|
حوار: معاذ الهزاني
أكد عضو مجلس الشورى أستاذ النقد الحديث بجامعة الملك سعود الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي على ضرورة الاهتمام باللغة العربية الفصحى وصيانتها والحرص على سلامتها، مشيرا إلى أن من لا يخاف عليها من طغيان العامية لا يعدو أن يكون متعصبا ومنساقا وراء أهوائه، أو لا تعنيه أصلا، لافتا إلى أنها ببركة أفعالنا ستواجه مصير اللغة اللاتينية، لتصبح لغة صلاة وطقوس دينية، لا حياة لها في الحياة العامة، وستتمزق أواصر العروبة ولغتها بين ذئاب اللهجات وغيلان اللغات الأجنبية. وقال في حديث لـ(الدين والحياة) إن تسهيل استعمال الفصحى أمر مشروع، أما خلخلة القواعد، فخلخلة في البنية الفكرية والحضارية للأمة العربية. ودوافع ما دعا إليه مستشرقون ومستغربون وقوميون قطريون من دعوات إلى العاميات ليست دوافع نزيهة، أو واقعية.
فإلى نص الحديث:
س1) منذ كان الاستعمار الأجنبي لمصر والبلاد العربية عموماً ونحن نسمع بين الحين والآخر أصواتاً تطالب بضرورة تسهيل الفصحى وخلخلة قواعدها , بل بعضهم طالب صراحةً بإحلال اللهجات العامية الإقليمية مكان الفصحى الأم , ما هو الدافع – في نظركم – لكل هذا ؟
ج1) تسهيل استعمال الفصحى أمرٌ مشروع، أمّا خلخلة القواعد، فخلخلةٌ في البنية الفكريّة والحضاريّة للأمّة العربيّة. ودوافع ما دعا إليه مستشرقون ومستغربون وقوميّون قُطْريّون من دعوات إلى العامّيّات ليست دوافع نزيهة، ولا حتى واقعيّة، ولم تكن لسواد عيون العرب والعربيّة، بل لسواد عيون أخرى، أيديولوجيّة أو سياسيّة أو عنصريّة. وما لم يفهمه العرب بعد- ودون العالمين أجمعين- أن لغتهم هي هُم، بكلّ مقدّراتهم، ما يمسّها يمسّهم. ولذا تراهم يحترمون كلّ لغات العالم، ويُنفقون الغالي والنفيس لإتقانها، ويتباهون بذلك، ويعيب بعضهم على بعض الإخلال بقاعدةٍ من قواعدها، حتى إذا استعملوا العربيّة، فحدّث ولا حرج! كما أنه- فيما يتعلّق باللغة العربيّة- يصبح الاكتراث بشأن اللغة، والحرص على سلامتها، والمحاسبة على انتهاكها، مظهرًا- لدى معظم العرب- من مظاهر التخلّف، والتحجّر، والاهتمام بالشكليّات الفارغة! وهذا يدلّ على تدنّي احترام هؤلاء العرب لأنفسهم، وتلاشي اعتزازهم بلغتهم.
س2) ألا ترى أن لجمود النحو دوراً في هذه المشكلة , فعلى سبيل المثال يدرس الطلاب في المعاهد العلمية شرح ابن عقيل ت (769هـ) على ألفية ابن مالك , أليس لربط الطلاب بكتاب ألف في القرن الثامن تعقيد للفصحى ولتدريسها؟ ألا نستطيع أن ندرسهم كتباً حديثة تتماشى مع طرق التدريس المستجدة ؟
ج2) في ذلك حقّ. لكن لا ننس أيضًا أن هناك اجتهادات جيّدة في هذا المجال، ومنذ كتاب "النحو الوافي" لعبّاس حسن، إلى غيره من المحاولات لتحديث كتب النحو، وتسهيلها على الطلبة، لكنها محاولات لا تُطوّر، ولا تفعّل في التعليم، بل قد لا يُفاد منها. وذلك بالرغم من القفزة التقنيّة المعاصرة التي كان يمكن أن يُفاد منها في هذه السبيل. على أن مناهج القواعد النحويّة في المدارس السعوديّة العامّة اليوم تُعدّ جيّدة، إجمالاً، غير أن القصور يكمن في أمرين: المدرّس، والتطبيق. لأن قواعد اللغة وسيلة لاستقامة بناء الجملة، وليست بغاية، ومدارسنا تهمل أهم الجوانب في تعليم ذلك، وهو التطبيق، فتتحوّل القواعد إلى معادلات رياضيّة، قد ينجح فيها الطالب بامتياز، لكنه لا يُحسن قراءة جملةٍ صحيحة أو كتابتها. ثم بعد هذا كلّه، هل نظن أن قواعد اللغات الأخرى أسهل من قواعد اللغة العربيّة؟ ذلك وهم. وإنما الاستهانة العامّة بأهميّة اللغة العربيّة، مع الانفصام بين حياتنا ولغتنا، ورؤية مَن هُم محلّ القدوة لا يأبهون للتخليط في اللغة، هي ما يجعل قواعد نحونا العربي تبدو ضربًا من المعمّيات، والعناية بها نوعًا من الجهد بلا معنى. وإلاّ فإن مستعمل اللغات الأخرى يُخطّأ حتى على الإخلال بمواضع الفواصل والنقاط وسائر علامات التنغيم، ويُدرج ذلك ضِمن القواعد الملتزَمة التي على كلّ مستعملٍ لتلك اللغات تعلّمها. والإنجليزيّة، مثلاً، التي لا يتذمّر أحدٌ من عشّاقها من صعوبة قواعدها، مقارنة بتذمّره من العربيّة، موصوفة بين أهلها بأنها لغة "مجنونة"، وفي بنياتها المختلفة: الأصوات والمفردات والتراكيب، فهي بلا منطق مطّرد في ضوابطها- وهذه حالة مشتركة متفاوتة الدرجات بين اللغات.. ولكنّ العِشق عادةً يطوّع العاشق، ويُمدّه دائمًا بالصبر الجميل على محبوبته، التي "تَأْرَنُ أحيانًا كما أَرِنَ المُهْرُ"!
س3) هناك من يحمّل اللغويين والنحاة تبعة إهمال الفصحى في كافة المستويات , فجل معاجم اللغة قديمة , وليس عندنا حتى الآن معجم تاريخي , وأروقة مجامع اللغة العربية تعج بالخلافات فضلاً عن أن صوتها خافت غير مسموع , ما رأيكم؟
ج3) المعاجم والمجامع لا تُصلح ما أفسد الدهر! وإنتاج اللغويين والنحاة هو لذوي الاختصاص، ويأخذ مداه حتى يصل إلى عامّة الناس، وطلبة العِلم المبتدئين، وغير المتخصّصين في مجال اللغة والنحو والأدب. وإنما التبعة في ضَعف اللغة والنحو تقع على جهتين: التربية، والإعلام. ذلك أن اللغة تلقٍّ ودُربة، والطالب اليوم لم يَعُد يسمع لغته كثيرًا، وإذا سمعها سمعها مشوّهة مُعاقة. والتعليم من جهته لا يعتمد على التربية التطبيقيّة في تقويم الألسنة وتنمية المَلَكات اللغويّة. هنالك مشاجب كثيرة تُلقى عليها التبعات، بيد أن أصل المشكلة يتمثّل في خللٍ في البيئة التربويّة التعليميّة، وضعفٍ في البيئة الإعلاميّة- مع ازدواج لغويّ اجتماعيّ، واستخفاف عامّ بالعربيّة وضرورتها في هذا العصر- ولو صلحت البيئتان التعليميّة والإعلاميّة لما احتجنا كثيرًا في هذا الشأن لا إلى فطاحلة اللغويين ولا إلى عباقرة النحاة. وقديمًا قيل: "القرآن نحوُ مَن لا نحو له". أي أن تقويم استعمال اللغة هو عمل تطبيقيّ نصوصيّ، سماعًا ودُربة، في غِنًى عن الهرطقات اللغويّة الطويلة والنظريّات النحويّة العويصة.
س4) وماذا عن مجمع اللغة العربية في الرياض , لماذا لم ير النور بعد ؟
ج4) لعلّ من البدهيّات القول بقيام مجمعٍ للغة العربيّة في المملكة العربيّة السعوديّة، وقبل أيّ دولة عربيّة أخرى، وذلك مثلما قام فيها مجمع للفقه الإسلاميّ، ومجمع لطباعة المصحف الشريف؛ لأن السعوديّة ليست بقلب العالم الإسلامي فحسب، بل هي- قبل ذلك- قلب العروبة، ومعدنها الأصيل، ومنها شعّ لسانُ الضّاد إذ أصبح لغة السماء والأرض. وعلاوة على ذلك تزداد أهميّة مثل تلك المؤسّسة العلميّة اللغويّة في هذا الوقت بصفة خاصّة لمواجهة ما تشهده العربيّة من هجمتين ضاريتين من اللغات الأجنبيّة واللهجات العامّيّة، تريدان أن تستأثرا بالحياة والثقافة والعلوم، فتذهب بين شِقّي رحاهما الفصحى أثرًا بعد عين. والمؤتمرات العربيّة، والقِمم السياسيّة، ما تزال تردّد توصياتها النظريّة بحماية اللغة العربيّة.. فكيف ستُحمى اللغة العربيّة دون آليّات رقابيّة عمليّة، ومؤسّسات علميّة لُغويّة؟! على أنّ المؤمّل أنْ ينهض مجمعنا المنشود- إنْ كان سينهض- على أُسسٍ جديدة، وبقُدرات تتناسب مع أهميّته، والبلد الذي يحتضنه، وما تُعقد عليه من طموحات، وأن يفيد من خبرات المجامع العربيّة التي سبقته في هذا المضمار. بل إنه لينبغي أن تتوحّد المجامع العربيّة في مجمعٍ جامع، وهل أَولَى بموقعه من جزيرة العرب وقِبلة الإسلام؟ ولا ينكر جهود تلك المجامع القائمة- في الحفاظ على اللغة، وتأليف المعجمات، وتحقيق التراث، ووضع المصطلحات- إلاّ جاحد، أو جاهل، أو مُغرض، وإنْ كان المأمول من المجامع أكبر. كما أن من أهمّ ما يُنتظر أن ينهض به مجمعٌ (فاعل) للّغة العربيّة في بلادنا لو قام أن يغدو جسرًا إلى التعريب والترجمة، والتعليم الجامعي للعلوم الطبيعيّة باللغة العربيّة. وذلك كما تفعل الأُمم الحيّة، التي تُنفق على الترجمة، ونقل المعارف إلى لغاتها، وتوطين التقنية في بلدانها، بسخاء لا محدود، مراهِنة على هذا النهج في بناء مستقبلها، وانتماء أجيالها إلى وطنهم وأمّتهم وثقافتهم. على أن دَور المجامع يعوقه عدم الالتزام بما يصدر عنها- إن لم يكن تسفيه ما يصدر عنها- من قِبَل وزارات التربية والتعليم، ودُور التعليم المختلفة، والإعلام، والجهات الثقافيّة، والوزارات، والهيئات العامّة، وغيرها. فدَور المجامع اللغويّة لن يتمّ ما لم تدعمها أذرع تنفيذيّة لما يصدر عنها من قرارات، وإلاّ باتت حبرًا على ورق، وأنكر المنكرون أو المغالطون أيّ أثرٍ للمجامع في المجتمع اللغوي.
س5) أنتقل معكم يا دكتور إلى الحديث عن الشعر العامي – إن صحت التسمية – ما رأيكم في المسابقات التي تقام اليوم للشعر العامي ؟ وهل بمقدور هذه المسابقات (شاعر المليون على سبيل المثال) أن تخلق لهجة عامية تذوب فيها لهجات الأقاليم المختلفة ؟
ج5) الاحتفاء بالشِّعر العامّي اليوم، وعلى هذا المستوى الشموليّ للأُمّة العربيّة، هو في الواقع محصّلة متوقّعة؛ وكلّ إناء بما فيه ينضح! كلّما حَدَث أن الإمكانيّات الحديثة، من فضائيّات وفائض أموال، قد كشفتْنا معرفيًّا وفكريًّا وثقافيًّا أمام أنفسنا. فلقد عَرَّتْ ما كان يتوارى من سوأتنا من قَبْلُ؛ لضِيق ذات اليد، أو لأن التقنية لم يُسعفنا بها العالَمُ المنتجُ المتطوّرُ بعد، لنكتشف أخيرًا أن تراث عصور الانحطاط هو تراثنا الأجدر بقاماتنا، وأن العامّيّة هي لساننا الأَولى بهمّتنا واهتمامنا ومالنا وإعلامنا، وأن هذا هو مستوانا الحقيقيّ الأوّل والأخير، وإنْ طال الزمن، وطال الضجيج حول التحوّلات النهضويّة العربيّة وتطوّر التعليم العربي والثقافة العربيّة، فما غاية طموحاتنا العُليا- التي تحقّقت لحُسن الطالع وبعد زهاء قرنين من الكفاح- إلاّ أن نُسَخِّر التقنية الحديثة، والمال العربي "المتلتل"، لترسيخ البداوة، والتخلّف، والتعصّب، والقَبَليّة، وفساد اللغة، وتشوّهات الثقافة، والتنابذ القُطري، والإقليمي، والمناطقي، والمجتمعيّ. ها نحن هؤلاء نعود إلى مربّعنا العربيّ الأوّل، ولا جديد تحت الشمس، سِوى أنه انكشف الغطاء، وأصبح لكلّ شيء قناة وفضاء، ومن تلك الأشياء الكثيرة: العامّيّات وأهلها. فما الغريب؟! ومشكلتنا الأزليّة في هذا المضمار أننا نضحّي بقِيَم عُليا ومصالح كُلّيّة في سبيل جماليّات شِعريّة ما، لها أصداؤها الاجتماعيّة في الذاكرة، وحفيفها العاطفيّ في النفوس. وحينما نقول هذا- غيرةً على أهلنا من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، وإشفاقًا من العواقب- يضجّ ذوو التعصّب والأهواء والرؤى القاصرة، مع أننا لسنا ضِدّ ذلك الشِّعر من حيث هو شِعر، ولا ننكر روعة بعضه من الناحية الفنّيّة، ولا يخلو شِعر بأيّ لُغةٍ في الدنيا من روعة، ولكن ذلك كلّه لا يسوّغ- في نظرنا- ذلك الاحتفاء المبالغ فيه بالشِّعر العامّي على كلّ المستويات، حتى لقد بات يُمنح الأولويّة في خطابنا الإعلامي، والثقافي عمومًا، وربما التعليمي عمّا قريب. أمّا أن تلك الحُمّى ستخلق لهجة تذوب فيها لهجات الأقاليم المختلفة، فما أتصوّر ذلك. أنا أزعم أني محسوب على المتخصّصين في اللغة العربيّة وآدابها، وفي الشِّعر القديم، والجاهلي منه بخاصّة: شِعر البادية والصعاليك والأعراب، ولقد عشتُ في أوساط عامّيّة متباينة من الجزيرة، في الجنوب والحجاز والشمال والوسط، ومع ذلك لا أفهم كثيرًا ممّا يتطاير من أفواه هؤلاء الشعراء اللهجيّين! فاللهجات اليوم، في غالبيّتها، هي على حدّ قول أبي الطيّب:
مَلاعِبُ جِنَّةٍ لَو سارَ فيها سُلَيمان لَسارَ بِترجُمانِ!
إن ما سيجمع العرب مكانًا وزمانًا- لو كانوا أُمّة جادّة- هو لسانهم العربيّ المبين، الذي منحهم هويّتهم على مرّ التاريخ، ومثّل بين الشعوب شخصيّتهم الحضاريّة المهيبة الواحدة، لا أيّ لهجة من لهجاتهم البائدة أو الدارجة.
س6) منذ زمن والغيورون على الفصحى يحذرون من خطر اللهجات الإقليمية , هل تخافون على الفصحى من طغيان العامّيّة يا دكتور ؟
ج6) يُشـيعُ المرجفـونَ بأنّ خَطْـبـًا
أحاط بطائـرِ الشِّـعْرِ الفَـصيـحِ
"فلكلوريـةً " صارتْ مزاجــًـا
فلا تحفـلْ بذا الفِكْـرِ النَّطِيـْـحِ!
لَكَمْ تُـزْري القمـاءةُ بالدَّعاوَى
تُحمْـلقُ وهْـيَ تنظـرُ للسُّـفُوحِ!
هذا ما قلتُه شِعرًا ذات شِعر. ومَن لا يخاف على العربيّة من طغيان العامّيّة لا يعدو في تقديري أحد شخصين: إمّا متعصّب، منساق وراء أهوائه، أو هو لا تعنيه العربيّة أصلاً، بل ربما رآها معيقة لبعض ما يصبو إليه ثقافيًّا أو أيديولوجيًّا. أرانا ندبّ اليوم على دربٍ- لا قدّر الله علينا نهايته- من التلهيج الإعلامي والثقافي والأدبي. واللغة العربيّة ببركة أفعالنا ستواجه مصير اللغة اللاتينيّة، لتصبح لغة صلاة وطقوس دينيّة، لا حياة لها في الحياة العامّة، وستتمزّق أواصر العروبة ولُغتها بين ذئاب اللهجات وغيلان اللغات الأجنبيّة. نعم هناك أناس ما زالوا يتمثّلون الأمثال، ويلتمسون التأويلات، ويحلمون، داسّين رؤوسهم في الرمال، لكن الرمال نفسها ستلفظهم بحقائقها المستقبليّة. وما أظن حال العربيّة اليوم تبشّرنا بأفضل من هذا المستقبل الكالح الذي يتجاهله بعضٌ، ويعتّم عليه آخرون، ويُفرِح بينهما قلبَ ثالثة الأثافي.
س7) هل للجنة الشؤون الثقافية والإعلامية في مجلس الشورى دور مرضٍ في مجال خدمة اللغة على اعتبار أنها لغة الثقافة ؟ وكيف تقيمون دور الإعلام في هذه القضية ؟
ج7) ليس مجلس الشورى بجهة أكاديميّة، أو مركز بحثٍ علميّ، لكنه يُراقب، ويقترح، ويشرّع، ويوصي، وفق آليّاته، ومن خلال لجانه كافّه، ولاسيما لجنة الشؤون التعليميّة والبحث العلمي، ولجنة الشؤون الثقافيّة والإعلاميّة. كما أن المجلس ليس اليد التنفيذيّة لما تتمخّض عنه تقييماته في هذا الشأن أو في غيره. لقد أصدر مجلس الشورى- على سبيل المثال- ومنذ عشر سنوات، في سنة 1420هـ، نظامًا لمجمع اللغة العربيّة في المملكة، وكان للجنة الشؤون الثقافيّة والإعلاميّة وللمجلس عمومًا دورهما في إجراء تعديلاتٍ جذريّة على ذلك النظام الوارد من مجلس الوزراء، مشفوعًا بدراسةٍ من هيئة الخبراء، حسبما أفادني بذلك أستاذي معالي الدكتور أحمد بن محمّد الضبيب، الذي واكب ذلك المشروع. فأين آل مآله؟ وماذا حلّ به، وبنا، بعد هذا التاريخ؟! كما صَدَرَت عن المجلس أنظمةٌ أخرى تتوخّى معالجة وضع اللغة العربيّة في المجتمع، وقرارات توصي بما يخدم اللغة، ويعزّز مكانتها، في التعليم وغير التعليم. وما زلنا جميعًا نتطلّع إلى أن ترى النور تلك الأنظمة والقرارات، وأن تُذلّل الصِّعاب في سبيلها، وأن لا يُبخل عليها بالدعم المستحقّ، وأن يُفعّل ما ينقصه التفعيل منها.
س8) رسالة أخيرة يا دكتور .
ج8) أدري، سيُغضب بعضُ ما أقول بعضَ من يؤثرون الثناء ويضيقون بالنقد. لكن الأمانة تقتضي المواجهة والمكاشفة، فمركبنا واحد، ومصيرنا واحد. ولئن بدوتُ متشائمًا في شيءٍ من رؤاي، فإني لأرجو أن أكون فيه مخطئًا، وأن يكون المتفائلون على الصواب، فما غايتي إلاّ أن أرى أُمّتي "خير أُمّة أُخرجتْ للناس"، كما أرادها الله، لا عكس ذلك، لا قدّر الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة "عكاظ"، الخميس, 13 ربيع الآخر 1430هـ= 9 أبريل 2009م، العدد 2853.
|