يعاني طلابنا وطالباتنا في مختلف المراحل الدراسية- كما يعاني أولياء الأمور- من مشكلات النقل المدرسي في كافة مدن المملكة وقراها، ويستنفد ذلك منهم الجهد والمال. وليس بخاف ما يستفرغه الأمر أيضًا من الطاقات العامة للوطن، وما يتسبب فيه من تعطيل كثير من أولياء الأمور عن أعمالهم، كما ليس بخافٍ أنّ عدم قيام نظامٍ للنقل المدرسي، (شاملٍ وآمنٍ)، يؤدي إلى اختناقات في حركة المرور، وحوادث يومية يؤسف لها، ووفيات تتفطر لها القلوب، ولاسيما في قطاع تعليم البنات.
ولقد جرى الإلف في حياتنا المؤسساتية على صرف النظر عن مشروعية تنظيمٍ ما لتحقيق تحسين أو تطوير في المجتمع، إذا ما صادفت التجربةَ الأولى بعضُ المعوقات. ولهذا، فمن الوارد أن تحيل وزارة التربية والتعليم إشكاليةً كهذه إلى وزارة النقل، وهذه الأخيرة تعيدها إلى وزارة التربية والتعليم. بل من الوارد المشترك بينهما أن تُعلّقا مسألةً كهذه بنقص الاعتمادات المالية، ومن ثم تُناط بوزارة المالية. وربما احتُجّ بأنها كانت لوزارة التربية والتعليم تجربةٌ، أو محاولةٌ، باءت بالفشل- من وجهة نظر الوزارة على الأقل- لسببٍ أو لآخر. وعليه، سيُقفل الباب إلى ما شاء الله. أقول هذا من واقع المعايشة لما يُثار في مجلس الشورى من نقاشات وتوصيات حول هذا الموضوع كلما طُرح، تارة مع التقرير السنوي لوزارة التربية والتعليم، وتارة أخرى مع التقرير السنوي لوزارة النقل.
إن التنسيق بين الوزارتين المذكورتين لتحقيق ذلك الهدف المنشود منذ سنين، أو حتى لترتيب الأمر في ذلك مع القطاع الخاص- حسبما لاح مؤخرًا في الأفق، وفق ما تناهى إلى الأسماع- لهو أمرٌ بات من الإلحاح الشديد بمكان. إذ يأتي تأمينُ النقل المدرسي مكمّلاً لتأمين المدارس والمناهج في هيكلية مطالب الارتقاء بالبنى التعليمية في المملكة. على أنْ لا يكون النظام المرتقب تجربة متعثرةً كسابقاتها، بل يكون: تأسيسًا جديدًا لنظامٍ فاعل وشامل. و"النظام" يقتضي: الدقة، ومراقبة الأداء، و"الفعالية" تقتضي: الجودة، والصيانة، والاستمرارية، بحيث يستطيع الناس الاطمئنان إلى نظام النقل ذاك وهم يدفعون إليه بفلذات أكبادهم، و"الشمولية" تعني: شمول مناطق المملكة، كما تعني: شمول كافة مراحل التعليم.
.. لعلّ غدًا لناظره قريب، كما يُقال!
د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي
( عضو مجلس الشورى – الأستاذ بجامعة الملك سعود )
22/ 12/ 1426هـ
|