ما ترتيب الكتاب اليوم في سلّم وسائط المعرفة؟:5.لقاءات:إضبارة د.عبدالله الفـَيفي http://alfaify.cjb.net



ما ترتيب الكتاب اليوم في سلّم وسائط المعرفة؟
بقلم: الدكتور عبدالله بن أحمد الفَيفي


قد أرى، أحيانًا، في ظاهرة المعارض الدولية للكتاب، وعلى النحو القائم حاليًّا، ظاهرة تخلّف، أي أنها ما زالت تدور في فلك عصر غير العصر الذي نعيش فيه.
أسائل نفسي: علام أذهب لأكدّس عشرات الكُتب، وأخسر مئات الريالات، وبإمكاني أن أحصل على مكتبة كاملة في قرصٍ حاسوبي (سي دي)؟
ثم هل نحن في عصر المكتبة المنزليّة العامرة، التي كان التباهي بها منذ زمن، أم أن المكتبات الآن متاحة، والجامعات مفتوحة للباحثين، والإنترنت يمدّنا بما نشاء؟
أليس التباهي بأن مكتبة فلان الشخصيّة تحوي آلاف الكتب هو إرث عتيق عن مرحلة كان الكتاب فيها نادرًا، والمكتبات غير موجودة، وأوعية المعلومات مفقودة؟ إذ كانت مكتبة عالم أو أديب في بلدة ما أمرًا جدّ حيويّ، ويشكّل مرجعيّة ثقافيّة للمكان الذي المكتبة فيه.
لننظر إلى بيوت الغربيين، حتى بيوت العلماء منهم، هل تزدان بأرفف المكتبات الواسعة والمجلّدات الضخمة، أم أنها تحوي الضروري من المعاجم والكتب، ومن شاء البحث أو حتى القراءة، فأمامه المكتبات العامّة، ومراكز البحوث، ومكتبات الجامعات.
يزداد التساؤل إدهاشًا هاهنا حين نلحظ ظاهرتين في معارض الكتب العربية، بصفة خاصة:
1) أنها لا تعكس بالضرورة حيويّة ثقافيّة حقيقيّة، بل إن تلك الأسفار الكثيرة والثقيلة التي يحملها كثيرٌ من الناس من المعارض لا تُقرأ أصلاً، وإنما تجعل ديكورات في المنازل، للوجاهة الثقافيّة.
2) أن معارض الكتب العربيّة باتت ساحات معارك فكريّة واجتماعية، بين الرقابة من جهة والناشرين من جهة أخرى، ثم بين تيارات الجماهير بعضهم مع بعض.
وهذا يؤكّد ما ذهبت إليه آنفًا من أن الأمر ما يزال بمجمله خارج عقليّة العصر الذي نعيش فيه، عصر التقنية والنشر الإلكتروني. فهَمّ الرقابة الذي ينصبّ على منع الكتاب الورقيّ، وهَمّ الناشر الذي يصرّ على ترويج كتابه الورقيّ، لا معنى لهما في عصرٍ الكتابُ فيه لدى أطراف أصابع من يبغيه، ومجانًا، مُنعت أوراقه أو فُسحت. وصراع الجماهير حول الكتب الورقيّة كذلك ما زال صراعًا في ذمّة الماضي، فلا جدوى منه ما دامت ثورة الاتصالات الحديثة قد أضحت كفيلة بالإصلاح بين الطرفين بجعل الكتاب الممنوع أو المرغوب متاحًا لمن شاء، بلا معارض ولا خصام ولا استنفار للأمن وقوات منع الشغب!

* (عضو مجلس الشورى)
aalfaify@yahoo.com

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المجلة الثقافيّة، صحيفة "الجزيرة"، الخميس 27 ربيع الآخر 1430هـ= 23 أبريل 2009م، العدد 280، ص19.
http://www.al-jazirah.com.sa/culture/pdf/23042009/t19.pdf
http://www.al-jazirah.com/culture/2009/23042009/almlf37.htm





شكراً لمطالعتك هذه الصفحة!

جميع الحقوق محفوظة ©