س) كيف تقرأ ثنائية وإشكالية الثقافي والسياسي ولماذا السياسي يسعى دوما لإحتواء المثقف وفي الغالب يسعى لتدجينه ومن جهة أخرى لماذا يسعى المثقف في كثير من الحالات لإرضاء السياسي؟
ج) ما لم نلغ من أذهاننا ملائكية المثقّف، وننزع من نفوسنا قداسة السياسي، فلن نصل إلى حلّ وسط بينهما؛ فكلاهما بشر، وكلاهما ضروري للآخر. وما داما بشرًا، فليسا بمعصومين، وما داما بشرًا، فليسا بسواء لدى القياس، وما داما بشرًا، فلنُعلن الرأي فيهما دون مواربة ولا انكفاء ولا تعميم. إن عناصر المجتمع الثلاثة: المثقف، السياسي، المواطن من غير هاتين الفئتين، شركاء في الهدف والمسؤولية عن تحقيق ذلك الهدف، وتنصّل أي منهم عن ذلك خيانة، وإلقاؤه بالتبعة على الآخرين عجز وتواكل، وانطواؤه البرجعاجي على مكبوتاته التاريخية، مع قذوفاته النمطيّة الجاهزة، مثاليّة غنوصيّة، لا تفيده ولا تنفع غيره.
أمّا لماذا السياسي يسعى دومًا لاحتواء المثقف وفي الغالب يسعى لتدجينه ومن جهة أخرى لماذا يسعى المثقف في كثير من الحالات لإرضاء السياسي؟- كما ورد في السؤال- فسؤال يحمل سلبيّات: "الاحتواء" و"التدجين" و"الإرضاء"، في افتراض مسبق أن السياسي بالضرورة يكيد للمثقّف كيدًا. فإن صحّ ذلك- واقعًا- لدى بعض الساسة، فإن السؤال يوجّه إلى بعض المثقّفين الذين يرضون على أنفسهم بذلك. إذ من الطبيعي أن يسعى كلّ إلى مصالحه ويعمل للوصول إلى أهدافه، فمن انساق وراء آخر بما يناقض أمانته وواجبه في الحياة، فقد أسقط عنه الصفة التي حُمّل إيّاها، ومن ثمّ فقد أصبح خارج السؤال أصلاً!
ـــــــــــــ
من استطلاع لـ"كرّاس الثقافة"، بجريدة "النصر" الجزائرية، الثلاثاء 1 ديسمبر 2009، ص12- 13، بعنوان: "العلاقات الخطرة بين المثقّف والسياسيّ"، استطلاع: نوارة لحرش، ص13.
|