بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة لمناهج البحث في التربية |
* مقدمة :
استخدم الإنسان منذ
نشأته في سبيل الحصول على المعرفة التي تمكنه من حل مشكلاته مصادر متعددة اشتملت
على المحاولة والخطأ والخبرة الشخصية، والسلطة وأهل الخبرة، والعرف والتقاليد،
والتأمل والتفكير المنطقي الاستنباطي، والتفكير الاستقرائي .
ثم كان اكتشافه للمنهج
العلمي في التفكير والبحث الذي يجمع بين أساليب الاستقراء والاستنباط وأساليب
الملاحظة الدقيقة للوقائع الملموسة، وفرض الفروض، والتجربة للوصول إلى المعرفة
الجديدة والتحقق من صحتها .
* تعريف البحث العلمي :
هناك تعاريف للبحث
العلمي تؤكد استخدام الطرق والأساليب العلمية للوصول إلى حقائق جديدة والتحقق
منها، والإسهام في نمو المعرفة الإنسانية . مثل تعريف رومل Rummel للبحث العلمي بأنه
تقصي أو فحص دقيق لاكتشاف معلومات أو علاقات جديدة، ونمو المعرفة الحالية والتحقق
منها .
بينما تؤكد تعاريف أخرى الجوانب التطبيقية العملية
للمعرفة العلمية في حل مشكلات عملية معينة في الحياة مثل تعريف فان دالين Van
Dalen للبحث بأنه المحاولة الدقيقة الناقدة
للتوصل إلى حلول للمشكلات التي تؤرق الإنسان وتحيّره .
* البحث التربوي ومجالاته :
تُستخدم عبارة البحث
التربوي لتشير إلى النشاط الذي يُوجه نحو تنمية علم السلوك في المواقف التعليمية.
والهدف النهائي لهذا
العلم هو توفير المعرفة التي تسمح للمربين باستخدام أكثر الطرق والأساليب فاعلية
في تحقيق الأهداف التربوية .
وهكذا تتسع مجالات
البحث التربوي لتشمل الأهداف التربوية، والمقررات الدراسية، وطرق وأساليب التدريس،
والكتب المدرسية ووسائل وتكنولوجيا التعليم، والإدارة التربوية، والإشراف التربوي،
وأساليب الامتحانات والتقويم . كما تشمل دراسة التعليم في علاقته بإعداد القوى
العاملة .
كما يهتم البحث
التربوي بمسائل تربية المعلمين وتدريبهم ورفع كفايتهم المهنية، ومسائل تمويل
التعليم وتكلفته والأولويات التعليمية . كما تشمل مجالات البحث التربوي أيضاً
دراسة المتعلمين وخصائص نموهم وحاجاتهم والفروق الفردية بينهم، ودراسة طبيعة عملية
التعلم وكيفية توفير ظروف أفضل لإحداث تعلم أكثر فعالية وأبقى أثراً .
وترتبط مجالات البحث
التربوي بالتصميمات الهندسية للأبنية المدرسية وخصائص حجرات الدراسة لتوفير ظروف
فيزيقية جيدة، وزيادة فُرص التفاعل الاجتماعي بين المتعلمين بعضهم البعض، وبينهم
وبين معلمهم من جانب آخر .
* البحث في العلوم التربوية والبحث في العلوم الطبيعية :
تختلف العملية
التربوية كما نعلم عن الظواهر الطبيعية، ففي مجال العلوم الطبيعية يستطيع الباحث
التحكم في التغيرات المؤثرة فيها والوصول إلى نتائج دقيقة بشأنها، ويصعُب تحقيق
ذلك في مجال العلوم التربوية ذلك لأن نشاط المدرسة والمنهج وطرق التدريس ليست
أشياء أو ظواهر طبيعية، وإنما هي أشياء من فكر الإنسان وابتكاره .
كما أن مادة البحث
الأساسية في العلوم التربوية هي الإنسان وسلوكه، ودراسة هذا السلوك من الأشياء
المعقدة، فالسلوك ليس شيئاً ثابتاً، أو ظاهرة ثابتة يسهُل إخضاعها للدراسة العلمية
الدقيقة للغاية كما في حالة دراسة الظواهر الطبيعية .
ومع إدراكنا لهذه
الفروق فإن البحوث التربوية والنفسية وهي بحوث سلوكية في طبيعتها ينبغي أن نصل
فيها إلى أقصى حدود الدقة الممكنة للمنهج العلمي المُستمد من مجال العلوم الطبيعية
.
* الهدف من دراسة مناهج البحث :
تهدف دراسة مناهج
البحث إلى مساعدة الدارس على تنمية قدراته على فهم أنواع البحوث والإلمام
بالمفاهيم والأسس والأساليب التي يقوم عليها البحث العلمي . ومثل هذه الدراسة لا
غنى عنها لطالب الدراسات العليا، فهي تساعده على الاختيار السليم لمشكلة معينة
لبحثه، وتحديدها وصياغة فروضها، واختيار أنسب الأساليب لدراستها والتوصل إلى نتائج
يوثق من صحتها .
وكذلك فإن دراسة مناهج
البحث تُزود الدارس بالخبرات التي تُمكنه من القراءة التحليلية الناقدة للبحوث
وملخصاتها، وتقييم نتائجها، والحكم على ما إذا كانت الأساليب المستخدمة في هذه
البحوث تدفع إلى الثقة بنتائجها، ومدى الاستفادة منها في مجالات التطبيق والعمل .
ومن ناحية أخرى، فإن
الخبرة والنتائج التي توفرها هذه الدراسة يحتاج إليها المشتغلون في مجالات عديدة،
فالمعلم والأخصائي الاجتماعي والأخصائي النفسي، وفني الوسائل وتكنولوجيا التعليم،
والوالدين .. لكي تساعدهم في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية التي يرمي المجتمع
إلى إكسابها لأبنائه .
* الطريقة العلمية، أو المنهج العلمي في البحث :
هناك من يُعرّف الطريقة العلمية بأنها الطريقة
التي تعتمد على التفكير الاستقرائي والاستنتاجي وتستخدم أساليب الملاحظة العلمية
وفرض الفروض، والتجربة لحل المشكلة والوصول إلى نتيجة معينة .
ولغرض التبسيط يكثر
وصف الطريقة العلمية في صورة مجموعة من الخطوات ومن أمثلتها الخطوات الآتية :
ـ تحديد المشكلة
.
ـ جمع البيانات
والملاحظات المتصلة بالمشكلة وتنظيمها .
ـ فرض الفروض
المناسبة .
ـ اختيار أنسب
هذه الفروض .
ـ اختبار صحة
الفروض.
ـ الوصول إلى أو
حلول للمشكلة .
ـ استخدام
النتائج أو الحلول في مواقف جديدة .
وكجزء لا يتجزأ من هذه الخطوات مجموعة من
الاتجاهات العلمية تميز الأفراد الذين يمارسون المنهج العلمي في حل ما يعترضهم من
مشكلات، ومن هذه الاتجاهات العلمية الهامة: التفتح العقلي، وحب الاستطلاع والرغبة
المستمرة في التعلم، والدقة، والأمانة العلمية، والتحرر من الخرافات، والموضوعية،
وعدم التسرع في إصدار القرارات وبنائها على أساس من الأدلة الكافية الصحيحة .
*
اعتبارات هامة في المنهج العلمي في البحث :
* عدد خطوات
الطريقة العلمية ليس ثابتاً، فالبعض قد يمر في ممارستها لحل المشكلات بخطوات أقل،
والبعض قد يمر بخطوات أخرى فرعية . والمشكلات كما نعلم تختلف طبيعتها من حيث
السهولة والصعوبة والبساطة والتعقيد، وكذلك يختلف الأفراد من حيث استعداداتهم
وخبراتهم وقدراتهم الابتكارية .
وهذا يبين لنا أن هذه
الخطوات ليست ذات قيم متساوية بالنسبة لجميع المشكلات وجميع الأفراد .
* قد يعتقد
البعض أن استخدام خطوات الطريقة العلمية في حل المشكلات يُحد من التفكير الابتكاري
الذي يتخطى حدود التدرج في حل المشكلات على أساس خطوات معينة مُرتبة، وقد يصدُق
هذا بالنسبة للشخص العادي الذي لا تُمكنه قدراته من القيام بعمليات تفكير أصيلة .
أما بالنسبة للباحث
العلمي الذي يُفترض أن يتوفر لديه مثل هذه القدرات فإن استخدامه لخطوات الطريقة
العلمية كلها أو بعضها سوف يتضمن ولا شك نشاطاً عقلياً ابتكارياً .
* خطوات المنهج
العلمي في البحث لم يُقصد بها أن تكون خطوات تتابعية جامدة على كل باحث أن
يستخدمها دون أن يحيد عنها أو يخل بنظام تتابعها .
نذكر فيما يلي أمثلة
لمكونات سلوكية أساسية تتضمنها خطوات الطريقة العلمية، وهي ذات فائدة للمعلم
وللباحث المتخصص على حد سواء في أكثر من ناحية، ويتناول القسم الأول من التحليل القدرات
والمهارات المتضمنة في خطوات الطريقة العلمية، بينما يتناول القسم الثاني
الاتجاهات العلمية . وطبيعي أن هذا التنظيم قُصِد به التبسيط لأن الاتجاهات
العلمية في الواقع يصعُب فصلها عن القدرة على التفكير العلمي وممارسة الطريقة
العلمية .
* أولاً:
القدرات والمهارات المُتضمنة في خطوات التفكير العلمي:
تشمل خطوات التفكير
العلمي المكونات السلوكية التالية :
* الشعور بالمشكلة وتحديدها:
يشمل إدراك مشكلة في
سياق عبارة أو مقال أو حدث، والتمييز بين المشكلات الهامة وغير الهامة، والتركيز
على المشكلة الأساسية وتحديدها في عبارات واضحة، وتحليل المشكلة إلى عناصرها
الرئيسية، والدقة في تعريف المصطلحات الهامة المتضمنة في العبارة أو العبارات التي
تصوغ المشكلة .
* جمع المعلومات المتصلة بالمشكلة:
استخدام مراجع ومصادر
متعددة موثوق بصحتها في جمع البيانات والمعلومات، وإجراء المقابلات الشخصية
المقننة والمفتوحة وإجراء التجارب للحصول على معلومات معينة، والتمييز بين مصادر
المعلومات الموثوق في صحتها والتي يُعتمد عليها والمصادر التي لا يُعتمد عليها،
والمعلومات المتصلة بالمشكلة وغير المتصلة بها . والتمييز بين الحقائق والملاحظات
والفروض المقترحة كحل للمشكلة .
* فرض الفروض الممكنة واختيار
أنسبها:
إدراك أن الفروض حلول
ممكنة تخضع للاختبارات والتجريب وأنها ليست حلولاً نهائية للمشكلة، والتمييز بين
الفرض والافتراض والحقيقة، وتقدير قيمة الفروض المقترحة بالنسبة للمشكلة واختيار أنسب
هذه الفروض للبدء باختباره. وصياغة الفرض في عبارات يسهُل فهمها واختبار صحتها .
والتمييز بين الفروض الجيدة التي تتفق مع الحقائق والوقائع وبين الفروض الضعيفة
التي لا تتفق معها .
* اختبار صحة الفروض:
تصميم تجارب محكمة
الضبط لاختبار صحة الفروض المُقترحة، وإدراك العامل أو العوامل المتغيرة في
التجربة التي تتطلب الضبط، وإدراك أن هناك بعض الأخطاء المحتملة في أدوات ووسائل
القياس، وتحديد قيمة هذا الخطأ عند استخدامها في الحصول على بيانات، والتمييز بين
الملاحظات الهامة والأقل أهمية وغير الهامة أثناء التجريب .
* تفسير البيانات والوصول إلى حل
للمشكلة:
كسب المهارات الأساسية
اللازمة للتفسير مثل تنظيم البيانات في جداول ورسوم بيانية، والقدرة على قراءة
الجداول والرسومات البيانية وغيرها، والقدرة على إجراء بعض العمليات الرياضية
والإحصائية البسيطة، وتفسير البيانات الإحصائية، والتمييز بين الفرض والنتيجة
والافتراض، وصياغة حل أو حلول المشكلة في عبارات دقيقة مفهومة .
* استخدام النتائج أو التعميمات في
مواقف جديدة:
يُراعى أن تكون
النتائج والأحكام التي نتوصل إليها في البحث في حدود الأدلة المتوفرة في البحث،
وإدراك أوجه الشبة والاختلاف بين المواقف الجديدة والموقف المعين في البحث. وإدراك أن التعميمات
التي نتوصل إليها في بحث معين لا تمتد إلى مواقف جديدة وتنطبق عليها إلا إذا كان
هناك قدر كاف من التشابه بين هذه المواقف الجديدة ومواقف البحث .
ومعرفة أن التنبؤات بالنسبة
للمواقف الجديدة تخضع للتجربة والتحقق حتى ولو كانت الظروف التي تُستخدم فيها
النتائج أو التعميمات متشابهة مع المواقف في البحث .
* ثانياً:
الاتجاهات العلمية المُتضمنة في خطوات التفكير العلمي:
يتصف الشخص ذو
الاتجاهات العلمية بالخصائص السلوكية التالية :
* اتساع الأفق العقلي وتفتح العقلية:
تحرر العقل والتفكير
من التحيز والجمود، والخرافات والقيود التي تفرض على الشخص أفكاراً خاطئة وأنماطاً
غير سليمة من التفكير . والإصغاء إلى آراء الآخرين وتفهُّم هذه الآراء واحترامها
حتى لو تعارضت مع آرائه الشخصية أو خالفها تماماً . ورحابة صدر الباحث وتقبُّل
النقد الموجه إلى آرائه من الآخرين، والاستعداد لتغيير أو تعديل الفكرة أو الرأي
إذا ثبُت خطأها في ضوء ما يستجد من
حقائق وأدلة مقنعة وصحيحة، والاعتقاد في نسبية الحقيقة العلمية، وأن الحقائق التي
نتوصل إليها في البحث العلمي ليست مطلقة ونهائية .
* حب الاستطلاع والرغبة المستمرة في
التعلم:
الرغبة في البحث عن
إجابات وتفسيرات مقبولة لتساؤلاته عما يحدث أو يوجد حوله من أحداث وأشياء وظواهر
مختلفة، والمثابرة والرغبة المستمرة في زيادة معلوماته وخبراته، واستخدام مصادر متعددة
لهذا الغرض ومنها الاستفادة من خبرات الآخرين .
* البحث وراء المسببات الحقيقية
للأحداث والظواهر:
الاعتقاد بأن لأي حدث
أو ظاهرة مسببات ووجوب دراسة الأحداث والظواهر التي يدركها الباحث من حوله ويبحث
عن مسبباتها الحقيقية، وعدم الاعتقاد في الخرافات، وعدم المبالغة في دور الصدفة،
وعدم الاعتقاد في ضرورة وجود علاقة سببية بين حدثين معينين لمجرد حدوثهما في نفس
الوقت أو حدوث أحدهما بعد الآخر .
* توخي الدقة وكفاية الأدلة للوصول
إلى القرارات والأحكام:
الدقة في جمع الأدلة
والملاحظات من مصادر متعددة موثوق بها وعدم التسرع في الوصول إلى القرارات والقفز
إلى النتائج ما لم تدعمها الأدلة والملاحظات الكافية. واستخدام معايير الدقة
والموضوعية والكفاية في تقدير ما يجمعه من أدلة وملاحظات .
* الاعتقاد في أهمية الدور الاجتماعي
للعلم والبحث العلمي:
الإيمان بدور العلم
والبحث العلمي في إيجاد حلول علمية لما تواجه المجتمعات من مشكلات وتحديات في
مختلف المجالات التربوية والاقتصادية والصحية .. ، والإيمان بأن العلم لا يتعارض
مع الأخلاق والقيم الدينية، وتوجيه العلم والبحث العلمي إلى ما يحقق سعادة ورفاهية
البشرية في كل مكان .
هناك أكثر من أساس
يمكن أن نبني عليه تقسيم البحوث، فقد تُقسم على أساس الظواهر التي تدرسها إلى :
بحوث طبيعية، وبحوث بيولوجية، وبحوث اجتماعية . والواقع أنه ليس هناك فصل تام بين
هذه الأقسام، فقد يكون هناك بحوث طبيعية بيولوجية، وبحوث بيولوجية اجتماعية .
والبعض يختصر هذه
التقسيمات إلى نوعين رئيسين هما البحوث الطبيعية، والبحوث السلوكية، ويدخل تحت هذا
النوع الأخير البحوث التربوية والنفسية .
وسوف نذكر فيما يلي
تقسيمين من أكثر التقسيمات شيوعاً واستخداماً وعلى الأخص في المجالات التربوية
والنفسية .
1 ـ تقسيم
البحوث حسب طبيعتها والدوافع إلى البحث إلى نوعين رئيسين هما:
(أ) ـ بحوث
أساسية أو بحتة : Pure or Basic Research
(ب) ـ بحوث
تطبيقية : Applied Research
والبحوث الأساسية أو البحتة وهي تُسمى أحياناً بالبحوث
النظرية لتشير إلى النشاط العلمي الذي يكون غرضه المباشر والقريب إلى حقائق
وقوانين علمية ونظريات محققة. وهو بذلك يسهم في نمو المعرفة العلمية وفي تحقيق فهم
أشمل وأعمق لها بصرف النظر عن الاهتمام بالتطبيقات العلمية لهذه المعرفة.
وأما البحوث التطبيقية فتشير إلى النشاط العلمي
الذي يكون الغرض الأساسي والمباشر منه تطبيق المعرفة العلمية المتوفرة، أو التوصل
إلى معرفة لها قيمتها وفائدتها العملية في حل بعض المشكلات الآنية المُلحّة. وهذا
النوع من البحوث له قيمته في حل المشكلات الميدانية وتطوير أساليب العمل وإنتاجيته
في المجالات التطبيقية كالتربية والتعليم، والصحة، والزراعة، والصناعة .. الخ.
2 ـ وتُقسم
البحوث حسب مناهج البحث والأساليب المستخدمة فيها إلى أنواع ثلاثة رئيسة هي :
(أ) بحوث
وصفية Descriptive
research
(ب) بحوث
تاريخية Historical
research
(ج) بحوث
تجريبية Experimental
research
وتهدف البحوث
الوصفية إلى
وصف ظواهر أو أحداث معينة وجمع الحقائق والمعلومات عنها ووصف الظروف الخاصة بها
وتقرير حالتها كما توجد عليه في الواقع . وفي كثير من الحالات لا تقف البحوث
الوصفية عند حد الوصف أو التشخيص الوصفي، وتهتم أيضاً بتقرير ما ينبغي أن تكون
عليه الظواهر أو الأحداث التي يتناولها البحث .
وذلك في ضوء قيم أو
معايير معينة، واقتراح الخطوات أو الأساليب التي يمكن أن تُتبع للوصول بها إلى
الصورة التي ينبغي أن تكون عليه في ضوء هذه المعايير أو القيم .
ويُستخدم لجمع
البيانات والمعلومات في أنواع البحوث الوصفية أساليب ووسائل متعددة مثل الملاحظة،
والمقابلة، والاختبارات، والاستفتاءات .
والبحوث التاريخية لها
أيضاً طبيعتها الوصفية فهي تصف وتسجل الأحداث والوقائع التي جرت وتمت في الماضي،
ولكنها لا تقف عند مجرد الوصف والتأريخ لمعرفة الماضي فحسب، وإنما تتضمن تحليلاً
وتفسيراً للماضي بغية اكتشاف تعميمات تساعدنا على فهم الحاضر بل والتنبؤ بأشياء
وأحداث في المستقبل . ويركز البحث التاريخي عادة على التغير والتطور في الأفكار
والاتجاهات والممارسات لدى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات الاجتماعية المختلفة.
ويستخدم الباحث
التاريخي نوعين من المصادر للحصول على المادة العلمية وهما المصادر الأولية
والثانوية، وهو يبذل أقصى جهده للحصول على هذه المادة من مصادرها الأولية كلما
أمكن ذلك .
وأما البحوث
التجريبية فهي التي تبحث المشكلات والظواهر على أساس من المنهج التجريبي أو
منهج البحث العلمي القائم على الملاحظة وفرض الفروض والتجربة الدقيقة المضبوطة
للتحقق من صحة هذه الفروض . ولعل أهم ما تتميز به البحوث التجريبية على غيرها من
أنواع البحوث الوصفية والتاريخية هو كفاية الضبط للمتغيرات والتحكم فيها عن قصد من
جانب الباحث.
وتعتبر التجربة العلمية مصدراً رئيسياً للوصول إلى النتائج أو
الحلول بالنسبة للمشكلات التي يدرسها البحث التجريبي، ولكن في نفس الوقت تستخدم
المصادر الأخرى في الحصول على البيانات والمعلومات التي يحتاج إليها البحث بعد أن
يُخضعها الباحث للفحص الدقيق والتحقق من صحتها وموضوعيتها .
********