... وكما تُؤَسْطِرُكَ الرَّوابيْ والسُّهُوبُ
لكَ صَهْوَةُ النَّشْوَى ورَجْوَى لا تَخِيْـبُ
لكَ مُهْـرَتِيْ ومُهَنَّدِيْ ولـيَ اصطبا
رُكَ، يا سَـلِيْبَ الدَّارِ، والرَّأيُ الصَّلِيْبُ
لا ، لا تَسَـلْ عَـنِّيْ فـإنِّيْ ذاك إنْ
جَـدَّ الزَّمانُ وسَطْوَتِيْ العَجَبُ العَجِيْبُ
إنِّيْ التقيتُـكَ هاهـنا يومـًا فَهَـلاَّ
قُـلْتَ ليْ : ماذا جَرَى؟ ولِمَ الهُـرُوْبُ؟
قد كُنْتَ بارقَ صَحْـوَتِيْ إنْ أَمْحَلَتْ
وجَـلاءَ أيَّــامٍ عَلَيَّ دمـًا تَصُـوْبُ
نَعـلاكَ أفـلاكُ المَجَـرَّةِ تلتقـي
وعلى خُـطَى قدمَيـكَ تَنْتَقِلُ الدُّرُوْبُ
لِـمَ هذه الآفـاقُ ثَكْـلَى؟ والقُرَى
مَنْكُـوْبَـةٌ؟ والبَدْرُ ثَغـْرٌ لا يُجِيْـبُ؟
وتَلَـبُّبِيْ بالحَـرْبِ مِرْجَلُـها دَمِـيْ
أَيْـنَ الأُلـَى دارُوا بِها دَهْرًا تَجُـوْبُ؟
إيْـهٍ، وأينَ الخَـيْلُ تَقْذِفُ بالبُطُـوْ
لَـةِ في فُروجِ الأرضِ نَهْداهـا وَجِيْبُ؟
لولا رَحِـيْقُ العُـرْبِ في أحداقِكُـمْ
مـا قُلْتُ بيـنكُمُ على الدُّنيـا عَرِيْبُ!
لا وَجْهَ ثَمَّ، ولا لِسـانَ، وليس مَـنْ
يُلْقِـيْ على شِـيَةِ الغَرابَـةِ: يا غَرِيْبُ!
مُلْقًـى على كَـفِّ القِيامـةِ ظامِـئًا
يُرْوِيْ النُّسُـوْرَ نَجِيْعَهُ وهُوَ السَّـغُوْبُ!
فحَمَـلْتُ قافِـيَةً أُعـالِجُ في فَـمِيْ
خَجَـلِيْ مِنَ الآتـِيْ على الماضِيْ يَلُوْبُ
والشِّعْرُ أشْجـَارٌ ؛ فكَمْ مِنْ شاعِـرٍ
مـا قـالَ شِـعرًا غُـصْنَهُ مِنْهُ رَطِيْبُ
ولرُبَّـما يَهْـذِيْ بِـهِ مَنْ ليـس في
تِمْثَـالِـهِ أبَـدًا نَـدًى مِنْهُ وطِـيْبُ
كالحُـبِّ: أهونُـهُ قُشَـعْـرِيْراتُهُ،
ومَـداهُ ما حَـرَقَ الفُـؤادَ بِـهِ حَبِيْبُ
يـا أيُّهـا ذا الطَّيـِّبُ المـتنبِّئُ الـ
ـماضيْ مَضَى ونَدَاكَ حاضُرُكَ الجَدِيْبُ
اسْمَعْ ، أبا كُلِّ الطُّـيُوْبِ، لقد نَـزَا
في أُمِّ ضَيْعَـتِنا السَّبـَنْتَى والنَّخِيْـبُ
وتَطـايَرَتْ إبِـلِيْ وهَـامَ وراءَهـا
مِنْ أهـلِ داريْ كُلُّ أَرْعَـنَ لا يَثُـوْبُ
بَأَحِـزَّةِ الثَّلَـبُوْتِ حُـزَّ تُراثُـنا،
وعَفَا لَبِيْدُ ، وأَرْعَدَتْ مُـزُنٌ ضُـرُوْبُ
وتَقَطَّعـَتْ مِنْ آلِ نُـعْمٍ نِـعْمَـةٌ،
وتَسـاقَطَ العُشـَّاقُ ، وانْتُهِكَ الكَثِيْبُ
وعلى ثـَرانا أَمْطَرَتْ سُحُـبُ الهَوا
نِ وأنبتَـتْـنا ليس نُـشْرِقُ أو نَغِـيْبُ
مـا عـادَ في رأسٍ أَذًى مِنْ نَخْـوَةٍ،
ما عـادَ في عَـيْنٍ قَذًى، وخَلَتْ قُلُوْبُ
وتَرَهَّـبَ الثَّـاوونَ في أسـلافِهِـمْ
واسْتَرْهَـبَ الغـاويـنَ رَبُّهُمُ القَشِيْبُ
أ ولم تَكُـنْ في (شِـعْبِ بَوَّانٍ) على
مَرْأَى المصائِرِ، يافَتَى، تَرعَى شَعُوْبُ؟!
ارْجِـعْ فليسَ لنا بشِـعْرِكَ هـا هنا
أُذُنٌ ، وماتَ الشِّعْرَ ، وانْتَحَرَ الخَطِيْبُ!
أَطْفِـئْ قَوافِيَـكَ التي أشْـعَلْتَـهـا
مُدُنـًا ، وهاكَ قناةَ شَـعْوَذَةٍ تَنُـوْبُ!
اكْـتُبْ رِوايَتَكَ العَجِيْبَـةَ إنْ تَشَـأ
فبِحِبْرِهـا يَتَلَـوَّنُ الحُـلُمُ الكَـئِيْـبُ
دَوِّنْ بها ما شِـئْتَ مِـنْ مَلْهـاتِـنا
فبـها تَرُوْحُ قَـوافِلٌ (وبـنا) تَـؤُوْبُ
يَتَحَدَّقُ الأُدَبـاءُ في حَـدَقِ السُّـهَا
كَـيْ لا تُرَى أسماؤُهُمْ فتُرَى ثُـقُوْبُ
أو فلتَكُنْ أُنْثـاكَ خَمْـرَ مُسَلْسَـلٍ
خَـدَرًا تُتَلْفِـزُ حاضِرًا خَطِرًا يَطِيْـبُ
تَسْـقِيْ العُيُوْنَ عُيُوْنُـها في مَهْمَـهٍ
مِنْ سُـكَّرِ الآثـامِ فـيهِ تُـقًى نَذُوْبُ
صُـغْ مِنْ ريـاحِ الشَّـرْقِ أُغنيـةً
ولكنْ لا غِـناكَ شَجَا ولا فينا طَـرُوْبُ
ذُبِـحَ البَيـانُ، وأُحرقتْ خَيلُ القوا
في ، قيـلَ: قاتلـةٌ ، وفارسُها رَهِيْبُ!
لا شِعـْرَ في الشِّعْـرِ، ولا النَّثْرُ بـِهِ،
وتَحَرْبَـأَ المَوْهُـوْبُ فـينا والكَذُوْبُ
أُفٍّ لكُمْ ! قـامَ المُغَـنِّي مُغْضَـبًا،
ومَضَى يَلُوْكُ حُروفَـهُ، ورَنَـا الرقيبُ!
أَسَـفًا على تَصْـهَالِ أحلامـي التي
دلّهتُهـا بشَـبابِ أُنثـى لا تَشِـيْبُ!
أسـفي على أسـفي علـيكُمْ أُمَّـةً
لا تَسـتحقُّ مدامعـي! فبما أجـيبُ؟!