الفاروق: لمَ لم تفر مثل
إخوانك يا عبد الله؟ فقال له: ليست الطريق ضيقة فأوسع لك, ولست
مذنبا فأخاف منك".(104)
3)
مر ابن عمر على ابن الزبير وهو مصلوب فقال :-
"يرحمك الله فإنك كنت, ما علمتُ, صواما
قواما وصولا للرحم ِ, فإني لأرجو ألا يعذبك الله عز وجل".
(79)
- ابن الجوزي , صفوة الصفوة , ص 293 .
(80)
- سيد أمير علي , تاريخ العرب , ص 84 .
(81)
- 77) محمد أبو الفضل ابراهيم , أيام العرب في الإسلام
, ص 418 .
(82)
- 78) حمدي شاهين , الدولة الأموية المفترى عليها , ص
340 .
(83)
- سيد أمير علي , تاريخ العرب , ص 75 .
(84)
- محمد أبو الفضل إبراهيم , أيام العرب في الإسلام , ص
423 .
(85)
- ابن كثير , البداية والنهاية , ص 229 .
(86)
- محمد الخضري , الدولة الأموية , ص 329 .
(88)
- محمد أبو الفضل إبراهيم , أيام العرب في الإسلام , ص
432 .
(89)
-
حابا لتصروم - يافه ، فصول في تاريخ العرب والإسلام، ص
135.
(91)
- سيد احمد علي , تاريخ العرب والتمدن الإسلامي ص 80
.
(92)
- نبيه عاقل , خلافة بني أمية , ص 100 .
(93)
- سيد أمير علي , مختصر تاريخ العرب , ص 81 .
(94)
- حمدي شاهين , الدولة الأموية المفترى عليها , ص 349
.
(95)
- نبيه عاقل , تاريخ بني أمية , ص 107 .
(96)
- المسعودي , مروج الذهب , ج 3 , ص 123 .
(97)
- فواز سراج عبد القفار , سيرة شهداء الصحابة , ص 57 .
(98)
- المسعودي , مروج الذهب , ج3 , ص 123 .
(99)
- ابن الأثير , الكامل في التاريخ , المجلد الرابع , ص
309 .
(102)
- حمدي شاهين , الدولة الأموية المفترى عليها .
(103)
- محمد العربي التباني , تحذير العبقري من محاضرات
الخضري , ص301 .
(104)
- فواز بن سراج عبد الغفار , سيرة شهداء الصحابة , ص
504 .
(105)
- ابن الجوزي , صفوة الصفوة , ج1 ص 290 .
|