* الخلاصة *
مر العالم العربي والإسلامي بعدة
ثورات مزقت سكون الليل والنهار , ترصد معالم الحضارة
العربية والإسلامية , ترسم وجه الغد القادم بقلمه وسيفه ,
تحاكم من عبثوا بالكرسي وبنفوس العباد , تعلق الآمال
العريضة على رجال ونظريات وافتراضيات سرعان ما تتبخر هذه
الأحلام .
فتبدأ فكرة جديدة وثورة جديدة وأمل
يجتهد في الشروق خلف سحابة من الضباب , وما أحوجنا اليوم
إلى صحوة ثورية تنفض غبار الذل والهوان , نخلع الثوب
المُرقع الذي يحاول إخفاء عجزنا وعيوبنا , كنا حراس
التاريخ , نوجه التاريخ بأقلامنا وأفكارنا وسيفنا نشيد
الحضارة , ونبسط نفوذنا إلى ما وراء البحار , نكتب , نخترع
, نـُـتـرجـم نقود الفكر الإنساني إلى شواطئ المعرفة ,
ونبدد عرين الجهل فأفكارنا المنيرة , واليوم يعجز القادة
العرب عن الإعلان عن مؤتمر للقمة العربية , وان كانت هذه
القمة أشبه بمسرحية هزلية , للجم الصحوة العربية ولإرضاء
سيد البيت الأسود , الذي بات يستكتبنا عَلنا ً , يحاول
إجراء عملية جراحية لطمس تاريخنا المجيد , فرعاة البقر
يعبثون بحضارة الرشيد في ظل اختفاء رجولة المعتصم .
اسقط هولاكو الخلافة العباسية
باحتلاله لبغداد عام 1258 م , وذبح أكثر من مليون مسلم ,
ورغم تفكك العالم الإسلامي آنذاك فقد تصدى لأطماعه وعبثه
قادة المماليك بقيادة السلطان قطز والقائد الفارس ركن
الدين بيبرس , في أروع معارك النصر الإسلامي معركة عين
جالوت عام 1260 م .
واليوم لا معتصم ولا بيبرس ولا عمرو ولا خالد ولا صلاح
الدين فينا , في مهرجان الصمت العربي المطبق والهرولة
اتجاه الغريب محاولة منا لتقديم اعتذارات عن تاريخنا
المجيد وعن كوننا عرب !!!
فما أحوجنا لدراسة تاريخنا وتخليد
أبطالنا ومفكرينا ... لنكمل دورنا الإنساني والحضاري ,
فرسالتنا أعظم من أن تُختصر بسطور من الذل والانحطاط
والتقزم وحفنة من الأوراق الخضراء وقطيع من المهرجين
والعملاء , وغدر وخيانة وتسكع على أعتاب واشنطن ولندن
وباريس وقمع للإنسان العربي , فهل هذا نصرنا الوحيد !!!
أسباب ومميزات الثورات التي عصفت بالعالم الإسلامي
:-
·
محاولة إعادة عجلة
التاريخ إلى الوراء ورفض الجديد مثل ثورة المرتدين لكل
التاريخ لا يقف وخاصة إذا كان مشحوذاً برسالة سماوية
وعناية إلهية .
·
الرغبة في الوصول
إلى المجد وتصفية حسابات شخصية , مثل ثورة الثلاثي طلحة
والزبير وعائشة رضي الله عنهم , ضد الخليفة علي بن أبي
طالب .
·
محاولة رفع الظلم
الذي لحق بالعباد مثل ثورة العباسيين وثورة الزنج.
·
استشهاد الحسين بن
علي رضي الله عنه والطريقة البطولية ومواقفه الكربلائية
والتمثيل بجثته , كان سبباً لعدة ثورات قام بها الشيعة
لمحي عارهم في تداخلهم عن الدفاع عن حفيد رسول الله صلى
الله عليه وسلم مثل الثورة العباسية وثورة المختار .
·
تنجح الثورات في
ظل ضعف الخلفاء والملوك والتفاف المؤيدين .
·
الثورة الناجحة التي
يتظافر فيها السيف والفكر , أي ليس مجرد الانتفاض على
الخليفة وقتله , إنما طرح أفكار جيدة قيمة تقود المجتمع ,
مثال الثورة الوهابية والإيرانية ,أما الثورات التي تبدأ
بالسيف وفكر هش لا تدوم لأن الحضارة أقوى وأخلد من العبث .
·
الثورات العربية
الحديثة التي هدفت إلى كنس الاستعمار الأجنبي , مثل الثورة
الفلسطينية والثورة العربية الكبرى , كان ينقصها التنسيق
والاستمرارية .
·
العديد من الثورات
ارتكزت على شخصية خرازماتية وليس على فكرة شاملة بفشل صاحب
الثورة تخمد ثورة إلى الأبد .
·
لا نستطيع أن نطلق
على الثورات العربية والإسلامية , ثورات بمفهومها الواسع ,
مثل الثورة الفرنسية 1789م أو الثورة الروسية الحمراء 1917
م .
فمعظم هذه الثورات أشبه بانقلابات في القيادة والسلطة ,
وليس انقلاب شامل نابع من إرادة الشعب ترافقه ايديولوجيا
متينة تلهم الجماهير في غضبها .
فالثورة : قيادة , فكر , تنظيم , تغيير جذري شامل , تأييد
شعبي واسع , روح جديدة , قفزة تاريخية , تشيّد حضارة ,
رسالة إنسانية ,
أهداف سامية , هندسة لصفحات من
التاريخ إنحرفت عن مسارها الطبيعي , روح الأمة المتشبثة
بالحياة كلما حدق الموت والخطر ثارت كالبركان الغاضب ,
عقارب الزمن في قلب الأمة النابض تقف وتضبط الوقت كلما
احتاج الأمر , رؤية مستقبلية ناصعة البياض لمعالم الطريق ,
نشوة لتاريخ عامر, الثورة خبز وثروة لأجيال آتية , وجَنين
لمجدٍ قادم يحمل بطياته بيارق الأمل .