قدم له فضيلة الشيخ الدكتور
عبود بن علي بن درع القحطاني
سبق أن نشرنا طليعة الكتاب بعنوان ( التفجيرات حقائق وأسرار ) وقد أشار بعض المشايخ على المؤلف بهذا العنوان الجديد
سأقوم بعرض الكتاب في حلقات فأرجو عدم التعليق حتى أنتهي
الحلقة الأولى
قدم المؤلف للكتاب بمقدمة رائعة بين فيها حقيقة بعض الأحزاب التي نصبت نفسها وصية على الدين فأفسدت من حيث أرادت أن تصلح حتى كان يفتي كبارهم بأن الأصل عصمة دماء الكفار ويحتجون على الخوارج بقوله تعالى {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ } (72) (سورة الأنفال ) دون أن يلتفتوا إلى أول الآية .
قال المؤلف :
ولقد بُليت الأمَّة في هذا العصر - قبل
فترة قصيرة - بعقيدة المرجئة التي كان ينادي بها بعض طلبة العلم ، وحمل رايتها
اثنان منهم ، أحدهما في أقصى الشمال والآخر في أقصى الجنوب ، و انساق وراءهما كثير
من الرعاع .
حتى أصبح الحال كما قال بعض السلف ، كما في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
للالكائي:
لم يزل في الناس بقية حتى دخل عمرو بن مرة في الإرجاء فتهافت الناس فيه .
ثم توالت عليهما ضربات أهل السنة من كل صوب ، وقد كانت لنا والحمد لله مشاركة في
دفع هذه البدعة الشنيعة بمؤلف بعنوان : " اجتماع الأئمة على نصرة مذهب أهل السنَّة
" راجعه وقدم له إمام من أئمة أهل السنَّة ، شيخنا أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي
الوادعي ، وقد قال في مقدمته :
" فقد قرأت كتاب الشيخ الفاضل سعود بن
صالح السعدي (اجتماع الأئمة على نصرة مذهب أهل السنَّة ) فوجدته كتاباً يتعلق
بالعقيدة اشتمل على فوائد تشد لها الرحال ، ضمنه التنبيه على ما زلق فيه بعض
العصريين فجزاه الله خيراً ، والأخ الشيخ سعود بن صالح من أبرز الدعاة إلى الله
يدعو إلى الله على بصيرة يحب السنَّة وأهلها ويحارب البدعة وأهلها قوي في العقيدة
قولاً وعملاً ويجل علماء التوحيد ميتهم وحيهم ومحب للعلم النافع وحريص على التزود
منه ويبغض الحزبية وينفِّر عنها من أجل هذا كله فقد أحببناه في الله فجزاه الله
خيراً ونفع به الإسلام والمسلمين إنه جواد كريم."
كما قدم له شيخنا الدكتور وصي الله عباس المدرس
بالحرم المكي والأستاذ بجامعة أم القرى وقال في مقدمته :
" فقد قرأت البحث الذي ألّفه أخونا
الفاضل الأستاذ أبو رائد سعود بن صالح المالكي سلمه الله , المتعلق بمسائل تتعلق
بالإيمان و الكفر و الشرك وسماه اجتماع الأئمة على نصرة مذهب أهل السنة ، فوجدته قد
جمع من النصوص الثابتة من الكتاب والسنَّة وأقوال الأئمة ما تكفي لإثبات المذهب
الحق والرد على الآراء الباطلة فجزاه الله خيراً , ووفقه لمزيد من البحث المفيد."
أ.هـ
و لقد كان القوم يقولون " إن الإيمان ينقص حتى يبقى منه ذرة " ، وهذا هو ملخص
عقيدتهم في الإيمان وما يضاده حتى قال مُقدَمهم : " إن الشهادتين تنجي صاحبها من
الخلود في النار بدون عمل الجوارح ولو ترك جميع الواجبات واقترف جميع المحرمات عدا
الشرك الأكبر".
وقد نشر بعضهم ذلك في مذكِّرة لهم بينوا فيها عقيدتهم ، ثم تحقق بعض ما أردنا بعد
أن أوقفناهم على كلام شيخنا الإمام ناصر الدين الألباني حيث قال " إن الإيمان ينقص
حتى لا يبقى منه شيء " و بعد أن تكلمنا مع بعض من عرضوا عليه نشرتهم تلك .
ثم قاموا بتعديل تلك العبارة والحمد لله على الوجه الصحيح وأثبتوا ذلك في نشرة لهم
قاموا بنشرها وتوزيعها ، وقد بلغنا أن دعوتهم بين الأعاجم تقوم على هذه العقيدة
الباطلة ، فهم يقنعون الأعجمي أن ينطق بالشهادتين حتى ينجو من الخلود في النار !! ،
وله بعد ذلك ، أن يفعل ما شاء ، عدا الشرك الأكبر .
وقد بينت في الأصل آخر اعتقادات وتلبيسات هذه الطائفة في باب الإيمان وما يضاده ،
ولا بأس أن أذكر هنا أهم أصولهم ، ولا يفوتني أن أنبه إلى أن بعض علمائنا ومشايخنا
الأفاضل ، ينسبهم المخالفون لهم ظلما ً وزوراً إلى هذا التيار ، بل أن كاتب هذه
السطور لم يسلم من هذه النسبة ، وهذا من أهم الأسباب التي دفعتني إلى الكتابة عن
هذه الطائفة حتى يعلم القاريء حقيقة الأمر .
فهذه الطائفة نشأت كردة فعل للسروية ، لكن لا الإسلام نصروا ولا السرورية كسروا فقد
كانوا يقولون عن بعض رموز السرورية ، هم من أهل السنَّة ، وقد كانوا يرسلون أتباعهم
إلى الإمام الألباني ليستخرجوا منه فتوى في السرورية فكانوا يقولون للشيخ الألباني
، هم معنا في العقيدة لكنهم يخالفوننا في المنهج فقال الشيخ رحمه الله ، إذاً هذا
اختلاف في الأسلوب لا يوجب هذه النفرة ، حتى دلسوا على الشيخ فظن أن الأمر كما
وصفوا أنهم معنا في العقيدة ، حتى إذا أفتى فيهم اعتماداً على وصفهم لم يرضوا
بفتواه وطعنوا فيه ، فالعجب من قوم يعادون أهل السنة بلا هوادة ثم يدّعون أنهم
يمثلون الدعوة السلفية الحقَّة .
وهذه الطائفة وافقت الأحزاب الأخرى في بعض الأصول وزادت عليهم في أخرى ، فهم من
جهة التنظيم جمعوا بين التنظيم الهرمي والتنظيم
العنقودي .
فكما هو معلوم أن الإخوان المسلمين يعتمدون التنظيم الهرمي بينما السروريون يعتمدون
التنظيم العنقودي ، لكن هؤلاء أخذوا من التنظيم الهرمي القمة فقط فهم يدينون
بالطاعة والاتّباع لشيخهم الأكبر ولا تجد أحداً ينوب عنه ممن هو دونه كما عند أصحاب
التنظيم الهرمي بينما أخذوا من أصحاب التنظيم العنقودي العمل الجماعي وفق أهداف
معينة .
ومن جهة الاعتداد بالنفس ليسوا كالإخوان المسلمين
الذين يرون أنهم جماعة من الجماعات العاملة وليسوا كالسرورية الذين يرون أنهم
الطائفة المنصورة وباقي الجماعات في دائرة الفرقة الناجية ويفرقون بينهما ، أما
المناهجة هؤلاء فهم يرون أنهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ولا يفرقون بينهما.
وقد وافقوا باقي الأحزاب في الطعن في كبار العلماء ،
خاصة إذا احتج من يعاديهم أو ينشق عنهم من أفرادهم بأقوال هؤلاء العلماء .
فمن أصول هذه الطائفة وسماتها الخاصة بها :
1) التفريق بين العقيدة والمنهج :
والهدف من ذلك تسهيل الطعن في مخالفيهم من أهل السنَّة والجماعة بحجَّة أنه وإن
كانت عقيدته سليمة إلا أن منهجه فيه خلل . لذلك تجدهم يكثرون من القول " كيف منهجه
" عندما يريدون أن يستفسروا عن أحد من الدعاة ليعرفوا هل هو من جماعتهم أم من
الجماعات الأخرى .
وتزداد عجباً إذا عرفت أن الميزان عندهم في هذه المسألة هو "مدى حبه أو بغضه
لكبيرهم ".
وممن أنكر عليهم في هذه المسألة خاصة ، شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله ، ففي الفتاوى
المكيَّة ذكر رحمه الله أنه دخل المكتبة – بدار الحديث بدمَّاج - ذات يوم فوجدهم قد
علقوا لافتة وكتبوا عليها " كتب المنهج " قال فنزعتها وقلت منهجنا الكتاب والسنة ،
قال وكان يأتيني بعض الطلاب فيقول نريد درساً يا أبا عبد الرحمن في المنهج فكان
يقول رحمه الله ما عندنا غير هذا - الكتاب والسنة - وكان يقول لهم ما نقرأه عليكم
من صحيح البخاري ومسلم وغيرهما هو المنهج .
2) عندهم غلو وخلل واضح في مسائل الهجر و الولاء
والبراء ويعتمدون في ذلك على ما يسمى بالإرهاب الفكري ، فإذا قرروا قولاً في مسألة
ما ، فالويل لمن يخالفهم ولو كان معه الدليل بل ولو كان من كبار العلماء ، فكم
تسببوا في كتم الحق وكم غرروا أتباعهم فالله المستعان ، وهم دون باقي الأحزاب غير
مأموني الصحبة ، فبمجرد أن تخالفه في مسالة محتملة تجده فجأة وبدون مقدمات يتخذك
عدواً لدوداً ، وتزداد عجباً إذا علمت أن بعضهم لا يفعل ذلك غيرة على الدين وإنما
يفعل ذلك خشية أن يهجر من طائفته ، فنسأل الله العافية .
3) عندهم غلو في مسألة الولاة عموماً فهم يفسرون
الجماعة في حديث عليكم بالجماعة بأنها " الحكومة " !! هكذا ، ولو فسروها بما فسرها
به السلف لضمنوا القول بطاعة الوالي المسلم لأن هذه هي عقيدة السلف وقد نصوا في
كتبهم على هذا فقالوا " والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين ، برهم
وفاجرهم ، إلى قيام الساعة ، لايبطلهما شيء ولاينقضهما " .
قال شيخ الإسلام وهو يتكلم عن وجوب طاعة الولاة كما في مجموع الفتاوى (28/508) " بل
يطيعهم فى طاعة الله ولا يطيعهم فى معصية الله إذ لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق
وهذه طريقة خيار هذه الأمة قديما وحديثا وهى واجبة على كل مكلف وهى متوسطة بين طريق
الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشىء عن قلة العلم وبين طريقة
المرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة الأمراء مطلقاً وأن لم يكونوا أبراراً "
4) هم على عقيدة المرجئة في مسائل الإيمان والكفر وقد
أنكر عليهم في ذلك كبار العلماء ، ومن أكبر الشواهد على أنهم تشربوا هذه العقيدة أن
كثيراً من كبارهم لم يتعرض إلى الانكار على المخالف لهم في هذه المسألة في آخر فتنة
وقعت في صفوف هذه الطائفة مع علمهم أنه حامل راية الإرجاء في هذا العصر ، وعلى كل
حال فهم عندهم ضعف واضح في العقيدة وليس لهم مصنفات في هذا الباب وإذا تكلم أحدهم
أو كتب في هذا الباب فكلامه مجرد عمومات مما قد اتفق عليه أهل السنة . وكثير منهم
لا يفقه التوحيد فضلاً عن باقي أبواب العلم ، وكتاب التوحيد المعتمد عندهم في بعض
النواحي قد قرر فيه صاحبه عقيدة المرجئة وقد رددت عليه في " اجتماع الأئمة على نصرة
مذهب أهل السنة " .
5) وافقوا الأحزاب الأخرى في طريقتهم وشعارهم الذي
يسيرون عليه " كتِّـل ثم علِّم " فأصبح عندهم جمع الشباب والحفاظ على عدم تفرقهم
مقدم على كثير من مسائل العقيدة ، فكان عقاب الله لهم أن فرقهم وشتتهم وكشف عوارهم
.
6) لجوؤهم إلى التصنيف بغير دليل لكل من خالفهم فمن
رد عليهم ولم يرد على السرورين يسمونه " إخواني أو سروري " ومن رد عليهم وعلى
السرورين يسمونه " حدادي " والسلفي هو الذي يمدحهم ويبجل شيخهم .
7) عدم تبديع المعين ، وهذا خلاف المشهور عنهم والسبب
في ذلك تفريقهم بين العقيدة والمنهج فالمخالف لهم لا يتجرأون على تبديعه لأنهم يرون
أنه يوافقهم في العقيدة ، وما هذا إلا بسبب جهلهم بالعقيدة ، لذلك تجدهم يصفون
المخالف لهم بكل أوصاف قبيحة مثل خبيث دسيسة كذاب أشر صاحب فتنة .... وغير ذلك ،
لكن لا يمكن أن يصفوه على الملأ بأنه مبتدع وربما يتفوهون بهذا في مجالسهم الخاصة ،
ومن الأسباب أيضاً أنهم يخافون أن يتهموا من خصومهم بأنهم حدادية .
8) ينطلقون من مبدأ الوصاية على الدين ، ويعتبرون
الكلام في رموزهم طعن في السلفية ، ورحم الله شيخنا ناصر الدين كان عندما يقال له
ياشيخ يقولون عنك : كذا وكذا ، كان يقول : ما لنا ولهم .
9) مصدر قوتهم أخطاء الآخرين ، فإذا وقعوا على خطأ
لأحد المخالفين لهم شهروا به ، وأخرجوه من السلفية ، وإلا فإن كبارهم ليس لهم جهد
يذكر في باب التصفية والتربية إلا ما ندر ، وليس لهم برنامج علمي يفيد الأمة بل هم
يقتاتون على انتقاد كتابات الآخرين وفقاً لما يعتقدونه ، بل أن كثيراً منهم لم
يُعرفوا إلا بعد أن ردوا على بعض المشهورين فاتخذوا الآخرين مطية للشهرة .
10 ) ينطلقون من مبدأ المؤامرة على السلفية فقد صرح
كبارهم بأن فتوى هيئة كبار العلماء فيهم يراد بها الطعن في السلفية ، ومن غرائب
الأمثلة أنه لما عُرض على كبيرهم كتابي " إغاثة الطالب لنيل أعلى المطالب " طلب
تغيير العنوان ، قال : لأن فيه مدخل للصوفية يحتجون به على السلفيين .
وعلى كل حال فإن الذي شجعني على كشف حقيقة هذا الحزب الجديد أنني وجدت أن كثيراً من
طلبة العلم مال إلى الخوارج بعد أن أصبح يميز الحق عنده بمخالفة هؤلاء القوم له ،
بل أصبح بعضهم يعمم هذا الحكم على جميع السلفيين ، فتمييزاً لأهل الحق ، ولأن هؤلاء
القوم أصبحوا يكتمون الحق عن أتباعهم بحجة أن القائل مخالف لهم في المنهج ، أقدمت
على هذه الخطوة ، والله المستعان .