|
|
تنظر الأُمّم الراشدة إلى أن أهم قيم الاستثمار هي تلك الموجّهة إلى الاستثمار في الأجيال الصاعدة التي ستصنع من خلالها المستقبل. ودولتنا- أعزّها الله- دأبت على تبني تلك النظرة؛ ولذلك كان للطلبة الجامعيين في ميزانيتها نصيب، لا يصدّقه شاب في بلد آخر، حيث يَدفع الطالب مقابل تعليمه الجامعي. ولقد يرى بعضٌ أن مكافآت الطلبة الجامعيين- فوق تعليمهم المجاني- باتت اليوم ترفًا، وأن بالإمكان استثمارها في مجالات مختلفة لتحسين أداء الجامعات، وربما استشهد بحكاية الأب الذي سعى إلى "تعيين ابنه طالبًا" في إحدى الجامعات، حين تعذّر عليه أن يعثر له على وظيفة! لكن تلك الرؤية إلى عدم أهمية المكافأة تبدو هي نفسها المترفة، أو قل إنها لا تنظر إلا إلى نصف الكأس أو ربعه أو ثمنه، أي إلى شريحة من الطلبة هم بالفعل في غنى عن المكافآت. غير أن الشريحة العظمى في أمس الحاجة إليها، لا لانتمائهم إلى أسر فقيرة أو محدودة الحال فحسب، ولكن أيضًا لأن كثيرًا منهم يفدون إلى الجامعات من الأرياف والقُرى البعيدة، ولولا تلك المكافآت لتعذّرت عليهم مواصلة الدراسة. بل إنها- في حجمها الحاليّ- لا تغطّي حاجاتهم، ولا سيما مع تقلّص فرص الإسكان الجامعي، وحاجة الطالب إلى الاستئجار، ولو من الجامعة نفسها، التي كانت قبل سنوات تؤوي كثيرًا من الطلبة مجّانًا، مع ما تقدمه من تغذية، ونقل، إمّا مجّانًا أو بأسعار زهيدة، هذا إضافة إلى الكُتب المجانية أو الميسّرة.. ومعظمنا إنما نَعِم بتلك الرعاية الكريمة، التي كانت- بعد الله- مهاده إلى مواصلة الدراسة الجامعية. |
|
شكرًا لاطّلاعك على هذه الصفحة! |
جميع الحقوق محفوظة ©