تحلية المياه المالحة: شوريّات: إضبارة أ.د.عبدالله الفـَيفي



مداخلة حول تقريري المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة
23/ 24 - 24/ 1425هـ


إن قضية المياه من الأهمية بمكان لا يخفَى. ولقد أَوْلَت حكومة المملكة عناية كبيرة بهذا الأمر، إيقانًا بأن أهمية مشاريع تأمين المياه في بيئة تغلب عليها الطبيعة الصحراوية تفوق أهميّة مشاريع النفط في حياة المواطن. بل إن مستقبل منطقة الشرق الأوسط عمومًا في مجال المياه مستقبلٌ تدلّ مؤشّراته على ضرورة إيجاد البدائل في المصادر؛ فكيف إذا كانت البيئة كبيئتنا تمثّل مياهُ البحر وتحليتُها خيارها الواقعي الفريد. ومع تلك العناية التي أولتها الدولة لقضية المياه، فالأمر جدّ خطير، ويتطلب مزيدًا من الدعم والتطوير لقطاع المياه. إن منطقة كجازان- على سبيل المثال- ما تزال تعاني من ضعف إمداداتها بالمياه المحلاّة، على الرغم من أنها منطقة شاسعة، متنوّعة المناخ والتضاريس، حاجتها ماسّة إلى المياه المحلاّة، في ظروفٍ لم يعد للمياه الجوفية دورٌ يُذكر في إمداد المياه، وسنين جفاف تمرّ بها المنطقة بين فترة وأخرى. ومع ذلك فليس هناك إلا محطة الشقيق، التي تُغذّي مناطق عدة، منها: أبها، وظهران الجنوب، وغيرهما. أمّا مشروع فرسان (محطة فرسان2)، فهو مشروع لم ير النور بعد، ناهيك عن أنه يقع في مكان ناءٍ وسط البحر، وهي نقطة بعيدة جدًّا عن إمكانية إمدادها للمَواطِنْ النائية، فضلاً عن الصعوبات التي تواجهها الحلولُ الأخرى لمشكلة المياه، مثل الاعتماد على تأمين المياه بالصهاريج من الأودية، كمكرمة خادم الحرمين الشريفين للسُّقيا في منطقة فَيْفاء وبني مالك، التي تعثّر تنفيذها المفترض طيلة السنوات الماضية؛ لأسباب عِدّة. على أن تلك المياه- بطبيعة الحال- غير صالحة للشرب، إلا أن المواطن قد يضطر إلى استعمالها.. إن هو وَجَدَها! ولعلّها من عوامل انتشار بعض الأمراض الغريبة بين الأهالي في تلك المنطقة في السنوات الأخيرة. وعليه، فإن تحقيق المطالب الوطنية في تأمين المياه لن يتم ما لم تكن هناك خطة وطنية شاملة لحل مشكلة المياه في المملكة، وهو ما يتطلّب الدعم المالي الكافي، وتأسيس محطات تحليةٍ للمياه، إضافة إلى رفع طاقة المحطات القائمة؛ كي تكون تحلية المياه كفيلة بتغذية كل مدن المملكة وقراها، مع التغلّب على الصعوبات التي تواجه إيصال إمدادات المياه إلى بعض المناطق النائية والوعرة. ولهذه الأسباب، فإني لا أرى توصيات لجنة المياه بمجلس الشورى- المحصورة في نطاق الآمال المبدئية والنظرية- ترقى إلى مستوى أهميّة الموضوع، دون اقتراحها آليّات عمليّة وواقعيّة لتحقيق الأهداف المنشودة، بما في ذلك رسم إستراتيجية عامة لفتح باب ضروري من إسهام القطاع الخاص بفعالية في هذا المجال الحيوي.

د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي
( عضو مجلس الشورى )
في 20/ 2/ 1427هـ



للتعليق على الموضوع: اذهب إلى ساحة نقاش الإضبارة!

شكرًا لاطّلاعك على هذه الصفحة!

جميع الحقوق محفوظة ©