تحويل الإذاعة والتلفاز ووكالة الأنباء السعودية إلى مؤسسات إعلاميّة مساهمة! بقلم: الدكتور عبدالله بن أحمد الفَيفي
	أنا شخصيًّا مع انفتاح المؤسّسات عمومًا- إعلاميّة وغير إعلاميّة- على شرائح المجتمع، لتساهم تلك الشرائح فيها. وهذا يتماشَى مع التوجّه العامّ نحو الخصخصة، بمردودات ذلك الاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة. والغاية المرجوّة هي أن يكون في تحويل الإذاعة والتلفاز ووكالة الأنباء السعوديّة إلى شركات مساهمة ما يعود على تلك الأجهزة وعلى المجتمع معًا بالخير والنماء والازدهار. على أن هذا لن يعني- بحال من الأحوال- غياب إشراف الدولة. إلاّ أنه قد آن- في الشأن الثقافيّ بعامّة- تغيير تلك التركيبة الذهنيّة النمطيّة التي تفصل مفهوم (المسؤوليّة) عن (الثقافيّة)، وتفصل (الانضباط المنتمي) عن (تصوّر الحُريّة). ذلك أن هناك من لا يفهم من (الثقافة) إلاّ الانفلات والهيام في كلّ وادٍ، ولا من (الحُريّة) إلاّ التنصّل من القِيَم العقلانيّة والمبادئ الاجتماعيّة والوطنيّة. ومن ثَمّ فالمعضل يبدو هنا ثقافيًّا قبل أن يكون مؤسّسيًّا. وكُلٌّ يُزايد بين حَدَّي (الطليعيّة) و(المحافظة)، ويظنّ أنه هو الأقرب إلى الصالح والباني والحضاري، وأن الآخر أقرب إلى الفاسد والهادم والمتخلّف. وما لم نتخطّ عتبة هذه المراهقة القِيميّة في نسيجنا الثقافي والمعرفي والاجتماعي، وبتعزيز منظومةٍ من قوانين تُحدّد الخطوط والمسارات، سيظلّ التوجّس من الانفتاح الثقافي والإعلامي والاجتماعي من الجميع. وعليه، فلستُ أرى الأمر في الشأن الثقافي والإعلامي ببساطة التحوّل من قطاع عامٍّ إلى خاصّ، كما يمكن أن تكون عليه الحال في أيّ شأن آخر، بل هو تحوّل في المفاهيم والمنطلقات، قد لا يؤدّي بالضرورة إلى نتائج إيجابيّة في الحقل الإعلامي، ما لم تُستصلح الأرض الثقافيّة قبل ذلك، وتُغرس بورود المحبّة، والتسامح، وقبول الرأي الآخر، والحُريّة المسؤولة، وبمعناها الحقيقيّ، لا المزيّف، الذي يوظَّف لمصلحة طرفٍ أو توجّهٍ ضِدّ طرفٍ أو توجّهٍ آخر. ومهما يكن من شيء، فنحن نعلم أن هناك، على الصعيد الإجرائي، خطوات الآن لتنفيذ التوجيه السامي الصادر في هذا الصدد، والمؤمّل أن يتمخّض الأمر عمّا يحقّق المصلحة العامّة للإعلام والوطن والمواطن. * (عضو مجلس الشورى) aalfaify@yahoo.com ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صحيفة "المدينة"، السبت, 8 ربيع الآخر 1430هـ= 4 أبريل 2009م، العدد 16782، ص18.
شكراً لمطالعتك هذه الصفحة!

جميع الحقوق محفوظة ©