بعد فوزه بجائزة شاعر مكة في نقد الشعر، د. عبدالله الفـَيفي:
|
|
وقد حصل د. الفيفي علي جائزة النقد عن كتابه "الصورة البصرية في شعر العميان"، الذي أثبت فيه تفوق الشعراء العميان علي المبصرين في كثافة تلوين الصورة البصرية وأن الأنساق الفكرية والأعراف الاجتماعية والتوليدات اللغوية تعتبر الأقدر على إنتاج الصور الشعرية والأجدر بصياغة التخيل الإبداعي. ولأن هذه الدراسة النقدية مثيرة ولافتة للاهتمام كان لنا مع صاحبها هذا الحوار: - ما الدافع لاختيار هذا الموضوع؟ ــ تحاول الدراسة أن تبحث قضية الإبداع الشعري من حيث علاقته بالواقع الحسي من جهة والتمثّل الثقافي من جهة أخرى ليجيب عن السؤال الآتي: هل العمل الشعري يتوقف على الإدراك الحسي أم أن هذا الأخير قد يشكّل عائقًا للإبداع؟ - هل كان لديك دافع شخصي في هذا الاختيار؟ ــ لا، لم يكن هناك موقف شخصي بقدر ما كان موقفًا نقديًّا.. فنحن نعلم أن بعض البلاغيين العرب كانوا ينظرون للصورة على أنها نقل للواقع، تكتسب الأهمية الإبداعية بمقدار اقترابها من الواقع وكأنما وظيفة الأدب هي تذكيرنا بأشياء رأيناها وعرفانها. أما الرؤية النقدية الحديثة فهي التي تقيس الإبداع بمقدار ارتفاعه عن الواقع والتسامي به إلى واقع يبنيه الإبداع. وهذه القضية كانت المحرك وراء هذا البحث، لذلك اخترت الصورة البصرية في شعر العميان ومقارنتها بالصورة البصرية في شعر المبصرين، بوضعهما علي محك المعايير الإبداعية، لأجد أن العميان تفوقوا على المبصرين؛ لأنهم يتعاملون مع اللغة وباللغة ويتحررون من قيود الواقع علي الخيال الإبداعي. وقد تناولت الدراسة التصوير البصري لدى العميان منذ الجاهلية حتى الآن وفق شروط وضعتها . - ما هذه الشروط؟ ــ لا بد أن يكون الشاعر قد ولد كفيفًا أو فقد بصره في طفولته مثل بشار بن برد ، أبو العلاء المعري، الحصري القيرواني، الأعمي التطيلي، عبد الله البردّوني، والأخير شاعر يمني معاصر توفي قبل عام واحد. وتأتي طرافة الدراسة من المفارقة بين أن يكون الشاعر قادرًا على التصوير والتفوق علي المبصرين في حين أنه يفتقد الأداة التي يعتمد عليها في تكوين الصور. وقد بدأت الدراسة عام 1990، وأنجزت عام 1993، ضمن أطروحة دكتوراه، ونشرت عام 1996. - هل كانت نتائج الدراسة متوقعة لك كناقد؟ ــ بالتأكيد لم أتوقعها وهذا ما يسعي إليه أي باحث، فقد ظننت أن المقارنة بين مجموعة من الشعراء العميان والمبصرين ستنتهي إلى أن نجد تعادلاً في المستوى إذا أفرطنا في التفاؤل، لكن الدراسة الإحصائية التي أجريتها انتهت إلى تفوق العميان على المبصرين بناءً علي المعايير الفنية وليست المعايير الحسية. فالشاعر الجيد هو الذي يتعامل مع اللغة على نحو غير مسبوق، ومن ثم يجعلنا نرى الأشياء وكأننا نبصرها لأول مرة. - أنت شاعر، هل ساعدك كونك شاعراً علي نقد الشعر؟ وكيف ترى العلاقة بين الشاعر والناقد؟ ــ لا بد أن يمر الإنسان الناقد بمرحلتين، الأولى مرحلة وضع المعايير العلمية البعيدة كل البعد عن أي ميل أو اتجاه فني يختص به بوصفه شاعراً، فإذا استقر له هذا المنهج وأمسك بخيوط العمل علمياً، فمن حقه أن يتذوقه وأن يُعمل فيه ملكاته كلها بما في ذلك موهبة الإبداع الشعري. - هل هي المرة الأولى التي تتقدم فيها لجائزة أدبية؟ ــ الباحث العلمي لا ينظر للقيمة المادية.. وهذه الجائزة قيمتها مختلفة تحمل رمزاً من رموز الثقافة راعيها الشيخ يماني وتحمل رمزاً قوميّاً ودينيّاً هو القدس. - هل للشعر الخليجي خصوصية تميزه عن سائر الشعر العربي؟ ــ لا أحب هذه التسميات الجغرافية، كله شعر عربي، فإذا جاز لنا أن نستخدم عبارة "الأغنية الخليجية"، فهذا لا يجوز في الشعر. أما الملامح الخاصة للتراث الخليجي فهي ملامح تثري هذا الشعر في إطاره العربي، وإن كنا اليوم نجد أن الشخصية العربية قد تواصلت بعضها مع بعض، ولم تعد الإقليمية قائمة كثيراً، وهذه الظاهرة إيجابية. - هل الشعر العربي لا يزال محليّاً لم يرق للعالمية؟ ــ الأمر يتوقف علي فهمنا للعالمية، فالشعر العربي عالمي حتى ما كان منه جاهليًّا، فقد تأثر الشاعر الألماني جوته بشعراء الجاهلية، ونظر إليهم على أنهم شعراء إنسانيون وعالميون. نقلاً عن صحيفة "القاهرة" تيارات عربية، ص 6، الثلاثاء 13 نوفمبر 2001. |
|
شكراً لزيارتك هذه الصفحة! أنت الزائر رقم:
FastCounter by bCentral |
جميع الحقوق محفوظة ©