5 الحصين ( قرن آمون ) :
يشكل الحصين ـ قرن آمون ـ قشرة دماغية توجد بأسفل الفص الصدغي للدماغ ( انظر رسم رقم 3 ) .
يشكل الحصين أو قرن آمون الجهة الدماغية التي حظيتباهتمام كبير من الدراسات التشريحية منذ أواخر القرن التسع عشر وخاصة في أوائل القرن النصرم . ويرجع الاهتمام إلى المعطيات التي قدمها طبيب الأعصاب بابيز Papez ، حيث أظهر هذا الباحث أن للحصين دورا هاما في اكتساب المعلومات ، ، و افتراضها من الجهات الأساسية و الضرورية للتذكر و الذاكرة . و بالفعل ، أكدت الدراسات فيما بعد أن للحصين دورا في معالجة المعلومات الخاصة بالتذكر و الذاكرة طويلة المدى . وزيادة على كون هذه الجهة الدماغية تشكل الممر الضروري للمعلومات ، فإن لها دورا آخر لا يقل أهمية عن الأول بحيث أنها تخزن المعلومات التي هي في طريق الترسيخ لمدة زمانية تصل إلى عدة أسابيع قبل أن تبعث أو تمرر إلى نوى أو باحات قشرية دماغية أخرى . ويستغرق تخزين المعلومات بالنوى و الباحات الأخرى حيزا زمانيا يدوم في بعض الأحيان بعدة باحات أو نوى لكل منها دور ونشاط عصبحيوي يهم وظيفة معلوماتية معينة . ويمكن توضيح ذلك من خلال المثالين التاليين :
1 ـ كل ما يتعلق بالمعلومات اللغوية موزع على جهات دماغية ( نوى وقشر دماغية ) عديدة مثلا :
المعلومات الخاصة بالنطق ومخارج الحروف تعالج وتخزن بباحة بروكا Broca أما كل ما يتعلق بفهم المصطلحات و العبارات فهو مرتبط بأنشطة باحة فيرنيكي Wernike رسم رقم 4 و 5 .
2 ـ كل ما يتعلق بشكل وحجم و اتجاه و تموقع الأشياء يختزن في الباحات القشرية التي تعالج المعلومات البصرية و الحسية البصرية و الباحات الارتباطية الخاصة بهذه الوظائف ( رسم 6 ) .
هكذا يتضح بأن للحصين وظيفة أساسية تكمن في كونه مركزا رئيسيا لإدماج و إدراج المعلومات المكتسبة و إرسالها إلى جهات أخرى لها اختصاص أدق وفق المعطيات ونوع المعلومات المعلجة و المكتسبة ؛ هذا ما يؤكده المثالان الأخيران .
إذن يشكل الحصين الممر الإجباري للمعلومات التذكيرية mnésique . و إذا حصل خلل أو تورع أو جروح متفاوتة الخطورة بهذا الممر ، فإن المعلومات الجديدة لاتمر و لا يتم إدراجها و إدماجها و بالتالي
لا يتم تخزينها كمعلومات مكتسبة يمكن تذكرها وتوظيفها مستقبلا . وقد أكدت دراسات عديدة اضطرابات من هذا النوع تحول دون الاسترجاع الشعوري ولو بالنسبة لمعلومات مختزنة قبل حدوث هذه الاصطرابات . تهم هذه الاضطرابات تسمية الأشياء و الأحداث أو دلالتها . مثلا ، يعجز الفرد عن تسمية الفرشة أو المشط و يلجأ إلى شرح وطيفتهما أو يقوم بالحركات المعبرة عنهما . ولا يصاحب هذا الاضطراب التذكري الشعور بالخجل أو الارتباك ، الشيء الذي يبين عدم ارتباط وظيفة الانفعال و التأثر بهذه الاضطرابات . يتعارض هذا مع ما يلاحظ عند القرد الذي لا يعاني من هذه الاضطرابات ، بحيث أنه تظهر عليه علامات التوتر لكونه لا يستطيع تذكر الأشياء . يمكن إذن أن نفترض أن الاضطرابات التذكرية قد لا تكون مشحونة عاطفيا و انفعاليا في هذه الحالات .
يمكن أن نتصور الحصين كجهاز بيني أو "مواليس" له وظيف خاصة بتمرير المعلومات إلى جهاز قشرية ونوى داخلية و استرجاعها أثناء عمليات التذكر . و بالفعل فإن هذه الجهة الدماغية تشحن المعلومات المكتسبة بكل ما هو عاطفي وجداني . ويحدث هذا لأن للحصين ارتباطات وطيدة بباقي الجهاز العصبياللمبيقي système limbique أو النظام الحوفي . ويمثل الجهاز الحوفي الدماغ البدائي و العتيق الذي يدبر ويتحكم في أنماط السلوك " العطفي و الوجداني و الانفعالي" ويتحكم فيها .وهو جهاز مكون من عدد من النوى التي تتحكم في عدد مكن أنماط السلوك التي لها دلالة مميزة بالنسبة للإنسان مثلا ؛ حيث أنه يدير كل ما يتعلق بالسلوك الجنسي و السلوك الغذائي و الشرب ، مما يمكن من إدراك العلاقة الموجودة بين العطفة و الوجدان وكل ما يتعلق بالتعبير الانفعالي :
على عكس ما تم تقديمه بالنسبة للذاكرة طويلة المدى يبدو أن ليس للحصين دور بارز بالنسبة للذاكرة قصيرة المدى أو ذاكرة التشغيل كما يلقبها عدد من الباحثين النشيطين في ميدان علم النفس التجريبي وعلم الأعصاب المعرفي .
|
صفحة العناوين | الصفحة الموالية |